لمياء عادل عزت[1]*
هي إحدى قديسات المسيحية المبكرة، وأطلق عليها في الثقافة المسيحية الشرقية “العظيمة في الشهداء القديسة بربارة”، وقد تم تبجيلها في الكنيسة الرومانية الكاثوليكية، والكنيسة الأرثوذكسية الشرقية، والأرثوذكسية المشرقية، واستشهدت القديسة بربارة يوم 8 كيهك (17 ديسمبر/ كانون الأول)، فقد كرست لها الكنيسة الكاثوليكية يوم 4 ديسمبر (كانون الأول) عيدًا لها، أما في الكنائس الأرثوذكسية الشرقية والمشرقية ففي يوم 17 ديسمبر (كانون الأول).
والجدير بالذكر أنه لا يوجد أي إشارة لها في الكتابات المسيحية المبكرة، لكن يمكن تتبع اسمها منذ القرن السابع الميلادي، وتعظيمها خصوصاً في الشرق منذ القرن التاسع، وبسبب الشكوك حول أسطورية وتاريخية بربارة، فقد تم حذف عيدها في التقويم الروماني العام سنة 1969، وبالرغم من ذلك أدرجت القديسة بربارة في قائمة قديسي الكنيسة الرومانية الكاثوليكية، أما العصور الوسطى فقد اعتبرت القديسة بربارة في الثقافة المسيحية الشعبية واحدة من المساعدين الأربعة عشر، واعتبرت شفيعة الحمى والموت المفاجئ.
مولدها ونشأتها
ولدت القديسة بربارة في أوائل القرن الثالث للمسيح[2] تقريباً عام 220 ميلادية، لأب وثني يدعى ديسقورس في مدينة نيقوميديا التابعة لولاية بيثينية بآسيا الصغرى (الأناضول)، واتسم والدها بالثراء والتمتع بالسلطة والجاه والتعصب لوثنيته إلى حد كبير، وقد اتخذ المواقف العدائية تجاه الديانة المسيحية، ودأب على ازدراء المسيحيين. توفيت والداتها ولا تزال ابنتها في المهد[3]، ونشأت وسط جو مليء بالجحود وعبادة الأصنام، مما جعلها تفكر كثيراً في أمر تلك العبادة[4].
إيمان القديسة بربارة بالمسيحية
عندما بلغت من العمر مرحلة الشباب المبكر، أصبحت ذات جمال فتان، وخاف عليها والدها وأراد أن يحجبها عن الأنظار تجنباً لمفاسد ذلك العصر، ومن ناحية أخرى خشي عليها من الديانة المسيحية التي كانت تستقطب الناس بقوة هائلة في ذلك الوقت، حيث إنها قد برزت في تلك البقاع[5].
فأقامها في قصر منيع عالي الأسوار، وأحضر لها أساتذة ليعلموها شتى العلوم مثل بنات الأشراف، ولكي تنشأ على حب الآلهة[6]، فجعل أصناماً في شتى جوانب القصر والحديقة، حتى يقع بصرها عليها أينما اتجهت وحيثما نظرت[7].
ومن هنا بدأت تسعى للحقيقة والبحث عن خالق الكون، وقد دبر لها الله فتاة مسيحية تخدم بالقصر، فأخذت تطلعها على المسيحية كعقيدة، كما لقنتها قصة الخلق والسقوط في الخطيئة والفداء الذي تم على الصليب، وأخبرتها عن عالم مسيحي يدعى أوريجانوس (Origène) [8] يستطيع أن يجيب عن كل تساؤلاتها، فكتبت له القديسة بربارة رسالة تشرح فيها أفكارها، وطلبت إليه أن يكون مرشدها، فأجابها عن كل تساؤلاتها في رسالة، وأعطاها صورة حية للعقيدة المسيحية، وحدثها عن بتولية السيدة مريم العذراء، وعن الحياة الزائفة التي على الأرض، والحياة الباقية الخالدة في السماء، وقد تشبعت روحها بالعقيدة المسيحية، وتم تعميدها بناء على رغبتها وتناولت من القربان المقدس، ومنذ ذلك الحين خصصت بتوليتها للرب على مثال السيدة العذراء مريم[9].
وباعترافها أمام والدها باعتناقها للديانة الميسحية، قد عزم والدها على تزويجها، فقدم لها بعض الأمراء الأغنياء الذين تقدموا لخطبتها لكنها رفضت قائلة: “إني لا أريد الزواج لأنه سيشغلني عنك”، أعجب والدها بكلامها وتركها إلى حين، على أمل أن يتغير فكرها فيما بعد، حيث إنه على سفر، وقبيل سفره طلبت من والدها أن يبني لها حماماً في البرج، فأمر العمال بالتنفيذ، وبفتح نافذتين فيه لانتشار الضوء، وبعد سفره حولت بربارة مقرها إلى بيت للصلاة، وأمرت أن تفتح نافذة ثالثة إشارة للثالوث المقدس، ورسمت بإصبعها علامة الصليب على أحد الأعمدة الرخامية، فتأثر الرخام وكأنه شمع، وظهرت علامة الصليب واضحة.
وعندما عاد أبوها من السفر فاتحها مرة أخرى في أمر زواجها، وعند رفضها واجهها بصيغة الأمر، وأمام موقفه هذا أقرت بربارة أمامه بأنها أصبحت مسيحية، ونذرت بتولية للرب فوقعت تلك الكلمات على قلبه مثل الصاعقة، وجن جنونه وهربت منه وكاد أن يلحق بها، ولكنها وجدت في طريقها صخرة انشقت إلى نصفين أمامها، فعبرت من خلالها وبعدها عادت الصخرة إلى أصلها.
وظل يبحث عنها ووجدها مختبئة في مغارة فأمسك بها وضربها، وقام بتعذيبها حتى ترتد عما تؤمن به، ومع عنادها الشديد أخذها وذهب بها إلى الوالي “مركيانوس” مكبلة بالأغلال[10].
تعذيبها وشهادتها
حين أبصر الوالي هذه الفتاة صاحبة الجمال الفتان، قام بتوجيه اللوم إلى والدها على معاملته لها، وأخذ يلاطفها على أمل أن يردها عن إيمانها، ولكنها كانت ثابتة على هذا الإيمان، مما دفع الوالي إلى تعذيبها، وأمر الجنود بتمزيق جسدها بحدائد مسننة، حتى إن الحاضرين أخذتهم الشفقة وذرفوا الدموع على صباها ونضارتها، وصار الوالي يتمادى في تعذيبها ووضعها في السجن[11].
