تقديم
يتقاطع كتاب مركز المسبار للدراسات والبحوث، السادس والثمانون، لشهر فبراير (شباط) 2014، «تركيا الإخوانية.. حاضر ومستقبل حزب العدالة والتنمية»، مع حال الإرباك التي يعيشها الإسلام السياسي التركي، المتمثلة في الاحتجاجات المتزايدة على الحكومة التركية بسبب قضايا الفساد المالي الأخيرة وما سبقها من احتجاجات ميدان تقسيم وحديقة جيزي، وفي تداعيات انهيار التحالف بين الإسلام الاجتماعي «الذي يمثله فتح الله جولن» وحزب العدالة والتنمية الحاكم، في وقت تتعاظم فيه الاتهامات للسياسة الخارجية لتركيا بأنها أصبحت تخدم مصالح «التنظيم الدولي للإخوان المسلمين» أكثر من رعايتها لمصالحها القومية.
يأتي هذا الكتاب في ظل تحوّلات عميقة، تستوجب إعادة قراءة التجربة التركية التي حاول الإسلاميون العرب والمتعاطفون من الأكاديميين، أن يحولوها إلى أيقونة مثاليّة لشكل الحكم الإخواني، وتجربة نموذجية للإسلام السياسي، يعرض الكتاب نماذج الرؤى المطروحة في الأوساط الأكاديمية، لتكون الأجزاء المقبلة على مدار هذا العام، شارحة وموضحة وناقدة.
شارك في الكتاب باحثون عرب وأتراك. تضمنت أبحاثهم أهم القضايا المرتبطة بالإسلام السياسي التركي، ماضياً وحاضراً، عبر تعقب تاريخه ونشأته وصدامه مع المؤسسة العسكرية والمتغيرات على مستوى الخطاب والأيديولوجيا، وانعكاسات الاضطرابات الداخلية والإقليمية على حزب العدالة والتنمية، سياسياً واقتصادياً وإستراتيجياً.
في ورقة تمهيدية عرض فيها الباحث السعودي منصور النقيدان، وعضو هيئة التحرير في المسبار الباحث والكاتب السوداني عمر البشير الترابي، مآلات الصدام المحموم بين حزب العدالة والتنمية وجماعة «خدمة» التابعة لزعيم الإسلام الاجتماعي التركي فتح الله جولن. قدما فيها ممهدات تاريخية عن سبب التحالف بين «أردوغان» و«جولن»، الذي مثل التقاء خصوم الإسلامي نجم الدين أربكان(ت2011) والمنشقين عنه، لتحقيق مصلحة مشتركة، تمثل لحزب العدالة والتنمية السند والجماهير التابعة لجولن، بينما ازداد تغلغل «أتباع جولن» في أجهزة الدولة. تؤكد الورقة أن تهميش وإضعاف المؤسسة العسكرية سمح لحلف (أردوغان-جولن) بمحاولة بناء دولته العميقة أو الموازية، وتستشهد بتحقيقات قضايا الفساد التي حركها أتباع جولن وأضرت بأردوغان، وردة فعله عليها بأوامر التنقلات والتحريكات في الشرطة والمخابرات وغيرها. يشرح الكاتبان تداعيات الصراع على حزب العدالة والتنمية، المقبل على انتخابات بلدية ورئاسية وبرلمانية في عامي 2014-2015، وتساءلا عن كيفية تعويض الحزب لخسارته لجماهير جولن، هل باللجوء للعسكر أم بالعودة لبقايا الأربكانيين الذين يسعى اليوم أردوغان بكل جهده لاستقطابهم مرة أخرى تعويضاً عن الفراغ الذي خلفته أوامر الفصل والتحجيم لأتباع جولن، كما توقعا أن يستقطب جولن شركاء جدد للمرحلة القادمة، التي يبدو أن أكبر المرشحين لها هو حزب الشعب، وأن ما يحدث اليوم من صراع بين الحليفين هو درس مجاني لمن يهمه الأمر عن كيفية تفكيك الدولة العميقة.
