يقوم البابا فرنسيس بزيارة للعراق، هي الأولى من نوعها، تمتد لثلاثة أيام وتبدأ غداً الجمعة 5 مارس (آذار)، وقال الحبر الأعظم في رسالته أمس: إنه “لا يمكن خذل الناس مرة ثانية”، ولم يتمكن البابا الراحل يوحنا بولس من التوجه إلى بلاد الرافدين عام 2000 بعدما أُلغيت رحلته.
تصب هذه الخطوة التاريخية البابوية في إطار تمتين العلاقات الإسلامية– المسيحية، وتحمل رسالة مهمة للكنيسة في العراق وللمسيحيين على مختلف طوائفهم، الذين هاجر قسم كبير منهم بسبب الاضطرابات السياسية والأمنية والاقتصادية، وتصاعد الإرهاب والعنف في العقود الأخيرة.
تشير تقديرات إلى أن عدد المسيحيين العراقيين يتراوح بين (200) ألف و(300) ألف، بعد أن كان يقدر بنحو (1.5) مليون قبل سقوط نظام صدام حسين عام 2003. وهناك (14) طائفة مسيحية معترفاً بها رسمياً في البلاد وتعيش الغالبية منهم في بغداد، ومحافظة نينوى بالشمال وإقليم كردستان الذي يتمتع بحكم ذاتي. أما أبرز الطوائف المسيحية فهي: الكلدان والسريان والأشوريون والأرمن.
تندرج زيارة البابا فرنسيس إلى العراق في إطار تعزيز ثقافة العيش المشترك بين أبناء الديانات في العالم العربي وتدعم خطاب السلام العالمي. ويشار إلى أن الحبر الأعظم وقع مع الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر الدكتور أحمد الطيب على “وثيقة الأخوة الإنسانية من أجل السلام العالمي والعيش المشترك” في العاصمة الإماراتية أبو ظبي في فبراير (شباط) 2019، وقد قارنها بعضٌ بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان؛ “لكنها هنا قائمة على القيم الدينية والأخلاقية مثل الرحمة والمحبة والإنصاف وقبول الآخر ومعاملة البر والقسط، وتقصُّد السلام والأخوة بكل سبيل” (السيد، رضوان، «بابا الفاتيكان وشيخ الأزهر في دولة الإمارات»، صحيفة الشرق الأوسط، 8 فبراير/ شباط 2019، العدد “14682”).
أصدر مركز المسبار للدراسات والبحوث مجموعة من الكتب حول المسيحيين والأقليات الدينية والإثنية في الشرق الأوسط عموماً والعالم العربي خصوصاً، كما اهتم بالعلاقات الإسلامية– المسيحية ومسارات التسامح وتحدياتها بين أبناء الديانات في التاريخ والواقع الراهن.
وفي سبيل تسليط الضوء على أهمية هذه الزيارة، ينشر المركز ملفاً يتضمن دراستين: الأولى، للباحث العراقي في الفلسفة الإسلامية رشيد الخيُّون: “المسيحية.. عشرون قرناً من تاريخ العراق”، والثانية للأب البروفيسور يوسف مونس: “مسيحيو المشرق والفاتيكان”، بالإضافة إلى مقابلة معه تحدث فيها عن الرمزية الدينية لهذه الزيارة، ومقال بقلم رجل الدين العراقي رحيم أبو رغيف.