وأثناء تعذيبها أمام الحاضرين كانت تقف فتاة وثنية تدعى “يوليانة” رأت ما أنزلوه بها من عذاب وثباتها وشجاعتها على تحمل هذه الآلام، فآمنت بالمسيح والديانة المسيحية، وأخذت تصرخ بأنها مسيحية فأمر الوالي بتعذيبهما معاً، وأمر بخلع ملابسها تماماً وأن يطوفوا بها هكذا في الشوارع والأسواق، فاضطربت البتول أمام هذا الفكر، وتضرعت إلى الله أن لا يسمح بهذا العار، وما كادت تنتهي من صلاتها حتى شاهد الجميع جروحها قد شفيت تماماً، وانبعث من وجهها نور وضياء بهر العيون[12].
عندما رأى الوالي ذلك أمر بأن تقطع رأسها، فتقدم الأب إلى الوالي وطلب منه أن يسمح له أن يقطع رأسها بيده، وسمح له الوالي فأخذ ديسقورس ابنته وصديقتها يوليانة وصار بهما كالمجنون خارج المدينة حتى وصل إلى رأس الجبل، واستل سيفه وقام بقطع رأس القديسة يوليانة حتى تخاف ابنته وترتد عما هي فيه، ثم توجه إليها فجثت القديسة بربارة أمامه ويداها مضمومتان إلى صدرها كعلامة الصليب، وأحنت رأسها فضربها بقسوة ضربة واحدة وقطع رأسها.
وقد انتقم الله من ذلك الأب القاسي، فحينما كان راجعاً إلى بيته بثياب مصبوغة بدم ابنته، رعدت السماء بغتة وانقضت عليه صاعقة فمات[13]. أما الوالي فلم يعش إلا أياماً قليلة ولحق بديسقورس، وكان ذلك عام 237 ميلادية[14] تقريباً في عهد الإمبراطور الروماني (ماكسيمينوس2)[15].
أما عن جسدي القديستين فقد جاء أحد المؤمنين وأخذهما ودفنهما في جزيرة غلاليا، ثم نقلت رفاتهما المقدسة بعد ذلك إلى مصر ووضعت في الكنيسة التي تحمل اسم القديسة بربارة في مصر القديمة[16].
الرموز المصاحبة في تصوير القديسة بربارة ورمزيتها في الفن القبطي
- البرج ذو الثلاث نوافذ
كان أحد أهم السمات التي تميزت بها القديسة بربارة في التصوير، وكان يظهر وهي تحمله أو تقف بجواره أو أمامه، وكان في حال تصويرها مع مجموعة من القديسين يظهر البرج بشكل مصغر بجوارها.
وقد ارتبط البرج بالقديسة حيث عندما أمر أبوها ببنائه حتى يعزلها عن المجتمع، طلبت منه أن يبني أعلاه حماماً، وقد وافق على ذلك فتم بناء الحمام بنافذتين، وبرحيل أبيها أمرت القديسة ببناء نافذة ثالثة إشارة إلى الثالوث المقدس واتخذته مكانًا للعبادة.
- السيف
كان أحد أهم رموز المسيحية، وتشير رمزيته إلى الاستشهاد والتضحية من أجل العقيدة، حيث تم تصوير كثير من القديسين ممسكين بالسيوف في إشارة إلى عصر الاضطهاد وما لاقاه كثير من الشهداء من الموت بالسيف، وأشهر القديسين الذين تم تصويرهم ممسكين سيفهم القديس “جرجس الكابادوكي” إشارة إلى جهاده وإلى ماضيه كرجل من رجال الحرب، وكذلك الملاك ميخائيل، كما صورت العذراء في بعض الصور وسيف يخترق قلبها إشارة إلى آلامها التي قاستها من أجل صلب ابنها الحبيب، وكذلك القديسة فوميا التي قتلت بالسيف بعد أن رفضت الأسود افتراسها[17]، أما عن القديسة بربارة، حيث أصبحت رمزاً للسيف الذي قطع به أبوها رأسها، وغالبا تصور وهي ممسكة بالسيف بيدها اليمنى.
- سعف النخيل
رمز الانتصار والاستشهاد، نجد أن سعف النخيل عند الرومان رمز للنصر، أما في المسيحية فيدل على انتصار الشهيد على الموت، وكان الشهداء يصورون بسعف النخل يزين آلات إعدام الشهداء، ونرى في بعض المناظر أن المسيح يحمل غصنا من النخل، فيعني انتصاره على الخطيئة والموت، كذلك نرى الناس عندما دخل المسيح إلى أورشليم في أحد الشعانين[18] فرشوا الأرض بسعف النخل للدلالة على دخول المسيح الظافر إلى أورشليم[19].
- الكأس
من أهم السمات التي تصور بها القديسة بربارة وهي ترمز إلى كأس الحياة، وترمز في الفن إلى الكأس التي تم فيها التقديس في العشاء السري، وإلى كأس الآلام التي قدمها له الملاك من يد الأب، ويرمز أيضا إلى القبر، وقد ذكر البطريرك الدويهي في منارته أن الكأس قديما كانت توضع فوق المذبح عن يمين إشارة إلى دم الرب الذي خرج من جنبه الأيمن[20].
- ريشة الطاووس
استخدم الفنانون الأقباط الطاووس في الكثير من أعمالهم كرمز للحياة الخالدة، حيث تذكر الأسطورة أن لحم الطاووس لا يفسد بعد موته، فجعلت هذه الميزة الطاووس رمزًا عظيمًا للخلود، وكمثل للسيد المسيح الذي لم يتأثر جسده الطاهر من القبر فبقي حيًا للأبد، وقد لاحظ الكاتب الروماني بليني أن الطاووس يفقد ويذبل ريشه عند الربيع، وبعد ذلك يعود ريشه لرونقه وبهجته، مما جعل الفنان يرى في ذلك مغزى عميقاً واتخذوه مثلًا واضحًا لقيامة الجسد[21]. ولما كان من عادة الطاووس السير واستعراض ريشه الجميل، رمز به أيضاً إلى التكبر والتباهي إشارة إلى والد القديسة بربارة نظرًا لثرائه ومكانته، ورمز في الفن المسيحي إلى القديسة بربارة بريشة الطاووس[22].
- الكتاب المقدس
استعمل الكتاب المقدس في عصر النهضة رمزًا لمعانٍ كثيرة، وذلك وفقاً للشخص الذي يصور به، فهو في يد الرسل يدل على العهد الجديد، وفي يد إسطفانوس يدل على العهد القديم، وفي أيدي القديسين الآخرين دليلاً على أن هذا القديس كان مشهورا بعلمه.
