يثار من وقت لآخر سجال حول درجة الثقة في بيانات قاعدة الإرهاب العالمية. فمن ناحية أكد “Olof Sundin” أستاذ دراسات المعلومات بجامعة لوند بالسويد، أن بيانات “GTD” لا يمكن الوثوق بها. بالإضافة إلى قول “Olof” دار سجال بين القائمين على جمع بيانات قاعدة الإرهاب العالمية، وبين المشككين بها، بصحيفة “واشنطن بوست” في سلسلة مقالات نشرت 2014، تناقش درجة الثقة في قاعدة الإرهاب العالمية، وأن هناك بعض المشكلات الواجب التصدي لها. يرى “Silke Andrew” أيضا أن “إنشاء بيانات عن الإرهاب من المصادر المفتوحة أمر فوضوي”. وعن تلك القاعدة، يصدر المؤشر العالمي السنوي حول الإرهاب (GTI)، فإلى أي مدى يمكن الوثوق بالمؤشر العالمي للإرهاب؟ وما أبرز المشكلات المرتبطة بعملية جمع البيانات، والتي يترتب عليها مشكلات تتعلق بقراءة المشهد الحقيقي للتهديدات الإرهابية عالميا؟
يصدر المؤشر العالمي للإرهاب “Global Terrorism Index ( (GTI” عن معهد الاقتصاد والسلام (IEP) الذي يعتمد في بياناته على قاعدة البيانات الإرهابية “Global Terrorism Database ((GTD” التابعة للاتحاد الوطني لدراسة الإرهاب والرد على الإرهاب “(START) The National Consortium for the Study of Terrorism and Responses to Terrorism” في جامعة ماريلاند، الولايات المتحدة الأمريكية. الذي يتلقى بدوره تمويل جزئيا من وزارة الأمن الداخلي الأمريكية (DHS)، التي تم انشاؤها نتيجة أحداث 11 سبتمبر (أيلول). يعتمد القائمون على المؤشر اعتماداَ كلياً على العمليات التي تدرجها، قاعدة البيانات دون إفادة ما يثبت أن هناك عملية تنقية لما ورد في القاعدة، ومن ثم ما يستوجب التركيز عليه، ليس نتائج المؤشر، وإنما مصدر معلومات المؤشر.
الزيادة في عدد العمليات، نتيجة جزئية لتعديل المنهجية:
وفقاً للقائمين على إعداد قاعدة بيانات الإرهاب، في كتيب شرح آلية جمع البيانات، وتفسير الأكواد، المحدث أكتوبر (تشرين الأول) 2019، فإن قواعد الإرهاب، تختلف جراء متغيرات عدة، منها التعاريف والمصادر وسير العمل: “قاعدة الإرهاب العالمية، لا يمكن مقارنتها مباشرة بمصادر أخرى للبيانات حول الإرهاب، حيث إن الاختلافات في التعاريف والمصادر وسير العمل سوف تؤدي إلى استنتاجات مضللة”[1].
كما أن الزيادة في عدد العلميات الإرهابية، المرصودة وفقا للفريق المسؤول عن تلك العملية، تساهم فيها التغيرات في آليات وطرق جمع البيانات “تمثل السنة الأولى من البيانات التي تم جمعها في إطار العملية الجديدة، 2012، زيادة هائلة في إجمالي عدد الهجمات الإرهابية في جميع أنحاء العالم خلال عام 2011. وعلى الرغم من أن هذه الزيادة تعكس -على الأرجح- أنماط الإرهاب الحديثة، فإنها –جزئيًا- نتيجة لتحسين كفاءة عملية جمع البيانات”.[2] وهنا تظهر الإشكالية الأولى في مؤشر الإرهاب العالمي، وهي اختلاف طرق جمع المعلومات من وقت لآخر، دون تحديث لما هو قبل عملية تطوير آليات جمع البيانات، مما يضع إشكالية، تفيد عدم الدقة في حال المقارنة ما بين تأثير الإرهاب ما قبل التطوير وما بعده. وهذا ما ذهب إليه “Robert A. Pape” (أستاذ بجامعة شيكاغو، يرأس مشروع شيكاغو للأمن والإرهاب)[3].
