في ظل تصاعد القلق من الإرهاب، يتمّ استعادة أسئلة رئيسة حول نهاية الجماعات الإرهابية وتأثير إجراءات مكافحة الإرهاب. تحظى قضية استهداف زعماء الجماعات الإرهابية بأهمية متزايدة في أروقة البحث في علوم الإرهاب.
استهداف زعماء الجماعات الإرهابية إجراء مهم ضمن إجراءات عمليات مكافحة الإرهاب، وربما يكون واحدًا من أقدمها، وأقربها إلى المزاج العسكري العملياتي الذي يتولى التعامل الميداني مع مكافحة الإرهاب على الأرض، وله أنصار كبار من قادة الدول؛ لأنّه يقدم فرصة لإعلان نصرٍ مؤقت على الجماعات الإرهابية، والتي طالما بقيت فإنها تهدد المشروعية السياسية للقادة.
والاستهداف له وجوه أبرزها القتل أو الاعتقال. وتُطرح هذه القضية ضمن إجراءات مكافحة الإرهاب، حيث جرت دراستها لمرات عدة، كلها يُبدأ بتحليل نتائجها عبر انتخاب مجموعة من النماذج لحالات تم فيها استخدام سياسة اغتيال أو اعتقال زعيم الجماعة الإرهابية.
تنظر الأجهزة الأمنية وقادة الدول إلى زعماء الإرهاب بوصفهم رؤوساً مهمين، وظلّت هذه النظرة تسيطر على القيادات الأمنية، منذ بداية مواجهة الإرهاب في طوره اليساري وصولاً إلى الطور الأخير لإرهاب القاعدة وداعش، إذ يقدّم الباحثون اعتقال الجيل الأول من قيادات الجيش الأحمر الألماني Rote Armee Fraktion في العام 1972، واعتقال أبيمال غوزمان Manuel Rubén Abimael Guzmán Reynoso في البيرو، ومقتل أبي مصعب الزرقاوي في العام 2006، وأسامة بن لادن في العام 2011 كأمثلة، كما يمكن ضم مقتل فيلوبيلاي برابهاكاران زعيم نمور التاميل، الذي جنّد المئات لتنفيذ عمليات انتحارية قبل أن يقتل في 2009.
أخضعت هذه الحالات إلى دراسات متفرّقة، لقياس تأثر الجماعات الإرهابية بموتهم، واستهدافهم. ولكنّ هذه الدراسات تظل عديمة الشعبية، في ظلّ هالة الانتصار المعنوي التي يحرص السياسيون على استغلالها، بعد مقتل أيّ زعيمٍ إرهابي لجماعة، إرهابية.
لماذا يحتفي السياسيون بإجراء استهداف قادة الجماعات؟
إن المجال السياسي هو الذي يؤكد أنّ الاغتيال يُضعف الجماعات، وذلك يمكن أن يُقرأ مثلًا في تصريحات الحكومة الإسبانية، حينما تلا رئيس الوزراء خوسيه لويس رودريغيث ثباتير (José Luis Rodríguez Zapatero) بيانًا في أعقاب اعتقال القيادة العملياتية لمنظمة ETA، فقال بأنّ هذه العمليات النوعية دمّرت المنظمة وجعلتها أكثر ضعفًا. وكذلك فعل Juan Manuel بعد اغتيال Alphonso Cano في 2011. وغني عن الذكر ما قالته الإدارة الأميركية عقب مقتل ابن لادن، وتداول الباحثون في تلك اللحظات بنشوة أخبارًا أكدت انتهاء الإرهاب إلى الأبد. هكذا بضربةٍ واحدةً، وهذا الخيار بالرغم من أنّه يبالغ جدًا، إلا أنّه ليس خطأ على طول الطريق.
من اليسير الانتباه إلى أنّ السياسيين في موقع المسؤولية ينظرون إلى عملية اعتقال قيادة المنظمات الإرهابية بوصفه إنجازًا، لظنهم أن المنظمات مرتبطة بالقادة. وقد يكون هذا صحيحًا في ظل المنظمات التي قد تعجز عن اختيار البديل لضعف الخبرة أو انعدام الخيارات.