ونجد في بعض الصور في الأديرة أن الكاتب إذا كان معه قلم ومحبرة فهو يدل على أن هذا الشخص مؤلف، ونجد أحياناً أن الكتاب يكتب عليه حرف للدلالة على موضوع عمله.
وقد رسم صورة القديس باخوم مؤسس الديرية وفي يده كتاب ليدل على قوانين الرهبنة التي وضعها مؤسس الرهبنة، ويرمز الكتاب المفتوح ومعه الحرفان الألف والياء إلى المسيح، والكتاب المختوم يوضع أحياناً في يد العذراء مريم كما جاء في آية (مز 139: 16) ” رَأَتْ عَيْنَاكَ أَعْضَائِي، وَفِي سِفْرِكَ كُلُّهَا كُتِبَتْ يَوْمَ تَصَوَّرَتْ، “[23].
- القربان المقدس
المضيف “جزء من القربان المقدس” وهي قطعة مستديرة من الفطير توضع فوق الكأس الذي تمسك به القديسة بربارة في تصويرها، وهو يستخدم للتكريس والتوزيع في القداس، وهذا المصطلح (Host) من الكلمة اللاتينية (Hostia) بمعنى أضحية.
وقد صورت رموز أخرى مصاحبة للقديسة بربارة مثل الصاعقة والمدفع، حيث إنها شفيعة عمال المناجم والمدفعية والبارود، وذلك وفقاً لما حدث لأبيها عندما أتى بها إلى الجبل وقطع رأسها، قامت عاصفة مخيفة مع الرعد والبرق، وأتت صاعقة فضربت أباها فتحول إلى رماد، ويذكر اسمها في صلاة الحماية من الصواعق. والرماد يستمد رمزيته من رواسب ما تتركه النار، أو ما تبقى من الإنسان بعد مماته بعدما تقضي عليه نار الحياة، وإن هذه المادة المجردة من الحياة ترمز في مختلف الديانات إلى هشاشة الوجود البشري، وفي الكتاب المقدس يضع المؤمن الرماد على رأسه وعلى جبهته يوم اثنين الرماد أو أربعاء الرماد “عند اللاتينيين” للدلالة على توبته وبدء مسيرة عودته إلى الله ” أُذكر يا إنسان أنّك تراب وإلى التراب تعود” (تك 19:3).
رمزية الألوان
- اللون البرتقالي
لون مفرح يرمز إلى الحب والصفاء والسلام، وقد استخدم هذا اللون في الفن القبطي ربما لقربه من اللونين الأحمر والأصفر، إذا كانت درجة البرتقالي داكنة، أو قربه من اللون الأصفر إذا كانت درجته فاتحة، وربما قصد به أن يعطي معاني الأحمر أو الأصفر[24].
- اللون الأرجواني
درجة قريبة من اللون الأحمر أو لون النبيذ، وقد كثر استخدام هذا اللون في الفن القبطي، حيث هناك رأي بأن الرداء الذي كان يرتديه السيد المسيح في وقت آلامه كان لونه أرجوانيًا، ونظرًا لأن هذا اللون من ألوان النبيذ، وفي العقيدة المسيحية أنه يرمز إلى لون دم المسيح، وجاء ذكر هذا اللون في (سفر الرؤيا- 4): “وَالْمَرْأَةُ كَانَتْ مُتَسَرْبِلَةً بِأُرْجُوانٍ وَقِرْمِزٍ، وَمُتَحَلِّيَةً بِذَهَبٍ وَحِجَارَةٍ كَرِيمَةٍ وَلُؤْلُؤٍ، وَمَعَهَا كَأْسٌ مِنْ ذَهَبٍ فِي يَدِهَا مَمْلُوَّةٌ رَجَاسَاتٍ وَنَجَاسَاتِ زِنَاهَا” (رؤ 17:4)[25].
- اللون الأزرق
يرمز للعذراء مريم الملكة السماوية، ويرمز إلى المعرفة النورانية، وهو يعكس الثقة والبراءة[26]، كما يرمز للحياة وإلى الرب الذي يعطي الحياة، وهذا اللون يحمي العالم كأحشاء الأم، ويرمز للسماء والمساحات الواسعة والهادئة، وإلى البعد العامودي، وإلى السلام والحلم والإبداع والإيحاء والحقيقة[27].
- اللون الذهبي
يرمز للقيم الحقيقية أو الثمينة، وشاع استخدامه في الأيقونات الأوروبية، وامتد إلى القبطية على يد الأرمن، وخصوصاً في الفترة من القرن السادس عشر حتى التاسع عشر[28]، وهو لون الشمس ولون جسد الخالدين.
- اللون الأخضر
استخدم في الفن المسيحي كأحد رموز السلام كما جاء في سفر الخروج، ولم يشر الكتاب المقدس إلى مدلول بعينه لهذا اللون، إلا أنه يفهم من المعنى أنه أحياناً يعبر عن الهدوء والعمق، يضيء السماء قصر المجد الإلهي، وجاء في سفر الرؤيا: “ وَلَمَّا فَتَحَ الْخَتْمَ الرَّابِعَ، سَمِعْتُ صَوْتَ الْحَيَوَانِ الرَّابعِ قَائِلاً: هَلُمَّ وَانْظُرْ فَنَظَرْتُ وَإِذَا فَرَسٌ أَخْضَرُ، وَالْجَالِسُ عَلَيْهِ اسْمُهُ الْمَوْتُ، وَالْهَاوِيَةُ تَتْبَعُهُ، وَأُعْطِيَا سُلْطَانًا عَلَى رُبْعِ الأَرْضِ أَنْ يَقْتُلاَ بِالسَّيْفِ وَالْجُوعِ وَالْمَوْتِ وَبِوُحُوشِ الأَرْضِ “[29]، وهو لون الإيمان وهو رمز المزروعات الحية والخصبة في فصل الربيع، والأخضر هو لون الثالوث، ويمكن استعماله في زمن الدنح[30].
- اللون الأحمر
المائل للزرقة “القرمزي” جاء ذكره في العهد القديم في قصة شاول، كذلك رمز به إلى المرأة الفاضلة، ويرمز إلى أورشليم وأحياناً يرمز للشر، ورمز به إلى الفزع والهلاك في سفر الرؤيا “وَلَمَّا فَتَحَ الْخَتْمَ الثَّانِيَ، سَمِعْتُ الْحَيَوَانَ الثَّانِيَ قَائِلاً: هَلُمَّ وَانْظُر فَخَرَجَ فَرَسٌ آخَرُ أَحْمَرُ، وَلِلْجَالِسِ عَلَيْهِ أُعْطِيَ أَنْ يَنْزِعَ السَّلاَمَ مِنَ الأَرْضِ، وَأَنْ يَقْتُلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَأُعْطِيَ سَيْفًا عَظِيمًا. “، وأيضاً:” وَظَهَرَتْ آيَةٌ أُخْرَى فِي السَّمَاءِ: هُوَذَا تِنِّينٌ عَظِيمٌ أَحْمَرُ، لَهُ سَبْعَةُ رُؤُوسٍ وَعَشَرَةُ قُرُونٍ، وَعَلَى رُؤُوسِهِ سَبْعَةُ تِيجَانٍ“. من أجل كل هذه المعاني استخدم اللون الأحمر في الفن القبطي عموماً، وفي المخطوطات خصوصاً[31].
