الكاتب: مصباح الله عبدالباقي[1]∗
الناشر: مكتبة مدبولي، القاهرة، الطبعة الأولى، 2009، (259 صفحة)
قراءة: د. ريتا فرج (باحثة لبنانية في علم الاجتماع، عضو هيئة التحرير في مركز المسبار للدراسات والبحوث)
أثارت المدارس الدينية في باكستان الكثير من السجال في الأوساط العربية والعالمية بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) 2001، نتيجة ارتباطها بتهمة دعم الإرهاب. تلقى (10) من كبار قادة طالبان الـ(12) تعليمهم في مدرسة دار العلوم الحقانية في بيشاور. وكانت بينظير بوتو (1953- 2007) زعيمة المعارضة، رئيسة الوزراء السابقة لباكستان، صرحت قبل اغتيالها ببضعة أيام أمام، نحو (25) ألفاً من أنصارها، بأن الرئيس برويز مشرف لم يفعل شيئاً لإصلاح المدارس الدينية. وأشارت إلى أن هناك مدارس دينية سياسية في باكستان تعلم طلابها كيف يصنعون القنابل ويستعملون البنادق، ويقتلون النساء والأطفال وكبار السن. وفي 2007 أكد الرئيس الأفغاني حميد كرزاي أن مفتاح تخليص أفغانستان من الجماعات الإرهابية، لا يكمن في زيادة عناصر القوات المسلحة، وإنما في تدريب المزيد من الجنود وإغلاق المدارس الدينية في باكستان التي تشجع العنف، موضحاً أن المدارس الدينية عبارة عن معسكرات تدريب وتفريخ الإرهابيين الذين يقتلون النساء والأطفال في كل مكان[2].
في كتابه: “المدارس الدينية في باكستان من الجامعة الحقانية إلى المسجد الأحمر” يقدم مصباح الله عبدالباقي مادة حول نشأة التعليم الديني في شبه القارة الهندية، وصولاً إلى انفصال الهند عن باكستان (1947) وما نتج عنه من انعطافات على مستوى أداء المدارس الدينية الباكستانية. وعلى الرغم مما يسجل له من الإحاطة بتاريخ التعليم الديني والكشف عن معلومات جديدة في موضوع دراسته، فإنه لا يُخفي تحفظه الشديد على الدعوات لإصلاح التعليم الديني، محاولاً -قدر المستطاع- الردّ على الدعاوى التي تربط المدارس الدينية الباكستانية بالإعداد لإنتاج أيديولوجيا الإرهاب والعنف. يتخذ الكتاب طابعاً دفاعياً لا يخلو من نهج التقريظ، لا سيما حين يتطرق الكاتب إلى النظام التعليمي السائد في تلك المدارس، إذ تجده يبذل قصارى جهده للتخفيف من وطأة الاتهامات التي تُكال حيال المدارس الدينية على مستويات مناهجها التعليمية واتجاهاتها الفكرية.
المدارس الدينية من الغزنويين إلى الإنجليز
يستهل عبدالباقي كتابه، الذي جاء في ستة فصول، بالخلفية التاريخية للتعليم الديني في شبه القارة الهندية منذ عهدي الغزنويين (القرن الرابع الهجري) والغوريين، مروراً بالتعليم في عصر المماليك وعهد الخلجيين، وصولاً إلى عصر المغول والإنجليز، حتى بداية الانفصال بين الهند وباكستان وما تلاه من تحولات عرفتها المدارس الدينية الباكستانية ضمن الجغرافيا الجديدة.