يعضِّد هذا الاتجاه طغيان القيادات الكارزمية على الجماعات الإرهابية، تحديدًا تلك التي تنطلق من أسس دينية؛ مثل أسامة بن لادن، وقائد طائفة أوم شينريكيو (الحقيقة السامية) اليابانية. ففي هذه الحالات يغلب الإحساس بأن القضاء على القيادة سيُنهي الجماعة التي تتغذى من قوته، خاصةً إذا كانت الجماعات مَهدَويّة خَلاصيّة ترتبط بالزعيم نفسه.
الموجة القديمة: لماذا يرونها استراتيجية ليست فعالة؟
الجماعات المهدوية، كحركة جهيمان (1979) على سبيل المثال، كانت تعتمد على شخصيات مركزية، ممثلةً في المهدي المزعوم والزعيم الكارزيمي، فقتلهما يؤدي غالبًا إلى نهاية الحركة. ولكن هل يوقف هذا سيل الإلهام أو يؤدي في كل الحالات إلى نهاية الجماعات الإرهابية؟ الإجابة عن هذا السؤال تحتاج إلى النظر إلى الدراسات التي قارنت بين الجماعات وحللت أسباب نهايتها. لقد قامت جينا جوردان (Jenna Jordan) بعمل رائع في 2009، حينما كتبت عن تقييم استهداف رؤوس الجماعات الإرهابية؛ فبدأت بتقييم نحو (300) حالة للقيادات بين العامين 1945 و2004، وانتهت إلى نتيجة ظلّت تزود الباحثين بعدها، وهي أنّ السياق هو الذي يحكم النتائج.
ولكن يمكن تلخيص ما تقوله بأنّها لا تميل لاعتبار اغتيال زعماء الجماعات الإرهابية أمرًا يؤدي بالضرورة إلى انهيار التنظيمات، كما لا تتفاءل بالنتائج. ولكن ما هي التفاصيل التي قدمتها؟
كانت البداية بالحديث عن معيار النجاح؛ فالنجاح بالنسبة لجوردن حُدِّد بانقضاء عامين بعد الاعتقال أو القتل لزعيم الجماعة دون أن يكون للجماعة نشاط مؤثر أو عمليات حقيقية. ووفقًا لتحليلها الإحصائي، خلُصَت إلى نتائج مفادها أن النجاح مرتبط بحجم ونوع الجماعة. لقد وجدت أن الجماعات الأصغر عمرًا والأقل حجمًا يتأثر الاستقرار فيها، بعد اغتيال الزعيم، بشكل أكبر من تلك التي تفوقها عمرًا وحجمًا.
ويبدو أن المنظمات الإرهابية ذات الأجندة الدينية، قادرة على مقاومة فقدان زعمائها إذا كان لهم الفرصة لتسجيل وتدوين تعاليمهم بشكل راسخ؛ حيث إن (90%) من الجماعات الانفصالية ظلّت فاعلة بعد الاغتيال أو الاعتقال، ولم يتأثر سوى ثلث الجماعات الأيديولوجية المبنية على أيديولوجيا يمينية أو يسارية. وتخلص جينا جوردان إلى أن الجماعات الإرهابية التي شهدت عملية اجتثاث انهارت في (18.6%) من الحالات، في حين أن تلك التي لم تشهد عملية اجتثاث انهارت في (70%) من الحالات. وتستند نتائج جوردان إلى التحليل الكمّي لـ(298) عملية استهداف لست وتسعين من القيادات بين 1945 و2004.
يؤدي الاستهداف إلى نتائج عكسية في بعض الأحيان؛ فقد يزيد من تماسك الجماعة الإرهابية، ويعزّز التعاون داخلها، ويطلق حملات الانتقام التي تتناغم مع مكونات الإرهاب الأساسية، والأخطر من ذلك أنه ربما يقود إلى “تعاطف شعبي” مع الزعامات الإرهابية إذا رافقته حملة إعلامية غير مناسبة.