- اللون الرمادي
لون الرماد، ويرمز أحيانًا إلى التوبة، ويعبر عن موت الجسد وعن خلود النفس[32].
- اللون الأسود
في الفن غياب الألوان، وهو رمز الموت، ورمز الزمان[33].
- اللون البني
يرمز إلى الأرض، وهو لون الموت الروحي والانحلال[34].
- اللون الأبيض
رمز الطهارة والبراءة والقداسة ويرمز إلى خارج الزمن، وحسب التقليد المسيحي فاللون الأبيض في الفن المسيحي يرمز إلى الأب، والإيمان والطهارة، واللون الأزرق يرمز إلى الابن، واللون الأحمر يرمز إلى الروح القدس، وإلى الحب والمحبة أيضاً، واللون الأخضر يرمز إلى الرجاء، واللون الأسود يرمز إلى التوبة 189[35].
ويعتبر فيلون الإسكندري أن ألواناً أربعة تستعيد الكون وترمز إلى العناصر الأربعة، حيث الأبيض يرمز إلى عنصر الأرض، والأخضر يرمز إلى عنصر الماء، والبنفسجي يرمز إلى عنصر الهواء، والأحمر يرمز إلى عنصر النار، وكذلك كانت الألوان ترمز إلى الجهات الأربع، حيث الأصفر يرمز إلى جهة الشمال، والأزرق يرمز إلى جهة الغرب، والأحمر يرمز إلى جهة الجنوب، والأبيض يرمز إلى جهة الشرق[36].
الكنائس المكرسة للقديسة بربارة في مصر
تم تكريس عدد من الكنائس باسم القديسة بربارة في مصر، ونذكر منها: كنيسة الشهيدة بربارة القبطية الأرثوذكسية بالشرابية “بشرق السكة الحديد”، كنيسة مار جرجس الشهيد، والشهيدة بربارة بـ”جزيرة الدهب” بالجيزة، كنيسة السيدة العذراء مريم والشهيدة بربارة بالقصير بالبحر الأحمر، وتعد أضهر الكنائس التي كرست للقديسة هي كنيسة الست بربارة بمصر القديمة.
كنيسة القديسة بربارة في مصر القديمة
تقع هذه الكنيسة شمالي المتحف القبطي وشرقي كنيسة القديس سرجيوس داخل أسوار حصن بابليون، وكانت في الأصل مكرسة على اسم القديس أباكير[37]، وقد أنشئت بواسطة أثناسيوس كاتب عبدالملك بن مروان (685-705م) وتخربت في عهد البابا مرقس الثاني (799-819م) وأعيد بناؤها سنة 1702 لوضع جسد القديسة بربارة بعد نقله من المعلقة، وقد وصفها المقريزي بأنها أشهر كنائس عهدها[38].
وقد ذكر المقريزي في القرن الخامس عشر ميلادي أن كنيسة بربارة كانت تقع جنوب مدينة الفسطاط، ولاحظ في أيامه أنها كانت كبيرة الاتساع، بل وأعظم كنائس القبط شهرة، وكانوا يقيمون فيها سنوياً الاحتفالات والأعياد الدينية بذكرى القديسة، وقد تعرضت هذه الكنيسة للهدم في القرن العاشر.
وعثر على أول ذكر عن علاقة القديسة بربارة بهذه الكنيسة في مخطوط السنكسار القبطي، الذي يرجع إلى القرن الثالث عشر الميلادي، والذي يذكر أن رفات القديسة بربارة محفوظ في كنيسة القديس “أباكير” بمنطقة مصر القديمة، ويشير الزوار الغربيون إلى كنسية القديسة بربارة اعتبارا من القرن الثالث عشر الميلادي، ومنذ ذلك الحين أصبحت الكنيسة إحدى أهم كنائس مدينة القاهرة.
أما عن تخطيط الكنيسة فهو مستطيل الشكل، ويتميز بكثرة الإضافات المعمارية الحديثة خاصة في الناحية الشمالية منها، حيث توجد كنيسة صغيرة على اسم القديسين أباكير ويوحنا، بالإضافة إلى بعض الأبنية الحديثة الملحقة بالضلع الجنوبي، وتشبه هذه الكنيسة كنيسة أبي سرجة حيث بنيتا في وقت واحد وعلى فترتين زمنيتين متلاحقتين في القرنين الحادي عشر والثاني عشر، وتتكون الكنيسة من طابقين[39].
وقد بنيت هذه الكنيسة على الطراز البازيليكي، شأنها في ذلك شأن كنيسة القديسين “سرجيوس وباكوس”، وبها هيكلثلاثي التقسيم ودور علوي به شرفات، غير أن البناء لحقت به أضرار جسيمة على مر العصور، ونالت الإصلاحات والترميمات المتتالية من تصميمه الأصلي.
وفي بداية القرن العشرين أعيد ترميم الكنيسة وتحديثها، وتمت إزالة حجاب “الخورس” والأحجبة التي تفصل بين أقسام النساء والرجال في صحن الكنيسة، والأيقونة المستعرضة الموجودة على حجاب الخورس، التي كانت تمتد ذات يوم بعرض صحن الكنيسة، والتي شملت عمليات ترميم وتحديث تمت في القرن الثامن عشر الميلادي معلقة الآن على أربعة أجزاء على الحائط الجنوبي للكنيسة، ويحتفظ الممر الشمالي بأيقونة نفيسة للعذراء والطفل ترجع إلى القرن الثالث عشر الميلادي.
وتعرض بعض نفائس كنيسة القديسة بربارة حالياً في المتحف القبطي بالقاهرة، منها على سبيل المثال باب خشبي يرجع إلى القرن الرابع أو الخامس الميلادي، عثر عليه بين حائطين خلال الترميمات الأخيرة، وحجاب هيكل خشبي فريد يرجع إلى القرن الحادي عشر الميلادي.