فاتحة الدراسات قدمها أستاذ علم الاجتماع في جامعة «يلديز للتقنية» في تركيا أرغون ييلديرم (Ergün Yıldırım) وجاءت تحت عنوان «السياقات المعرفية والأيديولوجية لظهور الإسلامي السياسي وتطوّراته في تركيا». تناولت الدراسة العوامل المنتجة للحداثة في تركيا محدداً شروطها الاقتصادية والسياسية والثقافية، التي أدت إلى تكريس –مايسميه الباحث- «الأنموذج الكمالي». يرى الباحث أن ولوج الحركات الإسلامية للمشهد السياسي كان باستغلال ما أسماه بـ «نتائج اغترابية المجتمع» التي أفرزتها «الحداثة السريعة»، فزعمت الرؤية الإسلاموية أنها قادرة على تقديم أجوبة واضحة لحل إشكال الاغترابية وهذا ما حاولت فعله «حركة الفكر الوطني». يخلص الكاتب إلى أن الظروف السياسية والاجتماعية المحددة لبروز الإسلام السياسي تتمثل في مجموعة من المعطيات، أولها: الأزمة التي شهدتها الحداثة، ثانيها: الفراغات الأيديولوجية الناجمة عن أيديولوجيات الحرب الباردة، ونهايتها، ثالثها: ردود الأفعال المتصاعدة ضد ممارسات العلمانية الصلبة، ومحاولة إقحامها في المجال السياسي من جديد؛ وأخيراً، تشكل الطبقة الوسطى والتمدن.
تطرق الأكاديمي المصري والباحث في الشؤون التركية طارق عبدالجليل في دراسته عن «الانقلابات العسكرية والإسلام السياسي في تركيا» إلى مدى تأثير الانقلابات العسكرية التي عرفتها تركيا في مضمون خطاب الإسلام السياسي، محاولاً تبيان المتغيرات التي جرت على البنية الفكرية والخطاب الجماهيري لدى «الحركة الأربكانية» من خلال أحزابها الخمسة: النظام الوطني، والسلامة الوطني، والرفاه، والفضيلة، والسعادة. تعرض لتأثير انقلاب 28 فبراير (شباط) عام 1997 في ظهور أول انشقاق عن «الحركة الأربكانية» تمثَّل في تشكيل «حزب العدالة والتنمية» ببنيته السياسية المختلفة. اعتمد عبدالجليل على منهج استقراء نصوص تيار الإسلام السياسي في تركيا، وانتهج نهجاً تاريخياً رصد فيه تنامي دور المؤسسة العسكرية في الحياة السياسية عبر أجهزتها الدستورية وأدواتها السياسية، وتأثير ذلك في إعادة ترسيم مسارات الحياة السياسية والحزبية بشكل عام، ودفع الجماعات الدينية والأحزاب السياسية ذات المرجعية الإسلامية بشكل خاص إلى مراجعات مستمرة لممارسة اللعبة السياسية وفق قواعد نظام الدولة. توزعت الدراسة على ثلاث مراحل تاريخية؛ تمثل كل منها مرحلة ذات نسق خاص في علاقة الدولة – الجيش – الدين، تبدأ المرحلة الأولى مع قيام الجمهورية التركية عام 1923 حتى الانقلاب العسكري الأول في 27 مايو (أيار) 1960؛ والمرحلة الثانية من انقلاب 1960 حتى انقلاب 1997؛ والثالثة هي مرحلة حزب العدالة والتنمية وصراعه مع المؤسسة العسكرية.
الباحثة المصرية في الشؤون التركية سارة رفعت، حاولت أن تُدرِج حزب العدالة والتنمية تحت مسمى «الديمقراطية المحافظة» أكثر من أيّ مسمى آخر، وترى أنّه «طرح نفسه كهوية سياسية جديدة تختلف عن الهوية الإسلامية لحركة الفكر الوطني «الحركة الأربكانية»، وتحل محل «الديمقراطية العلمانية»، في الوقت نفسه! وتُقَدِّر أنّ العَوامل التي شَكلت المرجعيّة السّياسية لحزب العدالة والتنمية هي واقع الدولة العلماني، والمجتمع الرافض للراديكالية الإسلامية والضغط البيروقراطي، والواقع العالمي، بالإضافة إلى واقع الحزب نفسه. تناقش الدراسة خصوصية الأحزاب الدينية في تركيا، وكيف أن حزب العدالة والتنمية لم يتمكن من استخدام وصف (الديمقراطي الإسلامي)، وبدلاً من ذلك، استخدم وصف (الديمقراطي المحافظ). ورغم أن كوادر حزب العدالة والتنمية تكذب هذا الادعاء في كل حين، إلا أنهم يذكرون أن وصف الحزب لنفسه بـ«الهوية الديمقراطية الإسلامية»، أو «الإسلامي المعتدل»، يسبب العديد من المشكلات على صعيد السياسة الداخلية، ويدخل في إطار سياسة الهوية التي يريد أن يتخطاها، وأن وجوده في أي طبقة من طبقات الإسلام السياسي سيثير الجدل حوله، ولا سيما بين الأوساط العلمانية. تمثل الدراسة إحدى وجهات النظر في تفسير الحزب واهتماماته، دون الإشارة إلى احتماليّة أن تكون هذه وجهة نظر مستغلّة. فكثير من الأحزاب الإسلامية تدّعي أنها تنطلق في الأساس من مداخل اجتماعيّة، ولا يمكن فرزها بسهولة.