لذلك، يبدو مفهومًا، أن تسدى النصائح بضرورة ضبط الخطاب الرسمي بعد النجاح في مثل هذه العمليات، حتى لا يؤدي غلى خلق حالة تضامن، ولو كان مكتوماً.
وجدت دراسة أجرتها ليزا لانغدُن، وألكسندر شارابو، وماثيو ولز (Lisa Langdon, Alexander Sarapu, Mathew Wells) أن (25.8%) من المنظمات الإرهابية انهارت في أعقاب مقتل قائدها أو أسره.
وتُستمدّ هذه النظرة من تقييم فقدان (35) قائداً في (19) جماعة سياسية واجتماعية وانفصالية، تضمّ مائة أو أكثر من الأعضاء، منذ العام 1750 إلى الوقت الحالي.
تغيير الزمن ومعايير النجاح يغير النتائج
وفي دراسته في العام 2012 بعنوان (كيف يسهم استهداف رؤوس المقاتلين في مكافحة الإرهاب؟)، قال براين برايس: إن هذا الإجراء له مكانة بارزة في العديد من استراتيجيات مكافحة الإرهاب، وقد أولاه الأكاديميون اهتماماً كبيرًا، ومالوا لرفض اعتباره إجراءً فعّالاً لمكافحة الإرهاب. ويعزو برايس ذلك إلى خلل في نظر الأكاديميين، تحديدًا بسبب تركيزهم على فترة صغيرة؛ فالتأثيرات النسبية قصيرة المدى، كما هو الحال في دراسة السيدة جوردن والتي حددتها بسنتين، لا يمكن أن تكون حكماً عادلاً في نظره. وقد أدخل في دراسته عامل “ارتفاع نسب الوفاة” داخل الجماعة كعنصر للانحياز لعملية استهداف رؤوس الجماعات؛ بالإضافة إلى عامل “أن يحدث الاستهداف في السنة الأولى”، والذي يجعل التأثير كبيرًا؛ فالجماعة الإرهابية كلما تقدّم بها العمر صارت أكثر قدرة على التكيّف مع التغيرات. كما نفى تأثير حجم الجماعة في تعافيها من استهداف زعيمها أو عدمه، وجادل بأن الجماعات الدينية أكثر عرضة للتأثر قياسًا بالجماعات اليمينية واليسارية الأخرى؛ هذا بعد تغيير عامل الزمن الذي حددته جوردن أعلاه.
هنا يساعدنا المقدّم في الجيش الأميركي نود تيرنر، وهال براندز، في دراستهما؛ فهما يتفقان مع برايس، ويعتقدان أنّ استبدال قادة الإرهابيين صعب؛ لأنهم يقودون منظمات سرّية عنيفة وقائمة على القيم، وهذه الجماعات أكثر تماسكاً بسبب العنف ومخاطر أن تصبح هي نفسها ضحيّة. وتعتمد المنظمات الإرهابية اعتماداً شديداً على قادتها الكارزماتيين؛ لأن أنشطتها غير القانونية تمنعها من استخدام القواعد والقوانين المتعارف عليها لتحكم سلوك أعضائها، كما أن قادة المنظمات التي تستند إلى القيم يحتاجون إلى مجموعة فريدة من المهارات، خلافاً للمنظمات القائمة على الربح، والتي لديها حافز مالي لحفظ تماسك المنظمة. ومن دون حافز مالي، فعلى القادة المعتمِدين على القيم أن يقدّموا لأتباعهم رؤية ورسالة واستراتيجية تُثير حماسة الجماهير نحو العمل الجماعي العنيف. من ناحية أخرى، إذا أضْفَت منظمة إرهابية شكلاً رسمياً على عملياتها، فإن قادتها يُعرّضون أنفسهم لمخاطر الوقوع في قبضة الدولة أو جماعة منافسة، وإذا درّبوا عناصرهم على أداء مهامهم، فإنهم يخاطرون بأن يزيحهم عن السلطة أحد من داخل الجماعة.