كان عهد الغزنويين هو العصر الذي بدأ فيه الاهتمام الإسلامي بالتعليم الديني الرسمي في شبه القارة الهندية. شهد عهد السلطان أبي القاسم محمود الغزنوي تأسيس مدرسة كبيرة في عاصمة دولته “غزنة” بعد فتح منطقة “قنّوج” في الهند. وحين تولى الغوريون الأمور في الهند، أنشأ السلطان شهاب الدين غوري في “أجمير” أقدم المدارس الدينية الإسلامية في الهند. والمدارس التي أُسست في عهد الغزنويين والغوريين والعصور الابتدائية التالية هي: المدارس التي أنشأتها الحكومة، والمدارس الملحقة بالزوايا والتكايا الصوفية، والمدارس الملحقة بالمساجد، والمدارس الملحقة بالأضرحة.
اشتهر عصر المماليك، وتحديداً في زمن السلطان شمس الدين التمش (المتوفى عام 1236) بإنشاء المدارس في جميع أنحاء الهند، وخصوصاً في العاصمة “دهلي” حيث اشتهرت “المدرسة المعزية”. ومن بين السلاطين الخلجيين عرف عن السلطان جلال الدين الخلجي اهتمامه بالعلماء وطلاب العلم، وكان البلاط السلطاني مأوى لعلماء جميع الفنون، ومن بينهم الفقيه والمفسر والمحدث والشاعر والمنطقي والفيلسوف والطبيب. وفي عهد أسرة “تغلق” اهتم ملوكها بالتعليم وبناء المدارس، وقد وصل عدد المدارس في “دهلي” وحدها أيام السلطان محمد تغلق إلى ألف مدرسة، منها مدرسةٌ واحدة للشافعية وباقيها للحنفية. وشهدت هذه الحقبة أقدم المحاولات لتقنين الشريعة في فترة حكم السلطان فيروز شاه، الذي أدخل تغييرات على المناهج الدراسية، فأدرج العلوم العقلية فيها مثل الفلسفة والمنطق وعلم الفلك والحساب وعلم الكلام، بعدما غلب عليها الفقه وأصوله والحديث والقرآن.
اتخذ التعليم في عصر المغول، خصوصاً مع تولي السلطان جلال الدين أكبر[3]الحكم، طابعاً مختلفاً عن الفترات السابقة، طال المناهج التعليمية التي تنوعت واشتملت على مختلف الفنون والعلوم. وقد دفع التغيير السلطان جلال الدين إلى استقدام السيد فتح الله شيرازي من إيران إلى الهند، فأدخل تعديلات عديدة على المنهج الدراسي، عبر تكثيف مواد المنطق والفلسفة على حساب الحديث والتفسير والفقه والأصول. يلفت مصباح الله عبدالباقي إلى دعوة جلال الدين أكبر لتأسيس “الدين الإلهي” أو “الدين الأكبري” مما دفعه إلى إنشاء منتدى العلماء عام 986هــ في منطقة “فتح بور” ضم أتباع الديانات الأخرى (الهندوسية والبوذية والمسيحية).
سعى الإنجليز من خلال “شركة الهند الشرقية” (1600) إلى تجفيف نظام التعليم في المدارس الدينية، وعملوا على محاور عدة: ترويج اللغة الإنجليزية، ونشر العلوم الغربية، والفصل بين التعليم العصري والتعليم الديني. وفي ظل الانقسامات الدينية إبان الاستعمار البريطاني للهند، رأت مجموعة من المسلمين، ومن بينهم السيد أحمد خان (1817 -1898) -أكبر رجال الإصلاح الإسلامي في القرن التاسع عشر- ضرورة التعاون مع الإنجليز، والتخفيف من سياسة العداء لهم، وتأييد التعليم العصري، وتبني المسلمين للحضارة الغربية. وكان قد نشر في مجلته “تهذيب الأخلاق” -كما يلفت الكاتب- مجموعة من المقالات ترتبط بتفسير القرآن، حاول فيها تقديم تفاسير مختلفة حول بعض المسلمات الإسلامية، نذكر منها: اعتبار الإسراء والمعراج وشق صدر الرسول حوادث مناميّة، والنظر إلى جميع النصوص القرآنية والحديثية الواردة في الحساب الأخروي والكتاب والميزان والجنة والنار ليست من قبيل الحقيقة، بل هي استعارات وتمثيلات؛ والقول: إن القرآن لا يدل على أن عيسى ولد من غير أب، أو أنه رفع إلى السماء حياً.
