يستعرض هذا الإيجاز اليومي منتخبات من الأخبار والمقالات والتقارير التي تعكس وجهات نظر بعض دوائر التفكير الغربية، وما نُشر فيها، حول التظاهرات والتحركات الشعبية في إيران، ومحاولة فهمها، وتقييم تعامل المفكرين والساسة الغربيين مع أخبارها.
أوروبا تغض النظر عن الانتهاكات في إيران
كتبت إريكا نيجيلي، الباحثة في مبادرة أمن إيران في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، حول موقف أوروبا من التظاهرات في إيران، وقارنتها بموقفها السابق قبل عقد من الزمن. مشيرة إلى موقف أوروبا الباهت من الاحتجاجات التي اندلعت أواخر عام 2017 والتي نتجت في الأصل عن مظالم اقتصادية، وبالرغم من أن قوات الشرطة وقوات الأمن الإيرانية قامتا باعتقال أكثر من (3700) شخص، وقُتل حوالي واحد وعشرين متظاهراً كان أربعة منهم في السجن، فإن الباحثة قارنت الوضع الحالي بالرد الأوروبي على أحداث الحركة الخضراء 2009، يوم كانت التصريحات الأوروبية أكثر حزماً وقوة ووضوحاً في إدانة أعمال العنف.
فقد انتقدت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، يومها، استخدام “قوة غير مقبولة بالكامل ضدّ المتظاهرين” و”موجة الاعتقالات” خلال التظاهرات. وقد قالت في تصريح لها: “تصطفّ ألمانيا إلى جانب الشعب الإيراني الذي يريد ممارسة حقّه في حريّة التعبير عن الرأي والتجمّع الحرّ”.
وتخلص الكاتبة في قولها إلى أن: “أوروبا قد تغضّ النظر عن قمع المتظاهرين في إيران، وتحثّ على الحوار في الوقت الراهن، وتتّكل على قدرة الرئيس الإيراني روحاني على إخماد التظاهرات بهدوء. ولكن إذا انفجرت المعلومات الآتية من إيران وظهرت عمليات قمع أكثر همجيةً، فقد تُضطر أوروبا إلى الردّ بشكل أقوى، مغضبةً إيران ومعقّدةً العلاقة الأمريكية-الأوروبية المتزعزعة أساساً”.
آندرو كوبر: إيران دخلت مرحلة جديدة
يعتقد آندرو سكوت كوبر مؤلف كتاب “ملوك النفط: كيف غيرت الولايات المتحدة وإيران والمملكة العربية السعودية ميزان القوى في الشرق الأوسط”، في مقابلة معه أجراها مايكل يونغ (مدير التحرير في مركز ‘كارنيغي’)، يعتقد أن إيران دخلت مرحلة جديدة.
قائلا: إنه “على الرغم من أن عوامل عديدة أشعلت فتيل هذه الاضطرابات، فإن ما أثارني على وجه الخصوص هو رؤية إيرانيين من الطبقة العاملة والطبقة الوسطى الدنيا في البلدات الصغيرة والمدن متوسطة الحجم، وهم يطالبون بإطاحة الجمهورية الإسلامية ويهتفون للمَلَكِيَة ولأسرة بهلوي المنفية. بالنسبة إلى العديد من المتظاهرين، الحالة البائسة للاقتصاد الإيراني والفساد هما اللذان وفّرا الظروف المناسبة كلياً لتفجير مشاعر القومية الفارسية المكبوتة”.
كوبر، وفي السياق ذاته، يعتقد أنه نتيجة لانطلاق الاحتجاجات ستضطر الدولة إلى إعادة تقييم طموحاتها الإقليمية، وسيكون عليها التركيز على خلق فرص عمل ومزايا اجتماعية وتعزيز الإنفاق الاجتماعي، ولكي تستطيع إيران فعل ذلك، يعتقد كوبر أن عليها إعادة توجيه الموارد بعيداً عن وكلائها الإقليميين. ومن خلال المقابلة كشف كوبر أن مرحلة إيران ما بعد 1979 قد انتهت وقد بدأت مرحلة جديدة، ويعتقد أنه في حال استمرار التوجهات الحالية فإننا سنشهد إيران أخرى.
الهدوء في إيران لن يدوم إلى الأبد
كتب فرود بيزهان عبر Radio free Europe Radio Liberty أن الهدوء الذي عم بعد الاحتجاجات الأخيرة في إيران لن يدوم إلى الأبد. مشيراً إلى جذور الاحتجاجات التي أرجعها الكاتب إلى الإحباط الذي ساد بين الشباب بسبب افتقارهم للحريات والفرص. يعتقد الكاتب أن المسؤولية في ذلك تقع على قيادة الجمهورية الإسلامية المتشددة، في سد الفجوة المتنامية بين الأجيال. مشيراً إلى تمتع الشباب الإيراني بتوقعات أعلى نتيجة اطلاعهم على العالم الخارجي، وإمكانية أكبر للوصول إلى المعلومات، وبالتالي باتوا يطمحون إلى امتلاك المزيد من الحريات والفرص.
الكاتب يرى أن المجتمع الإيراني تشوبه مشكلات عدة، حيث العوائق الاقتصادية والسياسية، وهذه العقبات لا يمكن علاجها من خلال “ولاية الفقيه”، وهذا ما دفع الكاتب إلى الإشارة إلى أن القيادة الإيرانية تحتاج إلى الاستجابة لمظالم السكان من خلال “عملية التكيف”. ويلفت الكاتب إلى أن الدولة إن لم تقم بالتكيف، فإن ذلك سيدفع مشاعر الغضب والإحباط للاشتعال مرة أخرى، وسيؤدي -على الأرجح- إلى احتجاجات أقوى.
خاتمة
تتضاءل التغطيات يومًا بعد يوم، ويسلّم الباحثون، بأنّ صفحة قد طويت، وبقي دراسة آثارها، وعلى الرغم من الاتفاق بأنّ هبّة شعبية تلوح بوادرها في الأفق، فإنّ الأسئلة حول مقدار استيعاب العالم لما جرى هو محل الشك والاختلاف.
ولا تزال الأسئلة بخصوص موقف أوروبا من الانتهاكات تدور دون أن تجد جوابًا يسكّنها، فلم صمت الأوروبيون على انتهاكات راح ضحيتها أكثر من عشرين مواطنًا، خُمسهم داخل سجون طهران؟ وليس هذا أصعب الأسئلة؛ ولكنّه ما يشدّ الباحثين، لأنه قد يحدد مصير الاحتجاجات المقبلة.