يَخلُص برايس إلى أن نجاح استهداف رؤوس الإرهابيين، مثله مثل العديد من التدابير الأخرى يعتمد على السياق؛ فقد يعمل الإجراء في حالة بينما يكون عكسيًا في حالة أخرى. وهناك أمثلة على نجاح ذلك؛ مثل القبض على زعيم جماعة أوم في اليابان، وكذلك قائد “الدرب الساطع” في بيرو، و”الجيش الجمهوري الإيرلندي الحقيقي”، حيث أسهمت هذه الاستهدافات، بشكل جزئي، في إيقاف الجماعات. ولكن لدينا أيضًا أمثلة على فشل هذا الإجراء؛ إذ يشير الباحثون إلى حالة حماس مثلاً، وحالة الجيل الأول من الجيش الأحمر الألماني؛ العملية التي ولّدت إرهابًا أكبر.
استهداف الرؤوس: استراتيجيات متعددة وليست واحدة
إذًا، لا يزال المجال يحتاج إلى تفكير أعمق؛ فالرؤوس ليست متساوية، وسياقاتها متفاوتة بين الجماعات المتباينة. ولكن حتى داخل الجماعة الواحدة، ربما يكون استهداف القيادة محسوبًا لفرض تغيير النظام لمجيء خلف أفضل، وربما يستهدف الجناح السياسي في الحركات لخلق ظروف حدوث انقلاب داخلها، كما أن التخلص من الرؤوس العسكرية يؤدي بالضرورة إلى تسريع خطوات استسلام القيادات السياسية.
وقد شهدت قصة مكافحة إسبانيا لـ ETA كل هذه السيناريوهات، خاصةً في فترة لجوء أعضاء المنظمة لفرنسا في عهد الرئيس ميتران. وقد دفعَت تفاصيل كثيرة جهات في الداخلية الإسبانية لإطلاق منظمة GAL؛ جماعة التحرير المناوئة للإرهاب، والتي انطلقت في 1983، وهدفها تصفية أفراد ETA داخل فرنسا، حيث تمّ اغتيال (27) ناشطًا باسكيًّا منتمٍ للمنظمة بفرنسا. وبالطبع، تمّ التخلص من منظمة GAL بطريقة نظامية، حوكم بسببها وزير الداخلية ومسؤول الأمن لاحقًا. وقد حَقّقَت هذه الخطوة نجاحات في تحجيم إيتا التي تحوّلَت إثرها لمنظمة سريّة، وأعادت ترتيب صفوفها، وحوّلت المعركة إلى قلب مدريد خارج الباسيك.
وربما لا يسير استهداف الرؤوس كما هو مخطّط دائماً. فعلى سبيل المثال، غالباً ما يُستشهد بتوقيف فرنسيسكو غارمنديا (قائد عسكري)، وخوسيه سانتاكرستينا (قائد سياسي)، وخوسيه إروستاربي (قائد لوجستي) على أنها ضربات للقوميين الباسيك والمنظمة الانفصالية المعروفة باسم أوسكادي تا أسكاتاسونا (وطن وحرّية الباسيك، إيتا)، لكن المنظمة أصبحت في الواقع أشدّ عنفاً، وظلّت نشطة لمدة (18) سنة بعد إلقاء القبض على قادتها.
مدارس الإرهاب تتنازع: الدراسات العسكرية وأحقية الميدان
إن الذين يدرسون الإرهاب من خلفية عسكرية، لديهم اندفاع مخيف تجاه تنفيذ العمليات ضد الزعماء، أمّا الذين يدرسون حركة الجماعة والظروف النفسية للإرهاب، فيحاولون وضع العملية في سياقها، باعتبار أنّ الاغتيال قد يفاقم الأمور، خاصة في الجماعات التي تَعدّت مرحلة الاعتماد على الزعيم في العمليات المؤسسية. لذلك، يجيب د. هال براندز عن سؤال (لماذا لا تزال القاعدة مستمرّة في أعقاب مقتل الزرقاوي؟)، بالقول بأن الزرقاوي مَأْسَسَ الأدوار الإلهامية والتنفيذية في المنظمة، مما قلّل من أثر خسارته، وبما أن الزرقاوي كان الخبير الاستراتيجي التنفيذي، لا القائد الأيديولوجي السلفي، فإن إزاحته لا تؤثّر في المنظمة إلا إذا لم يكن هناك أحد آخر يقوم بدور الخبير الاستراتيجي التنفيذي. بعبارة أخرى: ينجح اجتثاث الرؤوس إذا كان القائد يمتلك مهارات لا يمتلكها أحد سواه. وربما يساعد ذلك في تفسير لماذا تبْقى (70%) من المنظمات ناشطة في أعقاب عمليات استهداف الرؤوس القيادية.