تتكون الأيقونة المستعرضة من صور ستة عشر عيداً، وتتوالى الأيقونات[40] من أعلى إلى جهة اليسار موضحة أعياد البشارة، والميلاد، وتقدمة المسيح للهيكل، والعماد، وعرس قانا الجليل، والتجلي، وإقامة ألعازر، والدخول إلى أورشليم، والعشاء الرباني، والصلب، والنزول من على الصليب، والنزول إلى الجحيم، والمسيح يلتقي بإحدى المريمات في البستان، وشك توما، والصعود، وعيد العنصرة[41].
قام الفنان بتصوير سيرة القديسة بربارة على اللوحات أو الأيقونات بأفكار عدة مثل تصوير مرحلة من حياة القديسة أو بتصوير مراحل عدة في لوحة واحدة، ممثلاً فكرة التصوير القصصي أو يعتمد على فكرة اللوحة الرئيسة، ويحيطها بمجموعة من اللوحات الصغيرة التي تمثل مراحل من سيرتها، وظهرت في مراحل أخرى من الفن بصنع منحوتات للقديسة بجوار رموزها التي تتميز بها مثل البرج ذي الثلاث نوافذ. وقد ظهرت رموز أخرى في تصوير القديسة مثل المدفع والبرق.
تظهر القديسة في بعض الأحيان في اللوحات أو الأيقونات مصورة مع مجموعة من القديسين، مثل أيقونات ولوحات القديسين الشفعاء الأربعة عشر، باعتبارها شفيعة للحمى والموت المفاجئ، وأيضًا مع القديسة يوليانة التي آمنت بالعقيدة المسيحية بعدما رأت ثبات إيمان القديسة بربارة أمام العذاب الشديد الذي واجهته من الوالي وأبيها، وقد شاركت صديقتها يوليانة العذاب حتى نالتا إكليل الشهادة معًا، وهناك بعض اللوحات تظهر القديسة بربارة بجوار عدد من القديسات، وخاصة القديسة كاثرين، وهي ترتدي خاتم الزواج الروحي من المسيح الطفل الجالس على قدمي أمه العذراء.
اللوحة الأولى |
|
النوع: أيقونة التاريخ: القرن الثامن عشر المكان: كنيسة القديسة بربارة بمصر القديمة الفنان: إبراهيم الناسخ، ويوحنا الأرمني[42] الألوان: أبيض، أخضر، أزرق، أحمر، برتقالي، أسود الوصف: تصور القديسة بربارة واقفة ممسكة بيدها اليسرى ريشة الطاووس، وتشير باليد اليمنى إلى البرج ذي الثلاث نوافذ |
في الخلف رمز الثالوث المقدس وكتب أسفل الثلاث نوافذ “عروس المسيح بربارة والحمام”، ترتدي رداء باللون الأصفر تحته رداء باللون البرتقالي، ويعلو رأسها تاج وخلفه الهالة المقدسة، وتظهر في الخلفية صديقتها القديسة يوليانة برداء باللون الأخضر وتحته رداء باللون البرتقالي وخلف رأسها الهالة المقدسة، وصُوِّرت بحجم أقل منها، حيث إن الأيقونة خصصت لكنيسة القديسة بربارة، وقد كتب اسم القديستين باللغه القبطية، وكتب اسم الفنان صانع الأيقونة “إبراهيم الناسخ ويوحنا الأرمني”.
أما عن التاريخ، فهو مكتوب بالأرقام القبطية وهو 1472 للشهداء (= 1755 ميلادية)، كما كتب اسم من كلف بصناعة الأيقونة “اذكر يارب المعلم نيروز وأولاده في ملكوتك”.
اللوحة الثانية |
|
النوع: أيقونة التاريخ: القرن الخامس عشر المكان: المتحف القبطي “ربما صنعت في إسبانيا” الألوان: بني، أسود، أخضر، أصفر الوصف: أيقونة بيزنطية، تعود إلى القرن الخامس عشر أو السادس عشر على الأرجح، وتعد من أقدم أيقونات المتحف القبطي، تصور القديسة بربارة واقفة أمام البرج ذي الثلاث نوافذ، وتمسك بيدها اليسرى سعف النخل. |
وباليد الأخرى تشير إلى البرج الذي يعلوه صليب، حول رأسها الهالة المقدسة، ترتدي رداء طويلاً باللون البني وأسفله رداء باللون الأسود، ونجد أسفل الصدر حزاماً من اللون الأسود أيضًا.
وتظهر الأيقونة خصائص الفن البيزنطي، حيث الجوهر هو الفن الديني أو ثمرة لذلك العصر الديني الذي انتصرت فيه المسيحية، يقوم على فكرة نفسية هي أحداث الرهبة والخوف وتثبيت الإيمان، بجانب طابع الهدوء وثبات الحركة تماما، وحل التحوير والتجريد الرمزي محل تمثيل الطبيعة كما تراها العين، حيث نرى الوجوه صغيرة ومستديرة، أو بيضاوية متجهة للاستطالة، العيون متسعة ذات خطوط مقوسة ناظرة إلى الأمام في هدوء وجمود، ولكن محملة بمعاني الإيمان الهادئ، الأنف دقيق ويتجه إلى الطول والفم صغير مطبق الشفتين، وشعر الرأس مصفف إما على شكل خصل صغيرة ومرتبة بأسلوب زخرفي أو على شكل خطوط متساوية أو مموجة بأسلوب زخرفي، كما اتجهت الألوان نحو الوقار والهدوء.
اللوحة الثالثة |
|
النوع: جدارية التاريخ: في منتصف القرن الثامن عشر أو بدايات التاسع عشر المكان: مقصورة القديسة بربارة، من دير جرافينباخ بالنمسا الألوان: أبيض، أخضر، أزرق، أصفر الوصف: صورت القديسة بربارة وهي واقفة تمسك باليد اليسرى السيف وبالأخرى الكأس والمضيف “القربان المقدس”، ترتدي رداء باللون الأبيض الذي يرمز للنقاء والسمو، وعلى كتفها وشاح باللون الذهبي، يعلو رأسها تاج وتظهر الهالة المقدسة بالخلف، ويظهر بالخلفية البرج ذو الثلاث نوافذ يعلوه صليب. |
تأتي أهمية اللوحة في أنها دمجت الكأس مع المضيف بالرغم من منع “يوحنا مولانوس” رسم الرمزين مع بعضهما في الفن المسيحي عام 1576 قبل انعقاد مجمع ترنت، ويبدو أن هذه اللوحة رسمت بعد فتره طويلة من انعقاد المجمع، أو أنها من الفن الشعبي، وهناك رأي يرجح أنها رسمت عن طريق الطوائف بالرجوع للأصول الكاثوليكية القديمة أو أن رهبان دير جرافينباخ لم يكونوا على دراية بالمرسوم الصادر بخصوص رسم بعض الرموز ما قبل انعقاد مجمع ترنت من قبل التريدنتين.
