يستعرض هذا الإيجاز الصحافي، تطورات الأحداث على الساحة الإيرانية، بدءاً بأهم ما تتناوله الصحف ووسائل الإعلام، عن رقعة التحركات الشعبية، وجديدها. يضاف إلى ذلك مجموعة من المقالات التحليلية، التي تسعى لتفسير أسباب ومحركات الحدث الإيراني وانعكاساته داخلياً وخارجياً.
رصدٌ صحافي
- الاتحاد الأوروبي يدعو إلى ضبط النفس:
تأتي الدعوات المطالبة طهران بضبط النفس واحترام حريّة التعبير وحفظ حق التظاهر السلمي، من قبل “الاتحاد الأوروبي”، كما جاء في تقرير نشرته “روسيا اليوم”، بعنوان “ما موقف الاتحاد الأوروبي من احتجاجات إيران؟”. استكشف موقف الاتحاد من الاحتجاجات الإيرانية.
- الغارديان: سقوط النظام الإيراني ربما يزيد التوتر:
أسباب اندلاع الاحتجاجات لا تزال تشغل العالم، وتفتح شهية الصحف. فتحت عنوان “مصرع (9) محتجين آخرين في إيران مع دخول الاحتجاجات اليوم السادس” نشرت صحيفة “ذا جارديان” البريطانية مادة تحاول فهم أسباب اندلاع هذه الاحتجاجات، والتي اعتبرتها الأكبر منذ الانتخابات الرئاسية عام 2009، مُشيرة إلى تردي الأوضاع الاقتصادية. كما أكدت أيضاً أن الاحتجاجات أخذت منحى سياسياً؛ ويعتقد التقرير أن سقوط النظام سيؤدي إلى ارتفاع وتيرة الاضطرابات والتوترات في المنطقة.
- نتنياهو: لم آمر بها ولم تسؤني:
أشار تقرير بعنوان “نتنياهو يجيب روحاني: إسرائيل ليست وراء الاحتجاجات الإيرانية، إيران تستحق ما هو أفضل”، المنشور في صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، إلى ما أكده نتنياهو من أن إسرائيل ليست وراء هذه الاحتجاجات، وأن الشعب الإيراني شعب ذكي، وعندما يتخلص من النظام سوف يرجع كلا الطرفين أصدقاء مرة أخرى.
- أسباب الاحتجاجات: المغامرات الخارجية المستفزة للداخل:
تناول مقال جاء بعنوان “أين من الممكن أن نتفق حول إيران” منشور في مجلة “بوليتيكيو” الأمريكية، أسباب الاحتجاجات الإيرانية، مشيراً إلى الفساد والتضخم والغلاء الداخلي. التي أرجعها إلى المغامرات الإيرانية في الخارج. وأشار تحديداً إلى سياسات إيران في سوريا ولبنان وغزة. ودعمها للإرهاب الذي يزعزع الاستقرار في الشرق الأوسط. ولكنه يؤكد أن الاحتجاجات كبيرة وجريئة وواسعة الانتشار ومثيرة للإعجاب، ولكنه غير أكيد أن هذه الاحتجاجات ستؤدي إلى سقوط النظام. إلا أن هذا ما نأمله، طالما أن هذا سيعود بالخير على الإيرانيين والأمريكيين والفلسطينيين والسوريين واليمنيين والعراقيين والإماراتيين والسعوديين.
- واشنطن بوست: يجب عزل إيران في حال قمعت التظاهرات:
أشارت مقالة نشرتها صحيفة “واشنطن بوست”، جاءت بعنوان “المحتجون في إيران يحتاجون مساعدة حقيقية من الولايات المتحدة الأمريكية”، إلى أن الاحتجاجات الإيرانية جاءت نتيجة الارتفاع في الأسعار وارتفاع معدلات البطالة فيها. وأكدت أنه ليس من المستغرب أن يتظاهر الشعب أيضاً ضد الفساد والنفقات العسكرية على الصراعات الخارجية. ويؤكد المقال ضرورة اتخاذ الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية والآسيوية موقفاً من هذه الاحتجاجات، وأن تقوم بتأييدها، مُشيراً إلى ضرورة عزل إيران دبلوماسياً أيضاً، في حال لجوء النظام إلى العنف في قمع هذه الاحتجاجات.
- خامنئي يدعو للتأهب وروسيا تتعاطف مع نظامه
وفي الإعلام العربي، كشفت “سكاي نيوز عربية” عن تقرير مسرب حول اجتماع المرشد الإيراني علي خامنئي، يوضح أن الاحتجاجات أضرت بمختلف القطاعات في البلاد، وأنها تهدد الأمن الإيراني ذاته. وكان التقرير الذي جاء بعنوان (حالة النظام الإيراني بعد “الانتفاضة”)، يُشير إلى أنَ الأمور باتت أسوأ من السابق ومعقدة جداً، ومن الممكن أن تتفاقم بشكل أكبر. خاصةً في ظل المطالب الاحتجاجية السياسية ولا سيما ضد خامنئي ذاته. ويقول التقرير: إن الولايات المتحدة والغرب “اتحدوا جميعاً لدعم المنافقين”، ويطلب من كل من ينتمون إلى الطبقة القيادية في البلاد “أن يكونوا في حالة تأهب ويراقبوا الوضع باستمرار”.
الخارجية الروسية من جهتها، كانت قد أعلنت مطلع يناير (كانون الثاني) 2018 أن التدخل في الشأن الإيراني بهدف زعزعة الاستقرار أمر مرفوض. مضيفة أن الاحتجاجات الإيرانية شأن داخلي.
