ضم كتاب (التصوف في السعودية والخليج) الصادر عن مركز المسبار للدراسات والبحوث، أربعة مقالات عن الصوفية في السعودية، كلها تستحق القراءة، الأول بعنوان (وهابيون متصوفون) لمنصور النقيدان، مقال طريف يتحدث فيه الكاتب عمن عرفهم من زهاد بريدة قبل أكثر من 30 عاما، وقد أطلق عليهم (تجاوزا) صفة التصوف، لأنهم كانوا يعيشون حياة زهد وعزوف عن متع الحياة ورفاهية العيش، وليس لأنهم يعتنقون فكرا صوفيا، أو يمارسون شيئا من الطقوس الصوفية.
المقال الثاني بعنوان (التصوف في عسير والمخلاف السليماني) لإبراهيم طالع الألمعي. وفي هذا المقال يؤرخ الكاتب للصوفية في عسير والمخلاف السليماني، ويستعرض محتوى الوجود الصوفي تاريخيا في هاتين المنطقتين من المملكة.
المقال الثالث عنوانه (الصوفية والمجالس العلمية في الحجاز الحديث) لمحمود عبدالغني صباغ، وفي هذا المقال يسرد الكاتب قوائم طويلة لمجالس العلم والذكر التي بدأت بالظهور منذ القرن الماضي وما زالت تقام في مكة وجدة.
ومجالس العلم تقام بمبادرات أهلية وتعد وريثا للمدرسة المكية في القرون السابقة، حيث يدرس فيها التصوف والحديث والسير والأدب. أما مجالس الذكر، فلم تظهر إلا في هذا القرن، وفيها تتلى أوراد من كتاب دلائل الخيرات وتنشد المجسات على الطريقة المكية التقليدية لقصائد المديح المشهورة.
وهذا المقال إلى جانب كونه مرجعا جيدا لمجالس العلم والذكر الصوفية وأصحابها من رموز الصوفية في هذا العصر في المملكة، هو أيضا ممتع لما يتضمنه من عرض للزوايا والطرق الصوفية التي كانت معروفة في الحجاز منذ القرن السابع عشر الميلادي، ووصف للاحتفالات التي كانت تقام في المناسبات الدينية كليلة النصف من شعبان وليلة القدر والإسراء والمعراج والمولد النبوي وغيرها.
أما المقال الرابع فعنوانه (الصوفية السعودية وإعادة تشكيلاتها في الداخل) لياسر بن محمد باعامر، وهو مقال معني بوصف واقع الصوفية في المملكة في العصر الحاضر، ورموزها وأثرها في المجتمع وما يتوقع لها من مستقبل.
ما يلاحظ على هذه المقالات الأربعة، أنها انشغلت بتناول الصوفية من الناحية التاريخية والشكلية وما يواجهها من صراع قائم بينها وبين مناهضيها، الذين يرون في منهجها الصوفي بدعا كثيرة تخالف السنة، وأغفلت الحديث عن الفكر الصوفي نفسه والجانب الروحاني الذي يميزه عن غيره من الفرق الدينية.