كنا تناولنا الشأن العراقي في أكثر من كتاب من كتب مسبار الشهرية:الطائفية، وشيعة العراق، والتعليم الديني، والإسلامية الكُردية.أتى الكتاب الأخير على حركة الإخوان المسلمين بواقعها العراقي الكُردي، وما تفرعت عنه من أحزاب، ومنظمات وحركات إسلامية، مازالت تعمل وتشارك في السياسة العراقية، من واجهة السلطة والمعارضة البرلمانية على حدٍ سواء، وما بقي ممثلاً للإخوان الكُرد هو الإتحاد الإسلامي الكُردستاني.
أما الكتاب الذي بين أيدينا فاعتنى بحركة الإخوان المسلمين على الصعيد العراقي العربي والتركماني، وممثلها في الوقت الحاضر الحزب الإسلامي العراقي عربياً وحزب العدالة تركمانياً، بعد الاكتفاء بما ورد عن الاتحاد الإسلامي الكُردستاني في كتاب الإسلامية الكُردية.
كانت دراسة الشيخ محمد محمود الصواف بالأزهر هي سبيل حركة الإخوان المسلمين إلى العراق، حيث عاد الصواف بعد اللقاء بالشيخ حسن البنا ليبدأ بتأسيس فرع الحركة العراقي، وكبقية عمل فروع الإخوان لا تبدأ الجماعة بتشكيل حزب سياسي، إنما العمل عبر الجمعيات الخيرية، لكنها فترة وجيزة ويحاول الصواف وجماعته الحصول على إجازة لتأسيس حزب سياسي، وقد رفض هذا الطلب طوال فترة العهد الملكي (1921 -1958).
وفي العهد الجمهوري أعيد الطلب، ليرفض، بسبب الانتماء إلى جماعة عاملة في دولة أخرى هي مصر، التي كانت على خلاف شديد مع العراق، بعدها قُبل الطلب عن طريقة المحاكم، ومنحت الإجازة لتأسيس الحزب الإسلامي كواجهة سياسية للإخوان المسلمين، إلا أنها فترة وجيزة ويزج بقيادة الحزب في السجن، وذلك بسبب تعرضهم للسلطة بقوة، ودعوة الحزب لإسقاط الحكومة وإشادة حكومة تتقيد بالشريعة الإسلامية.
كُتب هذا الملف بأقلام عراقية، ومن داخل العراق فقط، وتلك رغبة من المركز في تنسيق هذا الملف، كي يعكس واقع الحال، فالشأن العراقي مازال يكتنفه الغموض على البعيد عن ساحته. إلا أن الصعوبة التي واجهتنا في هذا الكتاب، بالذات، هي تكرار الموضوعات والمعلومات، على الرغم من اختلاف العناوين، وقد حاولت هيئة التحرير، حسب الإمكان، التقليل من هذا التكرار. كذلك ترانا استغنيا عن الكتابة حول شخصية العدد، وهو المؤسس محمد محمود الصواف، وذلك لمثوله في أغلب مواد الكتاب.
في هذا الكتاب بحث علي وتوت في صيروة الإخوان المسلمين، بعد مقدمة وافية عن الإسلام السياسي العراقي السابق، ثم حدد الظهور السياسي للجماعة بالحزب الإسلامي العراقي، ماراً على تاريخ العراق السياسي المعاصر وظروف إقامة الدولة الحديثة وطبيعة المجتمع العراقي، خاتماً بسرد مواقف وعلاقات الإخوان السياسية.
ومن جانبه بحث قحطان أحمد الحمداني بمادة مهمة وموثقة في تاريخ الحزب الإسلامي العراقي، كدراسة في الفكر والتنظيم الحزبي وتبيان المواقف التي تعرض لها الحزب في مسيرته السرية والعلنية، وقد حدد الفترة (1960 -1963)، وهي فترة التأسيس الحزبي، والمواجهة السياسة الحادة، باستغلال ليونة السلطة آنذاك، ذاكراً بالتفصيل الجذور التاريخية لوجود الحزب، متعرضاً لجماعة الإخوان المسلمين.
كان بحث خميس دهام حميد “الحزب الإسلامي.. دراسة في التنظيم والأفكار والمواقف” دراسة معمقة في تاريخ الحزب بداياته السرية، وعمله العلني، ثم ما تعرض له الحزب من مواقف بعد سقوط النظام، وتراجع عدد أعضائه، حسب ما يرى الباحث، بدخول مجلس الحكم، ومن المعلوم أن وسطه السُنَّي، بأغلبيته، لا يرى في ذلك المجلس سوى صنيعة أمريكية، وبالتالي فإن العمل السياسي تحت ظل الاحتلال هو خروج عن الثوابت التي دعا وعمل من أجلها الحزب، وجماعة الإخوان المسلمين عامةً.
وفي الحزب الإسلامي أيضاً كتب يوسف محسن تحت عنوان “الحزب الإسلامي.. صدام الهويات”، شارحاً التصورات التي أتى بها الصواف لوجود حركة شاملة إسلامية، إلا أنها اصطدمت بالواقع الطائفي، وبوجود إسلامين لا إسلاماً واحداً، وذلك حسب طبيعة المجتمع العراقي، كذلك كانت محاولات الصواف بين العسكريين لا تخفي الطموحات في السلطة السياسية.
وفي دراسة لجواد كاظم البيضاني يظهر دور الحزب الإسلامي العراقي في المعارضة السياسية، منذ بداية التأسيس وعروجاً إلى ما بعد حرب الخليج الثانية، حيث في التسعينيات، من القرن الماضي، أعلن الحزب معارضته الصريحة، ليكون قطباً من أقطاب المعارضة، لكن من دون تبني مشروع من مشاريعها، أو طرقها في إسقاط النظام السابق، مثلما حدث في أبريل (نيسان) 2003. كذلك في تاريخ ومسيرة الحزب الإسلامي العراقي كتب مازن لطيف حول المشهد العراقي المعاصر والحزب الإسلامي.
أما عزيز صمانجي، وهو سياسي تركماني عراقي، فكتب عن مشاهدة، وأخذ المعلومة من أُصولها، عن فرع الإخوان المسلمين التركماني في العراق، إلا وهو حزب العدالة، ذلك الحزب الذي يُعد امتداداً لجماعة الإخوان بكركوك، حيث الكثافة السكانية التركمانية، وظهر الحزب إلى الوجود بعد 2003، وتحت هذا الاسم، شارحاً تفاصيل نشأة جماعة الإخوان في كركوك منذ 1947، مؤكداً أن تلك الجماعة امتدت إلى القوميات العراقية الثلاث:العرب والكُرد والتركمان، أي من أهل السُنَّة.
هذا، ويختتم الكتاب، بدراسة شايع الوقيان تحت عنوان “معنى سؤال التخلف”، يحاول فيه الكاتب شرح السؤال، والوقوف على الحدود بين التطور والتخلف، وماهي عناصر كل منهما، ومَنْ له مقايسة ذلك وتحديده.