والواقع أن عملية معايير التجميع الخاصة بقاعدة الإرهاب العالمية، قد تغيرت عدة مرات، مما يجعلها مصدرًا غير مناسب لقياس الاتجاهات[4]. التغيرات تلك تظهر في شريك “START” في عملية جمع البيانات. ففي الفترة من 1 يناير (كانون الثاني) 1970 إلى 31 ديسمبر (كانون الأول) 1997، كانت قاعدة البيانات تعتمد على بيانات هيئة بنكرتون لخدمات الاستخبارات العالمية (PGIS). من 1 يناير (كانون الثاني) 1998 إلى 31 مارس (آذار) 2008، كانت تعتمد على بيانات من قبل مركز (CETIS)، في مرحلة ثالثة اعتمدت على بيانات من قبل معهد (ISVG) في الفترة من 1 أبريل (نيسان) 2008 إلى 31 أكتوبر (تشرين الأول) 2011، إلى أن أصبحت تعتمد على فريق خاص بها منذ 1 نوفمبر (تشرين الثاني) 2011[5].
المصادر، سبب آخر في زيادة عدد العمليات:
سبب آخر يفسر الزيادة في عدد العمليات الإرهابية بقاعدة بيانات الإرهاب، يتمثل في عدد المصادر المعتمد عليها في إدراج العمليات لقاعدة البيانات. كانت تلك الإشكالية واحدة من ضمن الإشكاليات التي أثيرت حول دقة قاعدة الإرهاب العالمية، في السجال الذي دار في مقالات واشنطن بوست، والتي تتمثل في كون القاعدة في جمع العمليات، تكتفي بوجود مصدر واحد للتأكد من صحتها. مما يحدث فارقاً في عدد العمليات الإرهابية بينها وبين غيرها من القواعد. صحيح أن الاعتماد على مصدر واحد لا ينفي بصورة كاملة صحة العملية، إلا أنه يضع نسبة ليست قليلة من الشك.
لا بد أن نعترف، أن التأكد من نسبة العمليات الإرهابية التي اعتمدت بها قاعدة الإرهاب العالمية على مصدر واحد، بالعام 2018 أمر صعب مراجعته مع ارتفاع عدد العمليات، ويحتاج المزيد من الوقت والجهد، إلا أننا رأينا أنه ينبغي التطرق لذلك، فوجدنا أنه من الممكن الاعتماد على عينة من العمليات –مع تأكيد أن هذا ليس كافياً لإصدار حكم- ورصدها كمثال. ولما كانت أفغانستان الدولة ذات الترتيب الأول في المؤشر، اعتمدنا على رصد العمليات المسجلة باسمها بالقاعدة، لشهر ديسمبر (كانون الأول) 2018. بلغت العمليات (119) عملية إرهابية[6]، ولوحظ أن النسبة الغالبة (40.3%) تسجل بمصدر واحد، كما يوضح المخطط التالي:
المبالغة في الأثر: الخلط بين الضحية والمنفذ، وتكرار عدد الضحايا:
وحول اختلاف عدد الضحايا في المؤشر العالمي للإرهاب، والمبالغة والفارق الكبير بينه وبين المؤشرات الأخرى، فإن المشكلة تظهر بناء على عدم الدقة بالأرقام المحتسبة في المؤشر العالمي للإرهاب، حيث يتم احتساب الوفيات من المستهدفين والمهاجمين، وهذا من واقع الكتيب الخاص بالمؤشر أيضا “فيحسب الرقم، بناء على مجموع الضحايا من المستهدفين والفاعلين، من زاوية، وفي حال عدم تمكن القائمين على الرصد من توفر عدد أي من الطرفين يقومون بحساب الطرف المتاح معلومات عنه فقط”. يحسب هذا الحقل إجمالي عدد الوفيات المؤكدة للحادث. ويشمل الرقم جميع الضحايا والمهاجمين الذين ماتوا كنتيجة مباشرة للحادث… إذا كانت المعلومات مفقودة فيما يتعلق بعدد الضحايا الذين قُتلوا في الهجوم، لكن الجناة القتلى معروفون، فإن هذه القيمة ستعكس فقط عدد الجناة الذين لقوا حتفهم نتيجة للحادث. وبالمثل، إذا كانت المعلومات المتعلقة بعدد الجناة الذين قُتلوا في هجوم ما مفقودة، لكن وفيات الضحايا معروفة، فإن هذا الحقل سوف يبلغ فقط عن عدد الضحايا الذين قتلوا في الحادث”[7].
