المصدر: دبي أنس مأمون
التاريخ: 17 فبراير 2014
شدّدت ندوة «الإسلام والحركات السياسية في روسيا» التي أقامها مركز المسبار للدراسات والبحوث في دبي أمس، على ضرورة توسيع الحوار الإسلامي إلى حوار «إسلامي أرثوذكسي»، وتطبيع العلاقات مع روسيا باعتبارها قوّة مؤثّرة، وحل قضيّة سوريا بمعية موسكو وتأطير الأقليات المسلمة تجنّباً لاستقطابها من قبل الجماعات الجهادية، متوقّعة ظهور الإخوان المسلمين إلى العلن في روسيا.
ووصفت الندوة مشهد الإخوان في روسيا بـ «البراغماتي»، لافتة إلى أنّهم لا يمثّلون أي إشكالية أو قلق كما السلفيون وتعتبرهم الدولة طيفا من الأطياف الأخرى، مشيرة إلى أنّ «تماهياً يحدث وأنّ الفجوة بين الحركات الإسلامية التي تؤمن بالعنف والحركات الإسلامية التي تنبذه بدأت تضيق».
ولفت البروفسور محمد الحدّاد أستاذ كرسي الأديان في منظّمة «اليونيسكو»، إلى أنّ «التاريخ الحديث اتجه إلى سقوط الإمبراطوريات الكبرى وقيام الدول الحديثة على أساس وطني وقومي»، مبيّناً أنّ «القرن العشرين شهد استثناءات أولها الاتحاد السوفييتي الذي قام على أساس أنّه إمبراطورية بطرقية جديدة، فيما الثاني البلدان العربية التي قامت على أساس مجزّأ ولم تتحوّل إلى بلدان يتحد فيها الجانب الحديث مع الرقعة الجغرافية بالفكرة القومية».
معاناة
وأوضح الحدّاد أنّ «روسيا اليوم تعاني مشكلة انفصالية إذ إنّ الاتحاد السوفييتي تفكّك والقيادة الروسية قبلت بجزء من التفكّك بإقرارها غير مقدرتها على مجابهته، وليست مستعدة أيضاً لاستمراره بما يشمل الرقعة التاريخية الروسية»، مردفاً: «في حين أنّ هناك حركات انفصالية في مناطق ذات أغلبية مسلمة هي ربما تشهر أنّه بما أنّ العالم قبل بانفصال أجزاء أخرى وسابقة من الاتحاد السوفيتي فلماذا لا يقبل بانفصال هذه الأجزاء ذات الأغلبية المسلمة، لذلك هي تشعر بأنّ هناك شيئا من الظلم والكيل بمكيالين في هذه المسألة وهذا ما يطرح في الحقيقة قضية الوحدة والانفصال وعلى أي أساس يكونان».
حل أمثل
وأعرب الحدّاد عن اعتقاده «الحل الأمثل الذي توصّلت إليه الإنسانية إلى الآن في انتظار أن يوجد حل أفضل هي الدولة الديمقراطية، مضيفاً: «لهذا السؤال الذي يطرح إلى أي حد يمكن القول إنّ المناطق ذات الأغلبية المسلمة في روسيا لها نفس الأوضاع الاجتماعية والحقوق السياسية والامتيازات التي يحظى بها الروسي في إطار الاتحاد هذه قضيّة مهمّة.
وأعتقد أحياناً ينبغي أن نخفّف من عملية المقابلة بين روسيا والإسلام لطرح قضايا أخرى على غرار الديمقراطية والاندماج في النظامين السياسي والاجتماعي وفي تقاسم الثورة والامتيازات هذه مسألة مهمّة تسهم إلى حدّ كبير في امتصاص الأزمات وإبعاد المجموعات عن الذهاب بعيداً في المعارضة حد المطالبة بالانفصال».