تحت عنوان «الإسلام السياسي.. تحول المضامين من الإسلامي إلى المحافظ» يحاول الكاتب الإسلامي التركي علي بولاتش (Ali Bulaç)، تحليل وتقويم الحركة الإسلامية التركية. يعلل عدم وجود الحركة الإسلامية قبل النصف الثاني من القرن التاسع عشر، بوجود الدولة العثمانية، وهي آنذاك دولة الإسلام في إطار أيديولوجيتها المؤسسة ومشروعيتها السلبية والإيجابية، وكانت كذلك دار الإسلام على الرغم من ضعفها، والقاعدة أنه لا يُطلب ما هو موجود بالفعل. ومع تعرض الدولة العثمانية لهزائم عسكرية واقتصادية وسياسية أمام الغرب، واندفاع نخبتها السياسية نحو البحث عن حلول لأزمات الدولة، ظهرت الحاجة إلى تنظيم وتشريع جديد بالعودة إلى المصادر الرئيسة في الإسلام على نحو يتوازى مع حركة التغريب. وظهر المسار الذي تدفقت منه الحركة الإسلامية في ذلك الظرف التاريخي والاجتماعي حسب رؤيته. بولاتش مفكر مقرّب لنجم الدين أربكان لذلك لا غرابة أن ينهي تحليله بالقول أن حزب العدالة والتنمية لا يمكن تصنيفه بكونه إسلامياً، فهو بعيد من فكر الحركة الإسلامية، وهو نتاج تحول نحو التيار المحافظ الديمقراطي. وهذه وجهة نظر أخرى، حاولنا خلالها، أن نبرز كيف يصف حزب العدالة والتنمية بأنه محافظ، حيث يُشاع من قبل المحبين لأردوغان، والمناوئين له، على حد سواء، دون أن يتنبه أحد لطبيعة الحركات الإسلامية في توظيف المصطلحات عند الضرورة.
انقسمت دراسة الباحث المصري المختص في شؤون تركيا والحركات الإسلامية كمال حبيب إلى ثلاثة محاور أساسية، الأول: الإسلاميون الأتراك، التعريف والتصنيف. والثاني: الإسلاميون الأتراك في المجال السياسي والثقافي والاقتصادي والاجتماعي. والثالث: تراكم الخبرة وتحولات الأفكار لدى الإسلام السياسي التركي. يحيلنا حبيب في دراسته «الإسلاميون من الهامش إلى المركز» على الإطار التاريخي لتشكل الحركة الإسلامية في تركيا، التي انبثقت من تأسيس تيار فكري وسياسي مختلف في أهدافه ومنطلقاته عن التيارات العلمانية، والتي تسيدت الحياة الفكرية والاجتماعية والسياسية في تركيا عقب تأسيس الجمهورية عام 1923؛ وأطلق هؤلاء الإسلاميون على التيار الذي يمثلهم مصطلح «الملي غوروش» أي الفكر الوطني الجامع للأتراك من منطلقات إسلامية، وإن بتعبيرات مدنية حديثة. تنهض الفكرة الأساسية للدراسة على أن الإسلاميين في تركيا انتقلوا من الهامش إلى المركز في مجالات متنوعة، ثقافية مرت بأجيال منذ عهد سعيد النورسي (ت1960) مرورًا بنجيب فاضل (ت1983) وسزائي قراقوج وصولاً إلى أحمد داودد أوغولو، واقتصادية منذ عهد عدنان مندريس إلى أوزال ومنتصف التسعينيات، وكذا المجالات الاجتماعية، كانت تتراكم خبرتها، -حتى استطاعت إنضاج الأنموذج «التركي» العام، ومن ضمنه الإسلاميون «السابقون» كما تصفهم الدراسة، عبر الضابط الاجتماعي. وعبر البراغماتية التي تجعلهم يغلبون «مصالح» شعارات النهضة، على مصالح شعارات الشريعة.
