يقدم الكتاب سيرة تاريخية وفكرية حول التسامح، متخذًا من العلاقات المسيحية- الإسلامية مثالاً لدراسة التطورات التاريخية والأطر الدينية والنظرية والاجتماعية المرتبطة في هذا المجال الحيوي. يؤسس الحوار الإيجابي بين الأديان، لوعي متصالح مع الآخر، يعزز دراسة فرص التلاقي ويرسخ الوعي بقيمة التعددية الدينية.
ركزت الدراسات على قضايا رئيسة في تاريخ التسامح، فقدمت قراءة جديدة لتمثلات «المسيحية في المصادر الإسلامية»، والخطابات والسياسات المتسامحة في تاريخ الإسلام، بدءاً من الاعتزال وصولاً للفلسفة والتصوّف. ودونت للحضور المسيحي في العصرين الأموي والعباسي وتجربة الحضارة الإسلامية في الأندلس التي يُنظر إليها، تجربة فريدة في مجال العيش والتلاقي، كما اهتمت بـــ «ميلاد السيد المسيح في الأناجيل وسورة مريم» وانعكاس صورته في التصوف الإسلامي، دون أن تغفل عن أهمية المشتركات الاجتماعية والدينية بين المسلمين والمسيحيين في الواقع المعيوش، فركزت على الحالة المصرية.
إن جذور التعايش بين أبناء الأديان قديمة على مستوى الاجتماع، وهذا ما يدفعنا إلى التعامل بحذر مع الروايات والأفكار التي تتحدث عن إقصاء الآخر الديني أو العرقي، الأمر الذي يتيح لنا التفكير بإمكانات تاريخية متاحة لإحياء قيم التسامح كتجارب سابقة، على الرغم من اغتراب المصطلح عن الوعي العربي والإسلامي عموماً.
يأتي هذا الكتاب في سياق الاحتفاء بالإنجازات الراهنة في طريق التعايش، التي توجتها «وثيقة الأخوة الإنسانية من أجل السلام العالمي والعيش المشترك» التي احتضنتها أبوظبي عام 2019، فانبثقت عنها مجموعة مبادرات تخدم التسامح وتروج لقيمه، أبرزها اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة، 4 فبراير (شباط)، تاريخ توقيع الوثيقة، يوماً دولياً للأخوة الإنسانية.
رئيس التحرير
عمر البشير الترابي