شهد الربع الأول من العام الحالي تغيرات في العمليات الإرهابية جغرافياً وحركياً ومن ناحية الأثر، مقارنة بالربع الأول من الأعوام (2016، 2017، 2018). ويسلط هذا التقرير الضوء على تلك التغيرات، موضحاً عدد العمليات وما أسفرت عنه من ضحايا، وأبرز الدول المستهدفة في استراتيجية التنظيمات الإرهابية، وأكثر التنظيمات تهديداً ونشاطاً في الفترة الزمنية المعنية.
عدد العمليات الإرهابية وضحاياها:
شهد الربع الأول من العام (2016 إلى 2019) زيادة في النشاط (عدد العمليات) مع ضعف في التأثير (عدد الضحايا). ففي الوقت الذي جاء فيه عدد العمليات في الربع الأول 2016 نحو (257) عملية وأسفرت عن سقوط نحو (3160) ضحية، جاء عدد العمليات في الربع الأول 2019 (586) عملية أسفرت عن سقوط نحو (2473) ضحية. أي إن متوسط الضحايا انخفض من (12) ضحية في 2016، إلى (4) في 2019، مع معدل زيادة في عدد العمليات الإرهابية بواقع (56.2%). إلا أن الربع الأول من العام 2019 شهد زيادة في عدد العمليات الإرهابية والضحايا مقارنة بالربع الأول من عامي (2017/2018).
النطاق الجغرافي:
شهد الربع الأول من العام 2016 استهداف نحو (40) دولة على مستوى العالم، وارتفع بالعام (2017) ليصل إلى نحو (52) دولة، ثم عاود في التراجع من 2018.
الربع الأول من العام 2016 سجلت العراق المرتبة الأولى من حيث عدد العمليات، حيث بلغت نحو (45) عملية. ثم أفغانستان بواقع (21) عملية إرهابية. واستمرت العراق في المرتبة الأولى بالربع الأول من العام 2017 بواقع (49) عملية، إلا أن هذا العام حلت نيجيريا بالمرتبة الثانية بواقع (32) عملية إرهابية.
الربع الأول من العام 2018 تغير الوضع وحلت أفغانستان بالمرتبة الأولى بواقع (82) عملية إرهابية، ثم الهند بواقع (58) عملية إرهابية. أما الربع الأول من العام 2019 ومع محاولة تنظيم داعش للعودة حلت سوريا بالمرتبة الأولى بواقع (100) عملية كأكبر عدد عمليات تستهدف دولة بالربع الأول من العام منذ 2016، ثم جاءت أفغانستان في المرتبة الثانية بواقع (88) عملية.
دول مستمر بها الإرهاب منذ 2016:
من بين الدول التي تعرضت للعمليات الإرهابية خلال الأعوام السابقة هناك (24) دولة ظل بها تهديد إرهابي بالربع الأول من العام منذ 2016 حتى 2019، ويوضح الجدول التالي أبرز (10) دول من حيث عدد العمليات:
دول ظهر/ اختفى بها الإرهاب 2019:
في الوقت الذي يستمر التهديد الإرهابي لدول بعينها على مدار السنوات السابقة، هناك دول ظهر فيها خلال الربع الأول من العام 2019 تهديدات إرهابية، لم تشهدها خلال الربع الأول من الأعوام السابقة وهي (إسبانيا، نيوزيلندا، نيبال، النرويج).
بالإضافة إلى ذلك هناك مجموعة من الدول لم تشهد عمليات إرهابية بالربع الأول من العام 2019 على الرغم من تعرضها في الأعوام السابقة لتهديدات إرهابية وقد بلغت (27) دولة وهي: (أوكرانيا، بنجلاديش، بروندي، الإكوادور، اليونان، بيرو، كندا، البحرين، لبنان، بلجيكا، ساحل العاج، السويد، النمسا، الصين، أنجولا، أفريقيا الوسطى، روندا، أذربيجان، لاوس، السنغال، أوروجواي، ماليزيا، بوليفيا، البرازيل، كوسوفو، جواتيمالا، بارغواي).