اتجاهات المدارس الدينية
يرصد عبدالباقي الاتجاهات الفكرية والدينية المسيطرة على المدارس الدينية في شبه القارة الهندية، التي انتقلت لاحقاً بعد الانفصال إلى باكستان وهي على النحو الآتي:
أولاً: الاتجاه الديوبندي (نسبة إلى جامعة إسلامية تُسمى دار العلوم ديوبند أسست عام 1867 في مدينة ديوبند).
ثانياً: الاتجاه البريلوي (نسبة إلى الشيخ أحمد رضا خان البريلوي).
ثالثاً: الاتجاه السلفي.
رابعاً: الاتجاه الشيعي.
خامساً: الجماعة الإسلامية في باكستان (أنشأها أبو الأعلى المودودي).
يجري عبدالباقي مقارنة بين الاتجاهات الدينية الخمسة، محدداً انتماءاتها المذهبية وخلفياتها التاريخية ومواقفها من قضايا عدة مثل التصوف والاجتهاد وعلم الكلام والعقيدة والسياسة وأتباع المذاهب الأخرى. واللافت -في ما يشير إليه الكاتب- اعتبار الاتجاه البريلوي أن الأنبياء جميعاً أحياء يرزقون ويتنعمون بجميع الملذات، وأن النبي يتصرف في الكون ويتحكم فيه، ويثبت التصرف في الكون للأولياء والصالحين. هذا الموقف الديني البريلوي يحيلنا على مفهوم “الولاية التكوينية” الذي ينادي به بعض المرجعيات الدينية الشيعية، التي تعتبر “أن الله قد أعطى الأئمة ولاية على تدبير شؤون الكون”. وكان المرجع الراحل السيد محمد حسين فضل الله قد نفى في كتابه: “نظرة إسلامية حول الولاية التكوينية” إعطاء مواصفات هذه الولاية لغير الله، لأن إحالتها على الأنبياء والرسل تتناقض مع عقيدة التوحيد، فيعرض في دراسته لأبرز النظريات الفقهية التي طالت هذا الموضوع، بين مؤيد ومعارض، مع تأكيده أن الولاية التكوينية ليست من المعتقدات الأساسية لدى الشيعة الإمامية، ولا ضرورة لإعطاء هذه الولاية إلاّ بالمقدار الذي تحتاجه الرسالة في أصعب الأوقات[4].
المدارس الدينية في باكستان: النشأة والمناهج والتطوير
يخصص الكاتب الفصل الثالث لنشأة المدارس الدينية في باكستان وتطورها ومناهجها الدراسية. بعدما انقسمت شبه القارة الهندية إلى دولتين مستقلتين: الهند وباكستان، بقيت غالبية المدارس الدينية في المناطق الخاضعة لسيطرة الهند، مما دفع عدداً من القائمين على المدارس الدينية لنقلها إلى باكستان، وكان عددها في البداية قليلاً جداً وارتفع بشكل ملحوظ لاحقاً.
تقدم هذه المدارس خدمات عدة: التعليم المجاني، والإرشاد الديني وإصدار الفتاوى، وإصدار المجلات، وإعداد البحوث والدراسات، وتوفير الأئمة والخطباء للمساجد، وتوفير المدرسين والأساتذة للمدارس الدينية وللدراسات الإسلامية.
تصل فترة الدراسة في هذه المدارس إلى (16) سنة يمر فيها الطالب بالمراحل الدراسية التالية: المرحلة الابتدائية (5) سنوات، المرحلة المتوسطة (4) سنوات، الثانوية العامة (سنتان)، الثانوية الخاصة (سنتان)، المرحلة العالية (سنتان)، المرحلة العالمية (سنتان).