تناول الباحث المصري في الشؤون الإيرانية والتركية بشير عبدالفتاح، العلاقات المصرية – التركية في ضوء المتغيرات التي فرضتها ثورة 30 يونيو(حزيران) التي أطاحت بنظام الإخوان المسلمين. يعرض الكاتب في دراسته المعنونة بـ«مشروع أردوغان والقلق من الأنموذج المصري في التغيير» -بشيء من التفصيل- لمجمل الخطاب السياسي الذي تبناه حزب العدالة والتنمية تجاه «التحول الثوري» الثاني في المحروسة، ساعياً إلى تقديم قراءة نقدية لمواقف رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان إزاء إسقاط «حكم الإخوان». ويؤكد الباحث أن ثمة مخاوف من الحكومة التركية من تكرار السيناريو المصري في تركيا ما دفع الحزب إلى تصعيد لهجته؛ ولم يتورع أردوغان عن السعي لتدويل المسألة المصرية عبر مطالبة مجلس الأمن الدولي وجهات دولية عدة بالتدخل في الشأن المصري توطئة لإعادة الرئيس المعزول محمد مرسي. يدرك إسلاميو تركيا أن المرحلة الانتقالية القلقة التي تمر بها مصر بعد الثالث من يوليو (تموز) 2013 سيكون لها تأثير عليهم، لذا شحذوا كل طاقتهم لصد أي تحول فجائي أو مرتقب، خصوصاً أن ثمة خشية من انتقال عدوى ما جرى في مصر إلى تركيا، التي عرف تاريخها الحديث انقلابات عسكرية عدة، كل ذلك في ظل تأزم الوضع التركي الذي بدأ باحتجاجات ميدان تقسيم، ولم يستقر بفضيحة الفساد التي تورط فيها وزراء بحكومة أردوغان منتصف ديسمبر(كانون الأول) الماضي. يرى عبدالفتاح أن موقف أردوغان من الأحداث في مصر أدى إلى احتجاج داخلي وارتفاع الأصوات ضد سياسته نتيجة التمادي في عدم الأخذ بالمصالح الوطنية التركية، عدا أنه بمواقفه تصادم مع الدول الخليجية التي لها سياسات واضحة تجاه الحدث المصري.
قارب الباحث التركي في الفكر الإسلامي معمر إسكندر أوغلو (Mummer İskenderoğlu) مواقف الإسلاميين الأتراك من الثورة الإيرانية (1979) والأزمة السورية؛ كمدخل تمهيدي لورقته: «نظرةُ الإسلاميين الأتراك للثورة الإيرانية ولسياسة طهران تجاه الأزمة السورية»، أشار إلى تطور الحركة الإسلامية في تركيا، والوضع السياسي والاجتماعي للبلاد في الفترة التي سبقت الثورة الإيرانية والفترة التي تلتها. يلفت الكاتب إلى أن الجماعات الإسلامية التركية حملت وجهات نظر مختلفة تجاه الثورة الإيرانية، فكما كان هناك بين التيارات الإسلامية خلال فترة الثورة والسنوات العشر الأولى من يقترب بحذر منها، من خلال الانتباه إلى الفروق الإثنية والمذهبية، مع تأكيد الاتجاه الإسلامي، فهناك أيضاً منهم من رأى هذه الثورة ثورة إسلامية متغافلاً عن الفروق الإثنية والمذهبية، ومدعياً أنها خطوة كبيرة في سبيل الوحدة الإسلامية المنشودة. ويخلص أوغلو إلى أنه «بعد مرور سنوات على الثورة الإيرانية، على ما يبدو أن تصورات الفريق الأول كانت أكثر ملاءمة للواقع، أما الفريق الثاني فيشعر بضرورة القيام بتغيير في تصوراته القديمة في تلك الفترة. لقد تسببت السياسة الداخلية والخارجية التي اتبعتها الجمهورية الإسلامية الإيرانية عقب الثورة الإيرانية في الحد من الرؤى المتفائلة تجاه الثورة للإسلاميين الأتراك الداعمين لها دعماً كاملاً». يعرض أوغلو آراء الإسلاميين الأتراك من تعاطي طهران مع الأزمة السورية مستشهداً بالموقف اللافت الذي اتخذه بولانت أرينتش نائب رئيس الوزراء التركي وغيره. يقول أوغلو: «إن الأزمة السورية أسهمت في جعل الإسلاميين الراديكاليين الذين دعموا الثورة الإيرانية دعماً كاملاً وواصلوا هذا الدعم لسنوات عدة يقيّمون بشكل أكثر صواباً كل ما يتعلق بالنظام الإيراني ».