الإرهاب والعنف السياسي وفقاً للتنظيمات:
يظل تنظيم داعش هو المسيطر من حيث عدد العمليات بالربع الأول من كل عام منذ 2016، على الرغم من التراجعات التي شهدها التنظيم العام الحالي، كما يوضح المخطط التالي:
التنظيمات الأكثر دموية:
ظل تنظيم داعش هو التنظيم الأكثر دموية خلال الربع الأول من (2016/2017)، وحلت بدلاً منه حركة طالبان خلال الربع الأول بعامي (2018/2019)
أبرز التنظيمات ونشاطها:
داعش:
ارتفع عدد عمليات تنظيم داعش بنسبة (53%) في الربع الأول من العام الحالي، مقارنة بالربع الأول من العام (2016)، حيث جاء عدد العمليات على التوالي (158، 74)، في حين انخفض عدد الضحايا بالربع الأول من العام الحالي بنسبة (76%) مقارنة بالربع الأول من العام (2016)، كما يوضح المخطط التالي:
من ناحية الدول، فقد جاءت تهديدات داعش في الربع الأول من العام 2016 لنحو (15) دولة، ثم ارتفعت التهديدات بالربع الأول من العام 2017 لتصل إلى (18) دولة، من الربع الأول من العام 2018 بدأ عدد الدول المستهدفة من قبل التنظيم يقل ليسجل بالربع الأول من عامي (2018، 2019) تهديدات لـ(13، 12) على التوالي.
إلى جانب هذا، هناك ثلاث دول بالإضافة إلى العراق وسوريا يظل التنظيم يستهدفها بالربع الأول من كل عام منذ 2016 وهي (أفغانستان، مصر، روسيا).
طالبان:
ارتفع عدد عمليات حركة طالبان بنسبة (73%) في الربع الأول من العام الحالي، مقارنة بالربع الأول من العام (2016)، حيث جاء عدد العمليات على التوالي (73، 20)، كما ارتفع عدد الضحايا بالربع الأول من العام الحالي بنسبة (62.5%) مقارنة بالربع الأول من العام (2016)، كما يوضح المخطط التالي:
من ناحية الدول المستهدفة من قبل حركة طالبان، فيظل نشاط الحركة -بطبيعتها- مقتصراً على دولتي (أفغانستان، باكستان). إلا أن النشاط الغالب للحركة دائما ما كان في صالح طالبان أفغانستان.
بوكو حرام:
ارتفع عدد عمليات تنظيم بوكو حرام بنسبة (59%) في الربع الأول من العام الحالي، مقارنة بالربع الأول من العام (2016)، حيث جاء عدد العمليات على التوالي (39، 16)، في حين انخفض عدد الضحايا بالربع الأول من العام الحالي بنسبة (24%) مقارنة بالربع الأول من العام (2016)، كما يوضح المخطط التالي:
يظل تركيز حركة بوكو حرام على أربع دول بالأساس (نيجريا، الكاميرون، النيجر، تشاد). ويلاحظ أن الحركة في الربع الأول من العام الماضي كان تركيزها في الغالب على دولتي (نيجريا، الكاميرون)، إلاّ أنه بالربع الأول من العام الحالي حلت (النيجر) بدلاً من الكاميرون، ليكون تركيز الحركة بالأساس على (نيجريا، النيجر)، كما يوضح المخطط التالي:
الشباب المجاهدين الصومالية:
ارتفع عدد عمليات حركة الشباب المجاهدين الصومالية بنسبة (53%) في الربع الأول من العام الحالي، مقارنة بالربع الأول من العام (2016)، حيث جاء عدد العمليات على التوالي (38، 18)، في حين انخفض عدد الضحايا بالربع الأول من العام الحالي بنسبة (2%) مقارنة بالربع الأول من العام (2016)، كما يوضح المخطط التالي:
من ناحية الدول المستهدفة من قبل الحركة، ففي الربع الأول من العام 2016، اقتصر نشاط الحركة على الصومال، وأضيفت كينيا في الربع الأول من الأعوام التالية لقائمة أهداف ونشاط الحركة. ووفقا للمخطط التالي فإن عدد العمليات التابعة للتنظيم في الصومال تزداد من عام لآخر، في حين انخفض عدد العمليات في كينيا بمعدل (60%) بالربع الأول من العام الحالي مقارنة بنظيره العام الماضي.