كيف يسبب ذلك مشكلة، ويزيد من المبالغة في أثر العمليات الإرهابية؟ في 12 مايو (أيار) 2018، وضع المؤشر عملية إرهابية حدثت في ولاية فرح في أفغانستان، وفقاً للمؤشر أسفرت العملية عن مقتل نحو (61) فرداً، ويضع المؤشر في الشرح تفصيلا لتلك العملية، فيظهر أن عدد الوفيات من المستهدفين نحو (16) فرداً، وعدد الضحايا من المهاجمين نحو (45) فرداً، إلا أن هذا الرقم في النهاية يسجل ضمن تقديرات الضحايا الناتجة عن عمليات طالبان، مما يبالغ بصورة واضحة في حجم الضحايا، ويوحي بخطورة أكبر لطالبان.
وهذا أيضا ما تكرر في العملية المرصودة بالمؤشر، المسجلة يوم 15 مايو (أيار) 2018، حول هجوم نحو (2000) من حركة طالبان على ولاية فرح، حيث يسجل المؤشر عدد الوفيات (330) شخصاً، وهو رقم صحيح، إلا أن المشكلة بالرقم، أن المسجل من بينه (300) حالة وفاة من المهاجمين من حركة طالبان. وهذا ما يتضح بالموقع الأصلي لقاعدة بيانات الإرهاب[8]، ويتم تجاهله بمؤشر الإرهاب العالمي.
سبب آخر، يفسر أيضا الزيادة في عدد الضحايا وفقاً لقاعدة بيانات الإرهاب. ينتج عن تداخل متعمد في البيانات. ففي حال، ما يكون هناك علميتان حدثتا في التوقيت نفسه في مكان ما، ويتم احتسابهما كعمليتين بتكويد مختلف في قاعدة البيانات، يحدث تداخل في حساب عدد الضحايا، حيث تحسب القاعدة، عدد الضحايا مرتين، على الرغم من أن المصادر المعتمد عليها في مثل هذه العمليات، تفيد أن ما يذكر من أرقام هو مجموع الضحايا في العمليتين. ومن الأمثلة على ذلك بقاعدة البيانات المتعلقة بعام 2018:
- الحادث المكود (201812190003) يتطابق مع الحادث المكود (201812190004) مع اختلاف المدينة، وبالرجوع للمصادر، لوحظ أنها تتحدث عن اقتحام نقاط تفتيش في المدينتين، وجد أن رقم الضحايا المعلن، هو سلسلة للضحايا من المنفذين، ويشمل مجموع العمليتين، إلا أن قاعدة البيانات كررت عدد الضحايا.
- الحادث المكود (201812010021) يتطابق مع الحادث المكود (201812010022) مع ملاحظة أن قاعدة البيانات تذكر عدد الضحايا (9) إلا أن المصادر التي تضعها القاعدة للعملية لا تشير من قريب أو بعيد لعدد ضحايا.