تنقسم المدارس إلى مدارس البنين والبنات، أما من حيث المستوى، فتندرج ضمن ثلاثة أقسام: الأول: مدارس تحفيظ القرآن الكريم والتدريس على قراءته. والثاني: المدارس التي يتم تدريس بعض المراحل الدراسية السابقة على المرحلة الأخيرة، وهي مرحلة دورة الحديث. والثالث: هي المدارس التي يتم فيها تدريس جميع المراحل الدراسية بما فيها مرحلة دورة الحديث.
شهدت المدارس الدينية نمواً مطرداً خلال ستين عاماً. في 1947 كان عددها (245) مدرسة ووصل في 2007 إلى حوالي (19000) مدرسة. يُعيد الكاتب الارتفاع في أعداد المدارس إلى أسباب عدة، منها: انتشار الصحوة الإسلامية، والشعور بأهمية التعليم، والاعتراف بالشهادات.
يضع الكاتب عدداً من الجداول تتضمن المقررات التي يتم تدريسها للطلاب خلال السنوات الدراسية، بدءاً من السنة الأولى حتى المرحلة العالمية، وذلك تبعاً للاتجاهات السائدة التي أشرنا إليها أعلاه (الديوبندي، البريلوي، السلفي، الشيعي، الجماعة الإسلامية). ويلاحظ أن كل المقررات -دون استثناء- يغلب عليها المنهج القديم والكتب القديمة. ومن اللافت أن بعض المقررات تُدرس الفلسفة والمنطق في سنوات محددة. هذا إلى جانب مقرر “مقارنة الأديان” الذي يُدرس في كل الاتجاهات الدينية -باستنثاء الاتجاه السلفي- في حين أن الاتجاه الشيعي أدرج مادة “الأخلاق والمناظرة” في الثانوية العامة والمرحلتين العالية والعالمية.
تتوزع المواقف من فكرة تطوير المناهج الدراسية في المدارس الدينية على ثلاثة فرق: الفريق الأول: الرافضون للتطوير. الفريق الثاني: تطوير يتناسب مع طبيعة المنهج القديم. الفريق الثالث: يدعو إلى التطوير الجذري.
المدارس الدينية والإرهاب
يتناول عبدالباقي الشبهات المثارة حول المدارس الدينية في باكستان، ومن ضمنها عمليات التمويل الخارجي، حيث تشير تقارير عدة إلى تلقي هذه المدارس الدعم المالي من بعض الدول الخليجية عموماً، ومن المملكة العربية السعودية خصوصاً. وفي سبيل دحض شبهات التمويل -كما يرى الكاتب- يطالعنا بمصادر تمويل المدارس التي تستند إلى: مساعدات الحكومة الباكستانية، والتبرعات الشعبية داخل باكستان، وتبرعات الباكستانيين المقيمين في الخارج، والتبرعات الشعبية لغير الباكستانيين.
ينتقد عبدالباقي التهم الغربية التي تعتبر أن المدارس الدينية لها علاقة بالعنف والعمل المسلح، وأن طلابها على علاقة مباشرة بالأعمال الإرهابية، علماً أن تقارير غربية أشارت إلى أن أغلب قيادات حركة طالبان كانوا من خريجي الجامعة الحقانية والمدارس التابعة لها، وشاركوا في المعارك التي خاضتها طالبان ضد قوات التحالف الشمالي.
يرى عبدالباقي أن السبب الحقيقي لهذه الهجمة الغربية يكمن في الضغط على الحكومات من أجل القضاء على المدارس الدينية، لأنها -برأيه- تعرقل المشروع الغربي في العالم الإسلامي. واستناداً إلى خلاصات واهية يغلب عليها الخطاب الإنشائي والتبريري يدرج جملة من الحجج، من ضمنها “نظرية صدام الحضارات”، في رده على التقارير التي تربط المدارس الدينية الباكستانية بدعم الإرهاب وتأطيره أيديولوجياً.