القاعدة:
ارتفع عدد عمليات تنظيم القاعدة بنسبة (76%) في الربع الأول من العام الحالي، مقارنة بالربع الأول من العام (2016)، حيث جاء عدد العمليات على التوالي (25، 6)، وارتفع عدد الضحايا بالربع الأول من العام الحالي بنسبة (46%) مقارنة بالربع الأول من العام (2016)، كما يوضح المخطط التالي:
من ناحية الدول، فيستمر نشاط التنظيم بلا انقطاع في دولتي (مالي، اليمن) بالربع الأول من الأعوام (2016) إلى (2019)، وعلى الرغم من أهمية اليمن بالنسبة للتنظيم وحالة عدم الاستقرار التي تشهدها الدولة فإن نشاط التنظيم الأغلب كان في مالي وليس اليمن. كما لوحظ أن التنظيم حاول في العام الماضي التسلل لدول (الجزائر، فرنسا، الهند) إلا أنه لم يتمكن في الربع الأول من العام الحالي من استهداف تلك الدول.
ملاحظات ختامية:
- توضح الإحصاءات أن هناك ارتفاعاً واضحاً في عدد العمليات الإرهابية (النشاط) بالربع الأول من العام الحالي بنسبة (56.2%) مقارنة بالربع الأول من العام (2016)، مع انخفاض في عدد الضحايا (الأثر) بالربع الأول من العام الحالي بنسبة (21.7%) مقارنة بالربع الأول من العام (2016)، وهذا ما يفيد بصورة عامة انخفاض خطر الإرهاب عالمياً.
- جغرافياً، لوحظ أن الربع الأول من العام 2017 كان الأكثر اتساعاً جغرافياً، حيث طال الإرهاب نحو (52) دولة، مقارنة بـ (40) بنظيره من العام 2016. إلا أنه بالربع الأول من عامي (2018، 2019) عاود في الانخفاض ليسجل تهديدات لـ(45، 44) على التوالي. وعلى الرغم من أن هناك انخفاضاً في عدد الدول بالربع الأول من العام الحالي، فإنه ارتفع عن الربع الأول من العام 2016، وظهرت تهديدات لدول جديدة بالعام الحالي، توضح أن جهود مكافحة الإرهاب جهود أحادية تركز على المواجهة وتتجاهل الردع والتحصين، وأنها لا تتجه لمحاربة التطرف (الفكر) أثناء مواجهتها للإرهاب (الفعل).
- الزيادة في عدد العمليات التي تقوم بها مجموعات بخلاف التنظيمات الرئيسة، تفيد بأن هناك حاجة ملحة إلى ضرورة إعادة النظر في خريطة انتشار الإرهاب، وعوامل تغذية الفكر المتطرف عالمياً وبكل دولة على حدة.
ارتفاع عدد العمليات التي لم تتبع أي تنظيم أو حركة بصورة واضحة بالربع الأول من العام الحالي ليصبح (56) عملية، مقابل (4) عمليات بالربع الأول من العام الماضي 2018، يفيد بأن العام الحالي سيشهد تحركات فردية عالمياً في مناطق متفرقة، مما يزيد من تعقيدات المواجهة الأمنية للإرهاب في العام الحالي.