بيانات المجموعات الإرهابية وتوجهات المؤشر:
أيهما أكثر ثقة بيانات المجموعة الإرهابية حول عدد الضحايا، أم بيانات الجهات الرسمية والمؤسسات غير الحكومية؟ الحقيقة تلك مشكلة كبيرة إلى حد ما، ربما يكون لدى البعض عدم ثقة في القيادة السياسية في دولة ما، ومن ثم يتجه لتكذيب ما يصدر عنها من بيانات. والمجموعات الإرهابية أيضا لديها مبالغة واضحة في عدد الضحايا، وغالبا ما تأتي بأرقام تقديرية في بياناتها، تفوق ما يصدر من الجهات الرسمية، في محاولة لتسويق أفعالها بصورة أكبر من ناحية الأثر، مما يزيد من قوتها. القائمون على الرصد في مؤشر الإرهاب العالمي، بخلاف تلك الإشكالية، يتعاملون مع الأمر بمنطق، أيهما أكثر فائدة، والذي يظهر التقرير إلى حد كبير بكونه موجهاً، كيف هذا؟
أظهر المؤشر الصادر منذ أسابيع، مؤشر (2019) أن هناك تركيزاً واضحاً على حركة طالبان وأفغانستان. فخلص التقرير إلى أن حركة طالبان هي الأكثر دموية بعام 2018، وهو أمر -قياسا بتاريخ الحركة ومع ضعف تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام- يبدو منطقيا، إلا أن نماذج العمليات التي وضعها القائمون على المؤشر به، توضح أن هناك خللاً ما.
لنأخذ مثالاً: أشار المؤشر إلى أن يوم 9 سبتمبر (أيلول) 2018، نفذت حركة طالبان عملية إرهابية بـ”دایمیرداد”، وفقاً للتقرير أسفرت العملية -وفقا للمؤشر- عن مقتل نحو (62) شخصاً، بالبحث عن العملية -ومع صعوبة وجود مصادر متعددة تتحدث عن العملية- لوحظ أن الأعداد التي صدرت من جهات رسمية أشارت إلى مقتل (11) فرداً، والصادرة من جهات غير رسمية قالت: إنها أكثر من (20) شخصاً! هنا اعتمد القائمون على المؤشر على بيان صادر من الحركة نفسها، والذي أشار إلى مقتل قرابة (60) من أفراد الحكومة في العملية[9].
يبدو أن المبالغة هي السمة البارزة، والعدد الأكبر دائما ما كان محل اهتمام القائمين على المؤشر، ففي عملية أخرى دونها المؤشر أيضا في صفحاته، حدثت يوم 22 أبريل (نيسان) 2018، بالعاصمة الأفغانية كابول، نفذتها ولاية خراسان التابعة لتنظيم الدولة، أشار المؤشر إلى أنها أسفرت عن مقتل نحو (70) شخصاً، وفي التفاصيل الإعلامية حول الحادث، تقارب الرقم[10] مع غيره، إلا أن بيان تنظيم الدولة في العدد (129) من صحيفة النبأ، أشار إلى أن الضحايا نحو (40) عنصراً.
تظهر أيضا المبالغة في العملية المرصودة يوم 11 سبتمبر (أيلول) 2018، في أفغانستان، بتفجير شخص نفسه وسط مجموعة من المحتجين، والتي تضاربت الأنباء حولها فيما يتعلق بعدد الضحايا، فوفقا لأسوشيتد برس بلغ عدد الضحايا (32) شخصاً[11]، إلا أن نيويورك تايمز، ذكرت أن عدد الضحايا (68) شخصاً[12]، واعتمد المؤشر بصورة أساسية على تلك المعلومة التي رصدتها نيويورك تايمز، وأضافت عليه المنفذ، فأصبح العدد -وفقاً للمؤشر- (69) ضحية.
والغريب في الأمر أن القائمين على قاعدة البيانات، أشاروا في كتيب شرح آلية جمع البيانات، وتفسير الأكواد، أنه حال “عدم وجود رقم تقره الأغلبية بين المصادر المستقلة، ستسجل قاعدة البيانات أدنى رقم لحالات الوفاة، إلا إذا كان هذا الرقم يأتي من مصدر مشكوك في صلاحيته، أو يوجد سبب مقنع آخر للقيام بخلاف ذلك. سيتم الإشارة إلى التقارير المتضاربة حول الوفيات في حقل “ملاحظات إضافية”[13]. وبتطبيق ذلك مثالا على العملية السابق الحديث عنها بتاريخ 9 سبتمبر (أيلول) 2018 بـ” دایمیرداد”. وكذلك العملية المسجلة بتاريخ 22 أبريل (نيسان) 2018 بالعاصمة الأفغانية كابول. نجد أن ما هو مذكور في الكتيب، لا يطبق، ففي العملية الأولى اختار المؤشر الاعتماد على بيان حركة طالبان، في الوقت الذي ابتعدت فيه قاعدة البيانات عن الاعتماد على بيان داعش في العملية الثانية.
