(دراسة نشرت في كتاب المسبار 99 “منصات الميديا الجديدة والعنف المقدس”، مارس آذار- 2015)
من البديهي تأكيد احتلال الإسلام السياسي بأطيافه كافة، الفكرية، ومدارسه الأيديولوجية، مساحة كبيرة في الإعلام، من حيث تغطية أخباره ومتابعة خطواته، إلى انطلاق نوافذ إعلامية معنية بترويج الخطاب الفكري والنهج السياسي لتلك التشعيبات التابعة لأطياف الإسلام السياسي المختلفة، مروراً بمساحات الإسلام السياسي الشاسعة في مواقع التواصل الاجتماعي، وقدرة حركات الإسلام السياسي على الظهور في شكل نمطي جديد داخل هذه المواقع جديرة بالمتابعة، والتدقيق في مآلات ما يقدمه للمتابعين.
ما ساعد وبقوة على بزوغ نجم حركات الإسلام السياسي في عوالم التواصل الاجتماعي؛ كانت الفورة الشعبية التي اجتاحت بعض الدول العربية، وانطلاق ما سمي بالثورات العربية بعد ذلك. إن ما تم في العالم العربي لم يرق إلى الثورات، بل فورات وانتفاضات شعبية فقط.
اللافت للنظر، أن حركات الإسلام السياسي تعاملت بمهنية مع مواقع التواصل الاجتماعي، وقدمت رسالتها إلى المتابعين بأسلوب ينم عن تقنية جيدة في التعاطي مع هذه الوسائط، في محاولة للبرهنة على امتلاك تلك الحركات -وخصوصاً الجهادية منها- الطرح الفكري والسياسي المحترم، الذي يشجع المتابع على أن ينهل منه.
تطور أداء حركات الإسلام السياسي بعد ذلك، وبدا في منتصف الأمر أن الحركات الإسلامية تسعى من خلال هذه النوافذ إلى استقطاب شريحة جديدة من المؤيدين، وتعمل على جذب جيل جديد يؤمن بأطروحاتها الفكرية والسياسية، فينشر أفكارها نيابة عنها في أوساط مريدي مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما عرف بعد ذلك باللجان الإلكترونية.
اللجان الإلكترونية، والتي تتبلور وظيفتها في الأساس في صد أي محاولات هجوم من الناقدين لطروحات الحركات الإسلامية، حتى لو تخلت عن وسائل الإقناع المقبولة، تنطلق كالجراد المنتشر وتهاجم الناقدين، وتنعتهم بأقذع الاتهامات من أجل تشويه صورة الخصم في مجابهة الإسلاميين.
ولعل الأنظمة الحاكمة في بلدان العالم العربي، لم تدرك أهمية دور مؤسسات الدين الرسمية إلا مؤخراً، فحاولت دار الإفتاء في مصر إصدار فتاوى، تحاول من خلالها تبيان خطورة العبث إعلامياً في مواقع التواصل الاجتماعي، وأن تقدم خطاباً رصيناً، إلا أن عجز تلك المؤسسات عن امتلاك مقومات الجاذبية التي تجاري صفحات الإسلاميين الحالية، جعل نجمها خافتاً في مواجهة مخاطر الخطاب الديني لحركات الإسلام السياسي في مواقع التواصل الاجتماعي.
بإمكانكم الاطلاع على الدراسة الكاملة من خلال الملف أدناه
الدراسة