المسجد الأحمر
يتحدث الكاتب عن الأحداث الدامية التي شهدها المسجد الأحمر عام 2007، حيث تعرض إلى حصار عسكري على خلفية اتهام الحكومة الباكستانية للقائمين على جامعة حفصة للبنات التابعة له بتخرين السلاح وإيواء إرهابيين، وأن إدارة الجامعة كانت تخطط في البداية لخوض معركة عسكرية ضد الدولة. ويذكر أن المحفز الأول الذي استدعى هذا الرد من قبل الحكومة الباكستانية، الفتوى التي أصدرتها دار الإفتاء التابعة لمدرسة لآل المسجد (المسجد الأحمر) ضد القوات الباكستانية المسلحة. خلاصة الفتوى أن “القوات المسلحة التابعة لدولة مسلمة لا يجوز لها القتال ضد المسلمين من أتباع تلك الدولة، وأن من يموت من أفراد الجيش في القتال الدائر بين الجيش الباكستاني والقبائل في وزيرستان فموته حرام ولا يجوز صلاة الجنازة عليه، ومن يقتل من أفراد القبائل بأيدي الجيش فهو شهيد، لأن الجيش صائل”.
المدارس الدينية حلول مبتورة
يطرح عبدالباقي مجموعة من الخطوات يدرجها تحت باب “المشكلات الحقيقة للمدارس الدينية” مشيراً إلى جملة من مسائل معقدة تقتضي تجاوزها ومن بينها: طريقة التدريس، الاهتمام بالكتاب المقرر بدلاً من الاهتمام بالعلم والفن، الخلافات المذهبية المسيطرة، وضعف المستوى التعليمي.
لا يناقش الكاتب المشاكل الحقيقة التي تعاني منها المدارس الدينية في باكستان، ويكتفي بالإشارة إلى بعض المعوقات على مستوى المنهج وطريقة التدريس، متجنباً الخوض في طبيعة المقررات التي تُدرس للطلاب ومحتواها.
ختاماً، باتت قضية التعليم الديني في العالمين العربي والإسلامي مسألة ملحة لا تتحمل أي تأجيل، لا سيما وسط اشتداد الغليان المذهبي وتفاقم حركات العنف الديني؛ فالمشكلات التي يعاني منها التعليم الديني والمتراكمة منذ عقود، تستوجب القيام بورشة إصلاح طارئة، تؤدي إلى تأسيس منظومة دينية/ تربوية تأخذ بعين الاعتبار التطورات التي عرفتها العلوم الدينية الحديثة، وتسمح بتجاوز الجمود الذي تفرضه المقررات المشبعة بالغلو والتكفير وإثارة الكراهية. بمعنى أدق: القيام بمشروع ديني/ إصلاحي ينهض على ثقافة دينية إنسانية منفتحة تجمع -إلى جانب علوم التراث، التي من الضروري تنقيحها- العلوم الحديثة مثل: علم الأديان المقارن، والأنثروبولوجيا الدينية، وعلم الاجتماع الديني، والهرمينوطيقا، وعلم النفس الديني، وغيرها من العلوم.
[1]∗ أستاذ مشارك في قسم التفسير وعلوم القرآن، كلية أصول الدين في الجامعة الإسلامية العالمية بإسلام آباد (باكستان). حصل على الدكتوراه عام (2001) من قسم التفسير في الجامعة نفسها، وعيّن أستاذاً مساعداً فيها. وصدر له عديد من الكتب والبحوث في الدوريات المحكمة، وعشرات المقالات في المجلات والمواقع العربية، والمجلات باللغات المحلية. من مؤلفاته: “حقيقة الغزو الأميركي لأفغانستان”، “الإمام أبو جعفر الطحاوي وأثره في نقد الحديث”، “واقع المدارس الدينية الأهلية في باكستان”، و”الغناء والموسيقى بين التحليل والتحريم”.