- مجلة أتلانتك: الحرب من أجل إيران.. لن يأتي التغيير بسهولة أو قريباً:
يرى الباحث ذو الأصول الإيرانية كريم سجادبور -أقدم باحث في مؤسسة كارنيغي– يرى أنّ فرص نجاح الحركات الاحتجاجية في إيران ضئيلة جداً. فعلى عكس الحكومات المحافظة في الشرق الأوسط التي تميل إلى العلمانية وتحارب الحركات الإسلامية، النظام في إيران هو “استبدادي ديني يحارب التيارات العلمانية المعارضة، لذلك فإنّ المواطنين الساعين إلى التعددية وحفظ الكرامة هم دون قيادة، ويواجهون حكماً دينياً منظماً ومسلحاً ويقوم على تقديس الشهادة”. يضيف الكاتب أنّ عدد المتظاهرين في هذه المرة يبدو أقل من عددهم إبّان الثورة الخضراء في العام 2009، ولكن “الرقعة الجغرافية والإصرار” تعتبر غير مسبوقة، حيث بدأت الانتفاضة في مدينة مشهد، وهي مركز مزارات للمسلمين الشيعة ومعقل رئيس للتديّن في إيران، وفي بداية المظاهرات انطلقت عبارات مدوية مثل هتافات: “اتركوا سوريا واهتموا بنا”.
ويرى الكاتب أنّ الأوضاع الاقتصادية المتردية في إيران عامل مهم في تحريك الشارع، ولكن يجب ألّا يخطئ المحللون والمراقبون باعتبار صعوبة العيش العامل الوحيد، حيث إنّ “مظالم المرأة ونسبة الإعدامات العالية وانتشار الفساد بشكل واسع هي “مظاهر تسود في إيران وتثير سخط الشارع لأن من يحمي الجناة يدّعون مخافة الله والالتزام بتعاليم الدين”. يشير الكاتب إلى ما أشيع عن مسؤولية عناصر من الحرس الثوري والجناح الإيراني في إذكاء الاحتجاجات لغرض إحراج الرئيس روحاني، ولكن الحراك اليوم خرج عن سيطرتهم. مضيفًا أنّ العالم لا يعرف الكثير عن طبيعة الحياة في إيران بسبب قمع النظام الإيراني للصحفيين الموضوعيين الذين ينتقدون الحكومة الإيرانية، بينما تدعم منظومة الحكم الصحافيين الذين يتكلمون بإيجابية عن إيران.
ويقترح الكاتب كيفية دعم المتظاهرين بشكل لا يعود عليهم بالضرر كما حصل بعد حرب الخليج عام 1991، حين انتهى حراك الإطاحة بصدام بمجازر في جنوب العراق. معتقداً أنّ التضامن اللفظي الخالي من التحريض هو الأنسب، وأنّ يستوعب المسؤولون الأمريكيون أنّ للنظام الإيراني قدرة على فرض القوة على الشعب وقطع كافة شبكات الاتصالات.
- مجلة كومنتري: “ثورة إيران من أجل الكرامة الوطنية”:
يرى الكاتبان صهراب أحمري، وبيتر كوهانلو، أن ما يحصل في إيران هو ردة فعل طبيعية للحكم “الإسلامي الفاشي”، وأن الشعب يتوق اليوم إلى أن يصبح “شعباً طبيعيًا عاديًا”. حيث تثبت المظاهرات أنّ ما قيل في عهد الرئيس أوباما عن إمكانية “الإصلاح” في ظل حكم ديني قسري، ما هي إلّا أكذوبة، وأنّ الإيرانيين “يسعون إلى أن يجعلوا إيران عظيمة مرة أخرى”. والعبارة الأخيرة تحوي تلميحاً إلى شعار ترمب الانتخابي “لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى”. يذكر الكاتبان بعض الشعارات المرفوعة في المظاهرات: لا غزة ولا لبنان، نموت من أجل إيران. كما تعلو هتافات تترحم على “رضا شاه بهلوي”.
وفي مقالهما يشير الكاتبان إلى أنه “قد لا تكون إيران الجديدة بعد هذه المظاهرات ليبرالية بالمفهوم الغربي، ولكن مكانة إيران في المنطقة والعالم ستحددها الأولويات الوطنية المحلية وليس الفكر العابر للحدود. على إدارة ترمب التأثير على الناتج، فلا أحد يستطيع نكران أنّ ترمب -على الرغم من عيوبه- قادر على إثارة العواطف لدى حديثه عن الوطنية والانتماء الوطني”.
الخلاصة
من الملاحظ في التحليل المتعلق بالمظاهرات في إيران، أنّ الكتاب المشاركين هم في الغالب من الأصول الإيرانية، ويمكن تقسيم موقفهم إلى التالي: موقف مؤيد للمتظاهرين ومطالب بتغيير النظام، وآخر يتذرع بالواقعية والموضوعية فيعترف بوجود مشاكل كبيرة في الحكم الديني والوضع الاقتصادي، ولكنه غير متفائل بإمكانية التغيير، وقسم ثالث يحدد المظاهرات بعوامل معينة مثل المظالم الاقتصادية، وأنّ المظاهرات قد تكون محركة من جهات خارجية. ويبدو القلق الدولي من سيرة النظام الإيراني مع القمع أمراً يتكرر في غالب المواد التي اهتمت بالشأن الإيراني