بعد أن أصدر كتابًا متخصصًا يناقش قضية تجنيد القُصّر
المسبار يعقد ندوة بعنوان “تجنيد الأطفال عند الجماعات المسلحة”
عقد مركز المسبار للدراسات والبحوث بدبي يوم الأحد 26 نوفمبر (تشرين الثاني) 2017، ندوة بعنوان “تجنيد الأطفال عند الجماعات المسلحة”.
استهلت الندوة د. هالة ثابت (الأكاديمية في كلية العلوم الاجتماعية في جامعة زايد) بورقة حملت عنوان “الطفل المجند، هل يشكل خطرا في المستقبل؟”، فيما ألقت د. رندا شليطا (المحللة النفسية والمتخصصة بالعنف الأسري) ورقة حملت عنوان “الانعكاسات النفسية على الأطفال المجندين: التأهيل النفسي والمتابعة”. في حين تحدثت الباحثة في مركز المسبار للدراسات والبحوث أ. رشا العقيدي عن “مصير الأطفال المجندين في داعش بعد تحرير الموصل”. أدار الندوة الأستاذ إبراهيم أمين نمر، الباحث وعضو هيئة التحرير بمركز المسبار للدراسات والبحوث، ومنسق كتاب “تجنيد الأطفال: داعش– الحوثيون- بوكو حرام”، الكتاب الثامن والعشرون بعد المئة، الصادر عن المركز في أغسطس (آب) 2017.
الطفل المجند: هل يشكل خطرا في المستقبل؟
تحدثت بداية د. هالة ثابت عن المستوى الاجتماعي، والدور الحاسم الذي تلعبه الأسرة في إعادة الإدماج؛ إلا إذا كانت الأسرة سبباً في الظاهرة، بحيث يصبح من الضروري فصل الطفل عنها، وهو ما يزيد من صدمته النفسية. أما على المستوى النفسي، فترى د. ثابت بأنه يجب أن تراعي برامج إعادة التأهيل النفسي الشخصية الجديدة التي تشكلت للطفل المجند في ظل اختلاطه بالجماعات المسلحة. حيث تتصف هذه الشخصية الجديدة بالبسالة في القتال، والروح الحماسية والإقدام في المعركة، وكلما اتصف الطفل المجند في المعركة بالوحشية، زاد إحساسه بالبطولة؛ هذا الإحساس الزائف بالبطولة أمام زملائه وأقرانه. إلا أن التحدي الأبرز في هذا الصدد هو إقناع الأطفال “الجنود” بالفرار من صفوف هذه الجماعات. فالفكرة ما زالت بعيدة عن أذهان الكثير من الأطفال الجنود؛ خوفاً من العقاب أو الوقوع في الأسر من قبل هذه الجماعات. وعلى المستوى القانوني، تظهر أهمية تجريم ظاهرة تجنيد الأطفال على كل المستويات، الميليشيات العسكرية أسوة بالجيوش الوطنية، دون التلاعب في تقدير سن الطفل أو التمييز في تطبيق القانون. فالاتفاقيات الدولية التي تدعو إلى توفير أقصى حماية ممكنة لضحايا الحروب، كاتفاقية جنيف وبروتوكولها الإضافي، واتفاقية الصليب الأحمر الدولي وبروتوكولها الاختياري ليست كافية في ذاتها، على الرغم من نصها على اعتبار تجنيد الأطفال جريمة حرب. فما زال التطبيق هو الفيصل. أما عن الفتيات، ففي أغلب الأحيان يتم تجاوزهن في برامج إعادة الإدماج، على الرغم من أنهن الأكثر احتياجاً للرعاية. والسبب هو رفض العديد من الفتيات، بعد سنوات من الارتباط بالجماعة المسلحة، الانفصال طوعاً عن الجماعة، بسبب ارتباطهن بأسرهن الجديدة. كما ترفض الجماعات المسلحة إطلاق سراحهن باعتبارهن أسيرات “زوجات”.
مصير الأطفال المجندين في “داعش” بعد تحرير الموصل
في ورقتها أكدت رشا العقيدي أنّ ظاهرة تجنيد الأطفال لم تبدأ مع سيطرة “داعش” على مساحات شاسعة من الأراضي في العراق وسوريا، وأشارت إلى العراقيل التي تواجه الحكومة العراقية والحكومة المحلية في نينوى ومنظمات المجتمع المدني في موضوع إعادة تأهيل الأطفال المجندين في: رفض اجتماعي واسع لإعادة احتضانهم، فقدان المهارات ونقص الكادر والدعم المالي، الوضع السياسي والداخلي العراقي الهش.
وأوصت العقيدي في نهاية ورقتها بضرورة إخضاع الطفل المجنّد إلى تقييم نفسي واجتماعي مستقل على يد فرق مختصة في الطب النفسي للأطفال والقاصرين، بالإضافة إلى إنشاء شبكات ودور رعاية خاصة تمولها الحكومة أو الجهات الدولية المعنية بالموضوع، أو محاولة العثور على قريب تثبت براءته من التنظيم المتطرّف، ورفضه له، وعدم الانتماء إليه في أي مرحلة، ليعتني به مع متابعة وضعه بشكل أسبوعي أو شهري. كما أوصت بإدخال منهج “المواطنة” لترسيخ مفهوم الولاء للوطن والبلد وعدم التأثّر بالأيديولوجيات العابرة للحدود.
الانعكاسات النفسية على الأطفال المجندين: التأهيل النفسي والمتابعة
في حين قالت د. رندا شلّيطا بأنه بعد أن استفاق الغرب من صدمة ما آلت إليه حال الأطفال في عالم الإرهاب، قام بعض الأفراد والمؤسسات الخاصة والرسمية، مدعومة بدراسات حول موضوع الإرهاب، باستخلاص أنّ هنالك ضرورة للتّوعية قبل الوقوع في فخّ تجنيد الأطفال عن طريق وسائل التّواصل الاجتماعيّ، أو عن طريق معاشرة أصحاب تلك الأفكار، أو كذلك عن طريق الخطب التّحريضيّة التي تدعو إلى التّقوقع في عوالم الظّلام. وتضيف بأن الأهمّ أن يعاد عند هؤلاء الأطفال تفعيل الشّعور بالجّماليات، أو أن يتمّ اختراعه لهؤلاء الأطفال الّذين اصطدموا بواقع الجريمة والقتل المريرَين؛ إذ نعلم أنّ علم النّفس التّحليلي، ومن بعده علم نفس الجريمة الذي تبنّى هذا المنحى، يُعطي حيّزا مهمًا لتنمية الإحساس بالجماليات، خصوصًا ما بين عمر الست واثنتي عشرة سنة، حيث تتزامن هذه المرحلة من حياة الطّفل مع مرحلة ما أسماه فرويد بمرحلة الكمون الجنسي. ويدخل في صلب هذا التّلقين للولد تعليمه على ما هو جميل وسامٍ وأخلاقي في الإنسانية؛ لنهْيِهِ عن قتل وتقطيع أوصال أخيه الإنسان.