القديسين، نجد في جهة اليمين للقديسة بربارة من أعلى لأسفل “يوحنا المعمدان يظهر مع الصليب ولفيفة وجلد الحيوان، القديس سيباستيان مربوطاً بجذع شجرة والأسهم تخترق جسده”.
أما في جهة اليسار من أعلى لأسفل “القديس فينسيت فيير بزيه الدومينيكاني والكتاب وشعلة النار في يده الأخرى، القديس أنطونيو وعصاه التي تنتهي بحرف T”. ويصور أعلى القديسة بربارة منظر البييتا “الشفقة” وهو مظهر في الفن المسيحي يصور حزن السيدة العذراء على المسيح بعد إنزاله من على الصليب مثل تمثال “مايكل أنجلو”، ونجد الفنان صور على المذبح المصنوع من المرمر نقشاً يمثل جسد القديسة بربارة ورأسها مقطوع ملقى على الجبل وحولها أربعة أشخاص، ومنظر للصاعقة تضرب أباها.
اللوحة الخامسة |
|
النوع: لوحة خشبية التاريخ: القرن الخامس عشر “عام 1470” المكان: متحف اللوفر الألوان: أبيض، أخضر، أزرق، أصفر، بني الفنان: هانز مملنك[43]. |
الوصف: يمثل المنظر الزواج الروحي للقديسة كاثرين، حيث تظهر السيدة العذراء حاملة الطفل الذي يضع الخاتم في إصبع القديسة كاثرين التي كانت قد حلمت بأن المسيح عقد قرانه عليها وفقًا للأسطورة المعروفة، وقد ظهر خلف العذراء بستان من الورود والزهور تحيط به خضرة كثيفة بهيجة، وتظهر بالجهة المقابلة من القديسة كاثرين القديسة بربارة حاملة الكتاب المقدس، وتجلس أمام برجها ذي الثلاث نوافذ.
أما القديسات اللاتي يظهرن في المنظر “القديسة أنييس برفقة حملها، والقديسة سيسليا عازفة على الأورغن، والقديسة لوسي ممسكة بالطبق الذي يحوي عيني زوجها الشهيد، والقديسة مارجريت الأنطاكية وعلى قدمها تنين” ومن اللافت في هذه اللوحة ثراء الألوان وبساطة التكوين المتمحور حول الشكل الرأسي للعذراء وسط الصورة، ليجعل من هذه اللوحة النموذج الأصلي للصورة الكلاسيكية الفلمنكية خلال القرن الخامس عشر[44].
اللوحة السادسة |
|
النوع: لوحة خشبية التاريخ: منتصف القرن الخامس عشر المكان: المتحف الوطني، فنلندا الألوان: أبيض، أخضر، أصفر، أحمر الفنان: ماستر فرانك[45] الوصف: تصور اللوحة سيرة القديسة بأسلوب قصصي، فتظهر المناظر بدءًا من أعلى اليسار: |
- المنظر الأول: تظهر القديسة بربارة وهي تشرح لأبيها ما تم صنعه بالبرج “النافذة الثالثة” والثالوث المقدس.
- المنظر الثاني: تصور هروبها من بطش أبيها للتلال.
- المنظر الثالث: تصور القديسة هاربة في التلال، والراعي الذي أشار إلى مكانها لأبيها.
- المنظر الرابع: تصور حبس الأب لابنته.
- المنظر الخامس: تصور استدعاء القاضي للقديسة بربارة.
- المنظر السادس: تصور منظر تعريتها وجلدها كما أمر القاضي.
- المنظر السابع: في اليوم التالي تم ربطها وتعليقها وتعذيبها وهي عارية أيضا، ويظهر ديسقورس أمامها ممسكا بالسيف، ويبدو أن الشخص الذي بالخلف والذي يرتدي القبعة البيضاء هو القاضي.
- المنظر الثامن: منظر استشهادها وقطع رأسها على يد أبيها ديسقورس.
اللوحة السادسة |
|
النوع: جدارية التاريخ: عام 1524 المكان: كنيسة سواردي بإيطاليا الألوان: أزرق، أحمر الفنان: لورينزو لوتو[46] |
الوصف: تصور الجدارية سيرة القديسة بربارة بالتتابع أيضًا، حيث تظهر سيرتها في الجانب الأيسر من الجدارية بأسلوب قصصي، أما الجانب الأيمن من الجدارية، فيصور سيرة القديسة كلير. وفي المنتصف يظهر السيد المسيح وخارج من كل يد ما يشبه الأغصان “أنا هو الكرمة” (يوحنا 5:15)، تصور داخل الأغصان مجموعة من الشهداء والقديسين في فروع خمسة على اليسار، وخمسة فروع أخرى تجاه اليمين، وتتبع الجدارية فن عصر النهضة العليا، حيث تمثل هذه الفترة الذروة القصوى للكمال وقوة الازدهار، ولذلك أطلق عليها عصر النهضة الذهبي. والسمات تميزت بالبساطة في تفاصيل الصورة، والعمق، حيث ازدادت مساحة العمق التي تقود النظر إلى نقطة النهاية، الاهتمام بمعالجة الظل والضوء، الاهتمام بتعبيرات وجوه الأشخاص، بجانب استخدام الألوان البهيجة البراقة المتنوعة، وقد تنوع أسلوب الفنانين في مختلف فترات عصر النهضة ما بين الفريسكو على جدران الكنيسة والتمبرا المستخدم في اللوحات وعلى ألواح المذبح، وأيضا الألوان الزيتية والتي حدث بها تطور مهم على يد فناني الشمال بالقرن الـ(15)، وكانت معظم أعمال عصر النهضة موجهة للكنيسة مما جعلها تحمل الطابع الديني[47].
اللوحة السابعة |
|
النوع: لوحة التاريخ: القرن السادس عشر المكان: قصر بيلومو – صقلية الألوان: الذهبي، البرتقالي، الأسود، الرمادي الوصف: تصور القديسة واقفة ويظهر خلفها البرج ذو الثلاث نوافذ، وتمسك بيدها اليمنى الكأس وبداخله القربان المقدس، ويعلو رأسها تاج ملكي وخلف رأسها الهالة المقدسة، وصور أسفل قدميها مدفع وتضع قدمها اليمنى فوقه. |
اللوحة الثامنة |
|
النوع: لوحة التاريخ: القرن التاسع عشر 1886 المكان: كنيسة سانت دينيس – فرنسا الفنان: كارولا سورغ[48] |
الوصف: تصور القديسين الشفعاء الأربعة عشر[49]، وأعلى اللوحة نجد السيدة العذراء مريم والمسيح الطفل الجالس على قدم أمه، وتظهر القديسة بربارة أعلى يسار اللوحة مع هؤلاء القديسين باعتبارها شفيعة الحمى والموت المفاجئ، صورت وهي ممسكة بيده اليمنى سعف النخل وبجانبها البرج.