[2]– العزي، عاطف، “خطر المدارس الدينية المتطرفة في باكستان”، موقع إيلاف، 14 يناير (كانون الثاني) 2008، على الرابط التالي:
http://elaph.com/ElaphWeb/AsdaElaph/2008/1/295905.htm
[3]– ولد محمد جلال الدين عام 949هــ/ 1542م في إحدى قلاع السند، بينما كان والده السلطان همايون قد غادر مملكته بعدما نجح الأفغاني شير شاه في الاستيلاء على الهند، ولم يقدر لهمايون أن يرى ولده إلا بعد قرابة (13) عاماً، وذلك بعد أن عاد من منفاه ليبدأ استرداد عرشه. نشأ جلال الدين في قندهار متخفياً عن الأنظار، ومن ثم لم يتلق أي قدر من التعليم، فنشأ أمياً لا يعرف القراءة أو الكتابة بأي لغة من لغات البلاط المغولي، ولكنه -على الرغم من ذلك- كان حاد الذكاء محباً للعلم والعلماء ويقبل على مجالستهم والتحاور معهم. وحسب المصادر التاريخية، فإن حفيد تيمورلنك (من الدرجة السادسة) كانت لديه مكتبة ضخمة تضم (24) ألف كتاب. بعدما استعاد همايون ملكه عين ابنه جلال الدين حاكماً على البنجاب عام 962هـ/ 1555م، وبعد عام واحد توفي همايون فنودي بأكبر سلطاناً على الهند وهو في الرابعة عشرة، فتولى الوصاية عليه بيرم خان وزير أبيه. الصاوي، أحمد، “جلال الدين أكبر ملك محارب وفيلسوف لا يعرف القراءة والكتابة”، جريدة الاتحاد الإماراتية، 27 يوليو (تموز) 2013، متوافر على الرابط التالي:
http://www.alittihad.ae/details.php?id=70953&y=2013&article=full
سعى جلال الدين أكبر إلى تطوير نقطة لقاء بين ممثلي مختلف الديانات (الإسلام، الهندوسية، المسيحية). وتنهض أسس “الدين الإلهي” أو “الأكبري” على نظام أخلاقي يدعو إلى التقوى والحكمة والعفة والكرم بوصفها فضائل أساسية، وعلى أن تنقية الروح إنما تكون عبر التوق إلى الذات الإلهية. وقد منع ذبح الحيوانات، ولم تكن ثمة كتب مقدسة أو تسلسل هرمي/ كهنوتي. جوبهت هذه الفكرة بالرفض ولم تدم طويلاً.
[4]– يقول المرجع محمد حسين فضل الله: “أما الولاية على الكون فهي ليست من شأنهم ولا من دورهم؛ لأن الله وحده هو الذي يملك الولاية الخالقيّة والفعليّة على إدارة نظام الكون كلّه، وليس لأحد من خلقه شأن فيها!! لا سيّما إذا عرفنا بأن الأنبياء لم يمارسوا الولاية التكوينيّة في أي موقع من مواقعهم!! حتى في مواجهة التحدّيات التعجيزيّة، إلا في موارد الإذن الإلهي الخاص بإصدار المعجزة هنا وهناك، فما معنى ولاية لا يستعملها صاحبها حتى في دفع الضرر عن نفسه وحماية نفسه من الأخطار؟”. في حين ينظر الخميني إلى مفهوم الولاية التكوينية على طرف نقيض، ويقول في كتابه “الحكومة الإسلامية”: “ثبوت الولاية التكوينية للإمام لا يعني تجرّده عن منزلته التي هي له عند الله، ولا يجعله مثل من عداه من الحكّام، فإن للإمام مقاماً محموداً ودرجة سامية وخلافة تكوينيّة تخضع لولايتها وسيطرتها جميع ذرات هذا الكون”. راجع: فضل الله، محمد حسين، نظرة إسلامية حول الولاية التكوينية، دار الملاك، بيروت، الطبعة الثانية، 2011.