إنهاك مؤسّسات
ونوّه الحدّاد بأنّ «هناك مشكلة معقّدة في روسيا تتمثّل في أنّ المؤسسات التمثيلية للمسلمين في روسيا هي مؤسّسات منهكة لأسباب تاريخية وعوامل عديدة، وتفقد احتكار التمثيلية الدينية»، لافتاً إلى أنّ «روسيا ليست خارج هذا الحراك الموجود في العالم».
وأوصى خبير اليونسكو في ورقته بضرورة توسيع الحوار الإسلامي إلى حوار إسلامي أرثوذكسي، وتطبيع العلاقات مع روسيا جديدة باعتبارها قوّة مهمّة، وحل القضيّة السورية بمعية روسيا لأنّها ستكون محدّد مستقبل العلاقات، فضلاً عن تأطير الأقليات المسلمة حتى لا تستقطب من قبل الجهادية الإسلامية وتعميق دراسة مواقف روسية مبهمة.
براغماتية إخوان
بدوره، دعا مدير معهد الدراسات العربية الروسية د. ماجد التركي إلى وجوب التفريق بين قراءة أي مكوّن ثقافي في مجتمعه الطبيعي وأي مكوّن ثقافي خارج مجتمعه الطبيعي، لافتاً إلى أنّ «الإخوان في مصر يجب قراءتهم بشكل مختلف عن قراءتهم في روسيا، وأنّ الخلل يأتي عند جعل القراءة متماثلة». ووصف التركي مشهد الإخوان في روسيا بـ «البراغماتي»، مبيّناً أنّهم لا يمثّلون أي إشكالية أو قلق كما السلفيون وروسيا تعتبرهم طيفا من الأطياف الأخرى.
خطوة استباقية
في السياق، أوضح الباحث في المعهد الألماني للأبحاث الشرقية د .محمد حلمي ومقرّه بيروت، أنّ «روسيا لا تتخذ موقفاً عدائياً من حركات الإسلام السياسي كما يشاع، وأنّ إعلانها جماعة الإخوان المسلمين تنظيماً إرهابياً كان مجرد خطوة استباقية أكثر منه تعاملا مع الواقع، بدلالة أنّ هناك بعض التفجيرات التي تمّت داخل الأراضي الروسية وتمّ في الإعلام الروسي اتهام الإخوان بأنّهم وراء هذه التفجيرات بينما هناك من يقول إنّ من نفّذ هذه التفجيرات هم قادة انفصاليون تابعون للحركات الجهادية المنتشرة في شمال القوقاز، وبالتالي روسيا تتعامل مع حركات الإسلام السياسي بمنطق متخوّف وحذر وقلق».
ولفت حلمي إلى أنّ «الإخوان المسلمين حاولوا ملء فراغ تفكّك الاتحاد السوفييتي، وبدأوا في الظهور علناً بعد أن كانوا يعملون في السر»، متوقّعاً ظهور الإخوان في روسيا إلى العلن بشكل أكبر خلال الفترة المقبلة باعتبار أنّ النظام السياسي الحالي يلتقي بعض قيادات الإخوان».
ضيق فجوة
على الصعيد، شدّد مدير عام مركز المسبار للدراسات والبحوث، على أنّ «هناك تماهياً وأنّ الفجوة بين الحركات الإسلامية التي تؤمن بالعنف والحركات الإسلامية التي تنبذه بدأت تضيق»، مشيراً إلى أنّ «علاقة الإخوان المسلمين بالعنف ليست حديثة يتعاملون ببراغاماتية فهم من جهة يدينون الإرهاب ويمدون أيديهم من الخلف لجماعات العنف، وفي نفس الوقت عندما تكون هناك صفقات تحت الطاولة أو فوق الطاولة بإمكانهم إعلان تخليهم عن العنف وإيمانهم بالديمقراطية». وأبان أنّ «الإخوان» يتعاملون مع ملف الإرهاب ببراغماتية تجلّت في السودان وليبيا وتونس إلى حد ما إذ إنّ حركة النهضة استفادت من تجربة الإخوان في مصر