درس الباحث الأردني في العلاقات الدولية والشؤون الاستراتيجية علي حسين باكير واقع الاقتصاد التركي في ظل التحولات الجارية في المنطقة محاولاً استشراف موقعه المستقبلي. هدفت ورقته: «الاقتصاد التركي في عهد العدالة والتنمية: تأثيرات الشرق الأوسط» إلى تناول التحولات الكبرى التي طرأت على منطقة الشرق الأوسط منذ عام 2002 حتى اليوم وانعكاساتها على الاقتصاد التركي حجماً وأداءً، كما قاربت الانعكاسات التي تركتها هذه التحوّلات أيضاً على الاقتصاد التركي من ناحية المشروعات الاقتصادية الكبرى، التي كانت تحاول تسويقها في المنطقة، ومدى تأثيرها في مستوى الأداء الاقتصادي والأثر الذي تركته على السياسة الاقتصادية للبلاد خلال فترة التحوّلات، لاسيما في كل من ليبيا، وسوريا، ومصر. كما تناقش الورقة انعكاسات المواقف السياسية لحكومة حزب العدالة والتنمية في كثير من الأحيان في هذه الملفات على علاقاتها الاقتصادية مع أطراف ثالثة كإيران ودول مجلس التعاون الخليجي، خصوصاً في الملفّين السوري والمصري، ومدى حجم الضرر الذي لحق بهذه العلاقات الاقتصادية، وعمّا إذا كان له تأثير في حجم الاقتصاد الكلّي للبلاد أو على الأداء الاقتصادي. ويختتم الكاتب دراسته في استشراف الموقع المستقبلي للاقتصاد التركي على الخريطة الإقليمية والعالمية في إطار التوجه المستقبلي للبلاد ضمن الخطّة الاستراتيجية لتركيا 2023، الهادفة إلى جعلها ضمن قائمة أقوى عشرة اقتصادات في العالم بحلول ذلك العام.
خاتمة الدراسات قدمها الباحث المصري في الشؤون التركية علي جلال معوض، تحت عنوان «الأزمة السورية وانعكاسها على مستقبل حزب العدالة والتنمية»، وقد حاول خلالها تقويم واستشراف انعكاسات الأزمة السورية وتطوراتها على حزب العدالة والتنمية ومستقبله، من خلال بحث بعض السيناريوهات المحتملة لمستقبل الحزب في ضوء تطورات الوضع السوري، بين سيناريو متفائل تعزز تطورات الأزمة فيه من قوة الحزب داخلياً وخارجياً، وسيناريو يبين محدودية انعكاسات الأزمة على قوة الحزب أو نجاحه في تحييد تأثيراتها، وأخيراً سيناريو متشائم تتصاعد فيه التأثيرات السلبية للأزمة السورية على قوة الحزب داخلياً وخارجياً. إضافة إلى ذلك تناولت الدراسة تداعيات الأزمة السورية على استراتيجية تصفير المشكلات التركية والانتقادات التي وجهت إلى حزب العدالة والتنمية بسبب الخيارات المتخذة في الملف السوري، وأخذت بالاعتبار موقف وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو إزاء هذا النقد.
أجرت عضو هيئة التحرير في مركز المسبار للدراسات والبحوث ريتا فرج قراءة في كتاب «السياسة الخارجيّة التركيّة تجاه القوى العظمى والبلاد العربية منذ عام 2002» لمؤلفيه موريال ميراك – فايسباخ وجمال واكيم. يجيب الكتاب عن مجموعة من الأسئلة الشائكة: ما هو توجه تركيا في الآونة الأخيرة؟ وهل ستتخذ موقفاً أحادي الجانب وتحسم خياراتها، أم إن ازدواجية أوروبا والإسلام ستبقى ملازمة لها؟. يلقي الباحثان الضوء على المواقف التركية المتخذة من الأحداث في المواقع الساخنة ويواكب الاحتجاجات التي خضّت تركيا ويبحث دوافعها وكوامنها كما يولي مؤلفات داوود أوغلو أهمية لجهة تأثيرها في رسم السياسة الخارجية التركية.
في الختام يتوجه مركز المسبار بالشكر إلى كل الباحثين المشاركين، ويخص بالذكر الزميل طارق عبدالجليل الذي نسّق العدد، على أمل أن تجدوا في الكتاب ثمرة جهده وفريق العمل.
رئيس المركز