توجهات قاعدة البيانات (2017، 2018)، بين داعش وطالبان:
هل تراجع تنظيم الدولة الإسلامية؟ هل عاودت طالبان النشاط المكثف؟ وفقاً لقاعدة بيانات الإرهاب؟ الإجابة بلا شك تأتي بالإثبات، وهذا ما يوضحه فارق عمليات التنظيمين وفقا لقاعدة البيانات ومؤشر الإرهاب العالمي 2018.
بأخذ عينة، عمليات شهر ديسمبر (كانون الأول) 2018 للتنظيمين، وجد أن قاعدة البيانات تسجل لحركة طالبان (99) عملية، أسفرت عن (633) ضحية[14]، في حين تسجل لتنظيم داعش (23) عملية أسفرت عن (19) ضحية[15]. وعلى الرغم من أن تلك الأرقام، تختلف مع المؤشرات الأخرى، التي تسجل لطالبان (44) عملية[16] أسفرت عن (199) ضحية، ولتنظيم داعش (35) عملية[17] أسفرت عن (218) ضحية. ولكن وفقاً للقائمين على قاعدة البيانات لا يصح المقارنة لاختلاف الأساليب.
ويمكن من خلال تحليل نتائج رصد العينة السابقة، من قاعدة البيانات، قراءة أن هناك توجهاً لهذا العام للتركيز على طالبان، أكثر من داعش هذا العام، خاصة مع المقارنة بقاعدة البيانات ذاتها لعام 2017. فاعتمدت القاعدة في عدد (69) عملية من عمليات طالبان –(99)عملية- لشهر ديسمبر (كانون الأول) 2018 على ترجيحات مصادر مقابل (30) عملية من أصل (70) عملية ديسمبر (كانون الأول) 2017، في حين اعتمدت في (28) عملية على إعلان الحركة نفسها ديسمبر (كانون الأول) 2018، مقابل (40) عملية ديسمبر (كانون الأول) 2017، وعلى الرغم من نفي الحركة قيامها بعمليتين، وإشارة قاعدة البيانات لذلك بديسمبر (كانون الأول) 2018، فإن قاعدة البيانات نسبتهما للحركة.
وبتحليل المواد التي اعتمدت فيها قاعدة البيانات، على مصادر لنسب العملية للحركة، كان هناك (56.5%) منها معتمدة على مصدر واحد ديسمبر (كانون الأول) 2018، مقابل (46.7%) ديسمبر (كانون الأول) 2017، كما يوضح المخطط التالي:
فيما يتعلق بتنظيم داعش، كان الوضع مختلفاً، فاعتمدت القاعدة في عدد (8) عمليات من عمليات داعش –(23) عملية- لشهر ديسمبر (كانون الأول) 2018 على ترجيحات مصادر ديسمبر (كانون الأول) 2018، مقابل (19) من أصل (44) عملية ديسمبر (كانون الأول) 2017، في حين اعتمدت في (15) عملية على إعلان التنظيم نفسه ديسمبر (كانون الأول) 2018، مقابل (25) عملية ديسمبر (كانون الأول) 2017.
وبتحليل المواد التي اعتمدت فيها قاعدة البيانات، على مصادر لنسب العملية للتنظيم، كان هناك (25%) منها معتمدة على مصدر واحد ديسمبر (كانون الأول) 2018، مقابل (44%) ديسمبر (كانون الأول) 2017، كما يوضح المخطط التالي:
لم يتوقف الأمر على ذلك، بل إنه في بعض العمليات التي يشتبه في قيامها وفقا لمصادر مختلفة، بين داعش وطالبان، اتجهت قاعدة البيانات إلى نسبها لطالبان. ومن بين تلك العمليات ما حدث في الهجوم على وزارة الأشغال العامة في كابول، المكود برقم (201812250001)[18]، والذي تشكك المصادر المعتمد عليها من قبل القاعدة، في كونه منفذاً من قبل طالبان أو من قبل ولاية خراسان التابعة لداعش، إلا أن قاعدة البيانات نسبته لطالبان.
