المصدر: مركز المسبار للدراسات والبحوث
قدم الكاتب والباحث الإيراني، المقيم في أميركا، محمد حسن فلاحية دراسة حملت عنوان: “الصوفية في إيران: حضورها وعلاقتها بالتشيع والتصوف الشّيعي” ضمن كتاب “التصوف المعاصر – العدد 57، سبتمبر (أيلول) 2011.
يقول الباحث أن الفرس ساهموا بشكل ملحوظ في تنمية التصوف وحصتهم في نشر التشيع لا يمكن نكرانها، إنّ إحدى أهم أصعب الأسئلة هي التي تدور حول موضوع التصوف وعلاقته بالتشيع فهنالك الكثير من التساؤلات التي تثيرها هذه العلاقة التي كان قد طرحها الكثير من المستشرقين وشكك معظمهم في جذور التصوف التي يرجعها البعض إلى الدين الإسلامي وإلى المذهب الشيعي تحديداً، ويستدلون بذلك لعدم وجود نصوص تاريخية تربط التصوف بالإسلام، من هذا المنطلق يذهب هؤلاء إلى أنّ التصوف سبق الإسلام بسنوات عدة، وأرجعها العدد الآخر من المختصين إلى فترات سبقت الإسلام والتشيع بقرون.
يضيف الباحث أن الذي يعيد للأذهان علاقة التصوف بالتشيع هو التفسير المتداول لدى الشيعة والصوفيين على حد سواء؛ وهو بأن للدين ظاهراً وباطناً، فالظاهر هو المتبادل من خلال النصوص والذي يفهمه العامة، وأما الباطن فهو عند أهل العلم الحقيقي والمراد بالعلم الحقيقي للنص الذي لا يفهمه ولا يعلمه إلا الأئمة أو الأولياء. من هنا يرجع الكثير من الباحثين الإسلاميين التصوف إلى الهوية الإسلامية الشيعية فمن بين الباحثين الذين أرجعوا هذا الربط هو الباحث الإيراني في مجال التصوف والعرفان الدكتور حسين نصر، فيؤكد أنّ للتصوف علاقة لا يمكن نكرانها بالتراث الإسلامي، رغم أنّ تلك العلاقة واضحة وضوح الشمس، إلاّ أنّ هنالك نقاط غامضة تشوب هذه العلاقة، وهناك الكثير من علامات الاستفهام التي تلتف حول هذه العلاقة .
يعتقد الباحث أن الخلاف الشاسع يشتد بين التشيع السياسي الحاكم في إيران وبين التصوف الذي لا يؤمن بولاية الفقيه؛ وهذا الاتهام كلف التصوف الكثير من المواجهة مع النظام الشيعي الحاكم في إيران، رغم أنه نظام قد فسر ولاية الفقيه بصورته الـ “صفوية”، وهي مزيج بين التشيع والتصوف الصفوي، فقد عارضت الصوفية مبدأ التشيع الصوفي الإيراني الحاكم بمعظم تياراتها، إلا أولئك الصوفيون القلائل الذين ارتأوا الانقياد للتشيع الصوفي الإيراني الحالي تحت عنوان “العرفان الشيعي”، وقضية الخلاف على الولاية من شأنه أن يضع نقطة فارقة بين التشيع والتصوف في تفسيرهما للولاية، والحكم رغم التقارب الكبير بينهما على الكثير من النقاط إلا أن التشيع كمذهب يبقى متحدياً الطريقة الصوفية التي أعطته الشرعية السياسية في الحكم زمن الصفويين ونظام ولاية الفقيه الحالي.