إن محاولة أي باحث موضوعي لتأطير مفهوم ما، في محددات معرفية، أمر بالغ الصعوبة؛ فكيف بمفهوم ساخن كـ”الطائفية”، يكتنفه الكثير من الغموض والالتباس والتداخل الشديد، وذلك بسبب تعدد مرجعياته، وتنوع مصادره وتحولاته الدلالية من زمن لآخر. فالطائفية في التناول التراثي، المستند إلى تقسيم الأفكار إلى ملل ونحل، يختلف كلياً عن الخبرة التاريخية التي طالت المفهوم في تناوله المعاصر، وذلك فيما بعد نشأة الدولة العربية الحديثة، كما هو مختلف في الوقت ذاته عن التناول الغربي للمفهوم، قبل وبعد نشأة الدولة القومية، ومع اختلاف المدارس المرتبطة بتيارات الحداثة وما بعدها.
إستمع