ختاماً:
تؤدي إشكالية المبالغة في الأثر، من ناحية الدمج في عدد الوفيات، بين المستهدفين والمنفذين، إلى إظهار تنظيمات أكثر دموية من غيرها دون تقييم واقعي ودقيق لما ترتب على عدد العمليات من ضحايا من المستهدفين، فمن المحتمل أن تكون النسبة الغالبة من عدد ضحايا منسوبة لتنظيم ما، ناتجة عن عدد الوفيات في صفوفه، وليس فيمن يستهدفهم، والإشكالية الأكثر تظهر أيضا في تكرار حساب مجموع عدد الضحايا في سلسلة عمليات.
بالإضافة إلى أن الاعتماد على مصدر واحد لإدراج عملية إرهابية ضمن قاعدة البيانات، أو نسب العملية لتنظيم بعينه، يضع نسبة كبيرة من الشك في مدى، مصداقية حدوث العملية بالأساس، أو تصنيفها كعملية إرهابية، أو كونها منسوبة للتنظيم بعينه، مما يزيد من عدد العمليات في المجمل، ويرفع من رصيد عمليات تنظيم ما، ومن ثم يشوب التحليلات والسياسات القائمة على بيانات مؤشر الإرهاب العالمي، جزء ليس بقليل من عدم الدقة.
هذه الإشكاليات لا تعني التقليل من أهمية قاعدة بيانات الإرهاب العالمية، وكذلك نتائج المؤشر العالمي للإرهاب، إلا أنها تنبهنا إلى ضرورة عدم التسليم بأن كل ما جاء به هو بمثابة حقائق، ومن ثم عدم التسليم بنتائجها في الوقوف على درجة تأثير الإرهاب عالميا، وبناء سياسات مكافحة الإرهاب على هذا الأساس.
[1]– Codebook: Inclusion Criteria and Variables, op. cit, P 5.
[2]– Codebook: Inclusion Criteria and Variables, GTD Global Terrorism Database, October 2019, P 10.
[3]– Robert A. Pape, Government data exaggerate the increase in terrorist attacks,washington post, July 21, 2014:
[4]– Ibid.
[5]– Codebook: Inclusion Criteria and Variables, op. cit, P 4.
[6] -Date: (between 2018-12-01 and 2018-12-31) All incidents regardless of doubt. Country: (Afghanistan:
[7]– Codebook: Inclusion Criteria and Variables, op. cit , P 49.
[8]– INCIDENT SUMMARY, start:
https://www.start.umd.edu/gtd/search/IncidentSummary.aspx?gtdid=201805140006
[9]– Dozens of Afghan Forces Killed in Taliban Attacks, VOA News, September 09, 2018:
https://www.voanews.com/south-central-asia/dozens-afghan-forces-killed-taliban-attacks
[10] -death toll from kabul attack soars 69, Pajhwok Afghan News, Apr 23, 2018:
https://www.pajhwok.com/en/2018/04/23/death-toll-kabul-attack-soars-69
[11]– Afghan official: Suicide bomber kills 32 in Nangarhar, AP, September 11, 2018:
[12]– Bombing in Afghanistan Kills at Least 68 at Peaceful Protest, The New York Times, September 11, 2018:
https://www.nytimes.com/2018/09/11/world/asia/afghanistan-bombing-attacks.html
[13]– Codebook: Inclusion Criteria and Variables, op. cit, PP 49-50.
[14]– Date: (between 2018-12-01 and 2018-12-31) All incidents regardless of doubt. Perpetrators: (Taliban; Taliban (Pakistan)):
https://www.start.umd.edu/esc&page=1&count=100#results-table
[15]– Date: (between 2018-12-01 and 2018-12-31) All incidents regardless of doubt. Perpetrators: (Islamic State of Iraq and the Levant (ISIL)):