اللوحة التاسعة |
|
النوع: تمثال التاريخ: القرن السابع عشر المكان: كنيسة القديسة بربارة دي ليبراري – روما الفنان: أمبروجيو باريزي الوصف: تمثال يمثل القديسة بربارة واقفة أمام البرج ذي الثلاث نوافذ |
اللوحة العاشرة |
|
النوع: تمثال التاريخ: القرن الرابع عشر المكان: المتحف الوطني – باريس الوصف: تمثال من الرخام للقديسة بربارة، يصورها واقفة ممسكة بيدها اليسرى البرج ذا الثلاث نوافذ، نجد أن الفنان أبرز ملامح وجهها ببراءته، وبرع في عمل الرداء، ونجده وضع على كتفها وشاحاً. |
اللوحة الحادية عشرة |
|
النوع: نحت بارز على ميدالية[50] الوصف: تظهر الميدالية القديسة بربارة في الوجه ممسكة بسعف النخيل، وفي الخلف برجها ذو الثلاث نوافذ، وفي الخلف يظهر المدفع، حيث أصبحت القديسة بربارة شفيعة لـ”عمال المناجم، الذخيرة، النحاس، البحارة، المهندسين المعماريين، عمال البناء، رجال الإطفاء، عمال المتفجرات، السجناء، والنجارين”. |
[1]* طالبة دبلوم في الدراسات القبطية في المركز الثقافي الفرنسيسكاني (مصر).
[2]– تادرس، البرموسي، نساء شهيدات وعذارى حكيمات، الجزء الثاني، الطبعة الثانية، د.ت، د.ن. ص215.
[3]– طالب، إسحق، القديسة العفيفة بربارة وصديقتها يوليان، ص11.
[4]– ملاك، لوقا، قديسون وقديسات، الأنبا ديمتريوس الكرام والشهيدة القديسة بربارة، ص11.
[5]– نيافة الأنبا مينا مطران كرسي جرجا، بستان القديسات، الجزء الأول، كنيسة السيدة العذراء، 2004، ص10.
[6]– إن الآلهة في ذاك الحين كادت أن تزاحم البشر في كل شيء، بل وتطل عليهم أينما وجدوا، زماناً أو مكاناً، ففي كل ساعة من ساعات يومهم لابد أن يلتقوا بآلهة معينة، وفي كل مكان تطؤه أقدامهم، لم يكن هناك عمل واحد من أعمال الحياة العامة لا تتدخل الآلهة فيه.
[7]– تادرس، البرموسي، المرجع السابق، ص215.
[8]– لاهوتي مسيحي ولد بالإسكندرية في أسرة وثنية ثم اعتنق المسيحية ونشأ عليها، وكان أبوه مثقفاً يقتني مكتبة حافلة بالمؤلفات، فتعلم تعاليم الكتاب المقدس من خلالها، تتلمذ على يد كليمان الذي درسه الفلسفة والعلوم، ثم حصل علمه بنفسه. يعد أوريجانوس أول مسيحي أراد أن يرسم العلاقة بين العقل والروح. وفي الثامنة عشرة من عمره اسندت إليه قيادة المدرسة المسيحية فأصاب كثيرا من النجاح، وبعد اثنتي عشرة سنة قصد إلى روما ولكنه لم يطل المكوث فيها.
[9]– ملاك، لوقا، المرجع السابق، ص15-17.
[10]– تادرس، البرموسي، المرجع السابق، ص220.
[11]– ملاك، لوقا، المرجع السابق، ص26.
[12]– المرجع نفسه، ص33-34.
[13]– تادرس، البرموسي، المرجع السابق، ص225.
[14]– أجمعت الكنائس الرسولية عموماً والمشرقية خصوصاً على تكريم القديسة بربارة في 4 ديسمبر (كانون الأول) إنما اختلف المؤرخون في تحديد زمن ولادتها واستشهادها، فقد ارتأى بعضهم أنها نالت الشهادة عام 237م إبان الاضطهاد السابع الذي أثاره الإمبراطور مكسيمانس الغوثي ضد المسيحية، ومما يؤكد صحة هذا الرأي، ما جاء في قصتها أنها راسلت العلامة أوريجانس المتوفى عام 255.
[15]– قام باضطهاد المسيحيين منذ بدء عهده وقيل: إنه فعل ذلك لا لشيء سوى لمعارضته لسياسة سلفه “إسكندر ساويرس 222-235” الذي قيل: إنه كان متسامحاً مع المسيحيين حتى إنه وضع صورة السيد المسيح في قصره مع صور الآلهة الوثنية المحببة وكبار الأباطرة الرومان، كما اتخذ لنفسه شعاراً كلمات المسيح: “فَكُلُّ مَا تُرِيدُونَ أَنْ يَفْعَلَ النَّاسُ بِكُمُ افْعَلُوا هكَذَا أَنْتُمْ أَيْضًا بِهِمْ”. فقد كان هذا الإمبراطور بربرياً قاسياً في معاملته مع المسيحيين نتيجة لسلفه فقط.
[16]– نيافة الأنبا مينا مطران كرسي جرجا، بستان القديسات، المرجع السابق، ص16.
[17]– جورج، فيرجستون، الرموز المسيحية ودلالتها، ترجمة: يعقوب جرجس نجيب، 1964، ص62.
[18]– هو عيد يسوع الملك الذي يتوج بإكليل الشوك، وعيد ملك السلام الذي يستقبل بأغصان النخل والزيتون، وهو أيضاً عيد الأطفال الذين يلزمون والديهم بالاشتراك معهم، يحملهم ويطوف بهم، وما الشموع المضاءة التي يحملونها إلا رمز للتضحية والعطاء الشفاف لإعلان نور الإيمان، وقد اعتاد المسيحيون في أورشليم السير على خطى المسيح من بلد بيت عينا إلى مدينة أورشليم حاملين سعف النخل وأغصان الزيتون، أما اليوم فيعتبر عيد الأطفال إذ يتقاطرون إلى الكنيسة مرتدين ثيابهم الجديدة حاملين الشموع وسعف النخل وأغصان الزيتون، وتوضع أمام المذبح صنية مملوءة من أغصان الزيتون يأخذها المؤمنون إلى بيوتهم بركة.