تتمايز التنظيمات الإرهابية في الهيكل العام لها، ويتوزع دور قائدها حسب التنظيم، كما أن نوعه يختلف حسب شخصيته وتاريخه أيضًا؛ فثمة قائد يضع ذاته كمحور للحدث، ولكنه يسمح بوجود امتدادات أخرى تغذي صورته، فيكون ثمة قائد أيديولوجي كاريزمي وآخر ميداني. وهناك جماعات أخرى يعتمد هيكلها على حلقات وشبكات منفصلة عن بعضها مثلاً. كما أن هناك النموذج العنقودي الذي يرتكز على الخلية.
وتتناسب خطورة فقدان القائد طرديًا مع انعدام الشفافية داخل التنظيم الإرهابي، وغياب النظام الأساسي الذي يرتب انتقال التنظيم، أو وجود ضبابية في ذلك أو خلاف حول المعايير الأساسية؛ كما هو الحال لدى التنظيمات الجهادية التي تتنازع الخلاف حول شروط الأمير والخليفة وغيرها.
وأيضًا، فعملية قتل القادة تؤدي أحياناً إلى انتشار التنظيم، وتفعيل القيادات الطرفية، ودخولها في تنافس حول أحقية القيادة، كما جرى في حالة أسامة بن لادن أثناء اختفائه الكبير وبعد مقتله.
خلاصة
ثمة حاكم رئيس لكل النقاشات حول قضايا الإرهاب ومكافحته، وهي خلفية الباحث والأدوات التي يستخدمها، وتبدو فكرة الدولة وقدسيتها هي الأساس الذي يركن إليه كل الباحثين بقصدٍ أو بدونه. ولكن ثمة اهتمام متصاعد يتناول قضايا الإرهاب من جانب حقوق الإنسان؛ لا باعتبار الناشطين الحقوقيين، ولكن باعتبار حقيقة أنّ الإرهابيين في شِقّهم السياسي يعتمدون على مزاعم اضطهاد شعبهم، وهم يخرقون القانون للدعاية لذلك. والباب الذي يتمّ تجريمهم عبره هو باب خرق القانون وتجاهل الوسائل القانونية لعرض وجهة النظر. وهنا يجادل المنطلقون من باب حقوق الإنسان هذا؛ بأنّ تجاهل الدولة له واعتمادها على الاغتيال تحديدًا دون المرور عبر وسائل الضبط والإحضار والمحاكمات، يمنح الإرهاب ماءً يغذي جذور الحنق المتحوّل إلى أيديولوجيا، ولذا يرفع البعض أصواتهم بضرورة النظر إلى أن سياسة الاغتيالات تحرم “الضحايا” من العدالة التي ينتظرون تطبيقها، متمثلة في محاكمة قادة الجماعات الإرهابية؛ إيقافًا لهم على حقيقة ما اقترفوه، وإذعانًا لهم كما فعلوه مع الخصوم، وإظهارًا لما خفي من وجوه الحقيقة، علّ في معرفتها تعزية لمن بقي من أجيال الضحايا وشفاء لتساؤلاتهم.
ويبقى القول: لا تموت الجماعات مع زعمائها دائمًا، إنما تموت عبر حزمة متكاملة؛ تفكك مشروعيتها السياسية، وتخاطب مشروعيتها الفكرية، وتزيل تأثير القيادة المتطرفة باختراع قيادات وسيطة.