[19]– جورج، فيرجستون، المرجع السابق، ص57.
[20]– المرجع نفسه، ص84-85.
[21]– نشوى، نعيم صادق، الدلالات والمعاني المرتبطة باستخدام الرمز واستعارة الشكل الخيالي في الفن القبطي، في: مجلة بحوث التربية النوعية، جامعة المنصورة، العدد(25)، 2012، ص645.
[22]– جورج، فيرجستون، مرجع سابق، ص73.
[23]– نفسه، ص93.
[24]– جمال، هرمينا بطرس عبدالملك، المناظر الطبيعية والدينية والرمزية في التصوير القبطي.. دراسة فنية تحليلية مقارنة بالفن المصري والفن الإسلامي، رسالة دكتوراه، كلية الآثار، جامعة القاهرة، 2010، ص836.
[25]– المرجع السابق، ص836.
[26]–نفسه، ص837.
[27]– الخوري، ناصر الجميل، الرموز المسيحية، بيروت، 2011، ص188.
[28]– جمال، هرمينا بطرس عبدالملك، مرجع سابق، ص838.
[29]– نفسه، ص833-834.
[30]– الخوري، ناصر الجميل، مرجع سابق، ص188.
[31]– جمال، هرمينا بطرس عبدالملك، مرجع سابق، ص832.
[32]– الخوري، ناصر الجميل، مرجع سابق، ص188.
[33]– الخوري، ناصر الجميل، مرجع سابق، ص188.
[34]–نفسه، ص188.
[35]–نفسه، ص189.
[36]– نفسه، ص190.
[37]– جودت، جبرة، كنائس مصر القديمة، ص121.
[38]– الأنبا صموئيل وبديع حبيب، الكنائس والأديرة القديمة بالوجه البحري والقاهرة وسيناء، 1995، ص93.
[39]– مصطفى، عبدالله شيحة، دراسة في العمارة والفنون القبطية، ص107.
[40]– يوجد بكنيسة القديسة بربارة بمصر القديمة (54) أيقونة إجمالا، سواء معروضة بصفة دائمة بالكنيسة أو أيقونات مناسبات عيد تكريس كنيستها 8 مسري.
[41]– جودت جبرة، جيرتود ج.م فان لوون، كارولين لودفيج، الكنائس في مصر منذ رحلة العائلة المقدسة إلى اليوم، ترجمة: أمل راغب، ص122.
[42]– تحمل معظم الأيقونات التي يرجع تاريخها إلى النصف الثاني من القرن الثامن عشر توقيع “إبراهيم الناسخ” إما منفرداً أو بالاشتراك مع “يوحنا الأرمني القدسي” وقد تأثر كثير من الرسامين بأسلوبهما، ونتيجة لذلك فإن أكثر الأيقونات التي رسمت في هذه الفترة تم رسمها بأسلوب فني متشابه، حيث تحمل الأيقونات خطوطًا مكتوبة باللغة العربية واللغة القبطية، وهي تكشف عن الموضوع المرسوم على الأيقونة وهوية القديس، وأحياناً تكشف هذه الخطوط عن اسم الكنيسة التي خصصت لها الأيقونة، وأيضاً عن اسم الشخص الذي قام بتمويل رسمه، ويتطابق التاريخ القبطي المكتوب بالأحرف والتاريخ الإسلامي المكتوب بالأرقام العربية مع النصف الثاني مع القرن الثامن عشر، وتتسم أيقونات هذين الرسمين بالأوجه البيضاوية الشكل والعيون اللوزية. “القمص يوساب السرياني، الفن القبطي ودوره الرائد بين فنون العالم المسيحي، ص58”.
[43]– مصور فلمنكي ذو شهرة ونباهة، يقال: إنه من أصل ألماني، والراجح أنه كان تلميذاً روجير فان در فايدن، استقر به الحال في مدينة بروج، حيث حظي بمستقبل باهر مترف، وكان مصور البورتريهات الأثير لدى رجال الأعمال الأثرياء، وما أكثر ما يخلط البعض بين أعمال هانز وأعمال تلاميذ مدرسته، وهو موقف بعيد عن الإنصاف، وقد بقي كم كبير من إنتاجه الغزير في الإطار نفسه الذي كانت تزخرف به بيئة العصور الوسطى، وهو ما أتاح لنا أن نتعرف على فنه وننفذ إلى أعماقه أكثر من غيره، وإذا كان النسيان قد غيم على اسمه فترة طويلة، فقد كان أحد القلائل الذين أنصفهم القرن التاسع عشر فرفعهم إلى القمة بين مصوري المرحلة الفلمنكية المبكرة.
[44]– ثروت عكاشة، فنون عصر النهضة، 2 الباروك، الهيئة المصرية للكتاب، 1988، ص494.
[45]– فنان ألماني وهو رسام وراهب دومينيكاني.
[46]– رسام إيطالي يتبع عصر النهضة العليا، واشتهر برسومات ذات طابع ديني، وقد انتشرت أعماله في شمال إيطاليا.
[47]– شريف، شعبان، الأسقف ومناظرها الدينية عبر العصور، ص226-227.
[48]– مارين كارولين سورغ، رسامة فرنسية قامت برسم العديد من اللوحات ذات طابع ديني، وكانت تسجل اسمها على اللوحات باسم كارولا سورغ.
[49]– هم قديسون شفعاء في الكنيسة الكاثوليكية كان لهم تكريم خاص، أصل الاعتقاد كان في وادي الراين خلال العصور الوسطى في القرن الرابع عشر، حيث كان المساعدون المقدسون شفعاء للأمراض هم: “القديس أغاتيوس شفيع الصداع، القديس إيجيديوس شفيع الطاعون والحدادين والمتسولين والمقعدين، القديس أوستاتيوس شفيع الخلافات العائلية، القديس إيراسموس أنطاكية شفيع الأمراض المعوية، القديس بلزيفس شفيع أمراض الحلق، القديسة بربارة شفيعة الحمى والموت المفاجئ، القديس جرجس شفيع الصحة والحيوانات الأليفة والمرض العقلي، القديس ديونيسيوس شفيع الصداع، القديس فيتوس شفيع الصرع. القديس كريستوفرس شفيع الطاعون ومخاطر السفر، القديسة مارجريت أنطاكية شفيعة الولادة والهروب من الشرور، القديس سيراكوس المقدس إغراءات سرير الموت وأمراض العيون، القديس فنلتلاون شفيع الأطباء، القديسة كاترين من الإسكندرية: الموت المفاجئ”.
[50]– هي ميدالية تابعة لسلاح المدفعية في قوات الولايات المتحدة الأمريكية.