قبل نحو ألفي سنة قال عشرة من تلاميذ يسوع المسيح للرسول الحادي عشر توما: إننا رأينا الرب ، فقالَ لَهم: إِذا لم أُبصِرْ أَثَرَ المِسمارَينِ في يَدَيهِ، وأَضَعْ إِصبَعي في مَكانِ المِسمارَين، ويدي في جَنْبِه، لن أُومِن. قال هذا لأنه كان قد رأى معلمه قبل ثلاثة أيام يصلب ويموت ويدفن، بعد أن كان قد عاش معه ثلاث سنوات كتلميذ له، ابتداء من أرض الجليل وصولاً إلى أورشليم وبعد ثمانية أيام كان اللقاء التاريخي بين هذا التلميذ ويسوع نفسه، ويلخص لنا الإنجيلي يوحنا الحبيب هذا الحوار بينهما في خاتمة كتابه، حينما ظهر المسيح القائم من الموت لتلاميذه ومن بينهم توما، فطلب يسوع منه أن يضع إصبعه في جرح المسامير ويده في جنبه المطعون، فآمن به توما أيضاً وبقية التلاميذ، وقال يسوع عندها: أَلِأَنَّكَ رَأَيتَني آمَنتَ؟ طوبى لِلَّذينَ يؤمِنونَ ولَم يَرَوا [2].
بهذه الكلمات أبدأ هذا البحث بخصوص الديانة المسيحية في كردستان العراق، لأن هذا التلميذ بالذات هو الذي بشر بالديانة المسيحية في بلاد الرافدين التي انتشرت فيها من الشمال إلى الجنوب حتى يومنا هذا، وبمختلف أطيافها ومذاهبها وكنائسها لنشر رسالة المحبة والسلام والأمان. ولكي يعيش الناس بسلام مع الله ومع الآخرين فلا مجال لذلك دون محبتهم، ولا مجال لمحبتهم دون معرفتهم، ولا مجال لمعرفتهم دون الحوار معهم. من هنا تأتي أهمية هذا الموضوع لكي نجعل الديانة المسيحية معروفة للجميع، ولكي نتعرف على الديانات الأخرى في هذا الكتاب، فيكون حجر أساس يبني عليه الآخرون لخلق مجتمع أكثر أمانا وسلاما ومحبة.
سنعطي نبذة تاريخية لنشأة الديانة المسيحية على يد سيدنا يسوع المسيح، حينما عاش حياته الأرضية على مدى ثلاث وثلاثين سنة في أرض فلسطين. وبعد صلبه وموته وقيامته سلم هذه المهمة إلى رسله الاثني عشر، الذين بدورهم نشروا الإنجيل في كل بقاع العالم وصولاً إلى أرض كردستان. نتطرق أيضاً في النقطة الثالثة من الدراسة إلى ما يميز المسيحية عن الديانات الأخرى بأبعادها الروحية وعقيدتها وأبعادها الاجتماعية. ومن ثم نتعرف إلى البقعة الجغرافية، وخصوصاً في كردستان العراق، وحجم وجود الديانة المسيحية وتابعيها، لكي نفهم ماذا سيكون مستقبلها في النقطة الخامسة.
خلفية تاريخية
تعني كلمة المسيحية أو المسيحي باللغة الآرامية والعبرية القديمة «الممسوح بالدهن» أي «المختار»، بينما في اللغات الحديثة هي مشتقة من اللغة اليونانية «خريستوس». بدأت هذه الديانة منذ ألفي سنة في أورشليم وارتبطت بيسوع المسيح منذ ولادته من مريم العذراء من سبط يهوذا، حفيد إبراهيم أبي المؤمنين، وكانت مخطوبة لرجل اسمه يوسف من العشيرة نفسها. في مدينة بيت لحم اليهودية في أيام الإمبراطور الروماني أوغسطس قيصر (29 ق.م. إلى 14 م.) وهيرودس الكبير ملك أورشليم في اليهودية (37ق.م. – 4 ق.م.). وبشر بها في حياته العلنية وحتى صلبه وموته ودفنه وقيامته، حينما كان بيلاطس البنطي حاكم أورشليم (27-33 م) وهيرودس أنطيباس ملك في اليهودية (4 ق.م. – 37 م) وكان قيافا رئيساً للكهنة في هيكل أورشليم (18-36 م). أرسل يسوع المسيح تلاميذه الاثني عشر لكي يحملوا البشرى السارة إلى كل العالم[3].
تخبرنا قصة أبجر ملك الرها في منتصف القرن الميلادي الأول بأنه أرسل وفداً إلى المسيح يسأله القدوم إلى مدينته، ووعد بأن يقاسمه نصف مملكته إذا ما شفي على يده، أما يسوع فوعده بإرسال أحد تلاميذه. فأرشد الوحي توما الرسول أحد الاثني عشر بالانطلاق إلى بلاد الرافدين ليبشر فيها مع الرسولين أدي وماري، اللذين كانا ضمن تلاميذ المسيح الاثنين والسبعين، فوصلوا إلى الرها ليكرزوا ويبشروا وتم شفاء الملك أبجر من قبلهم، فتنصر هو وعائلته وكل مملكته في شمال بلاد الرافدين[4]. وحينما كانت البلاد تحت حكم الفرثيين (250 ق.م إلى 226 م)، انتشرت المسيحية بسرعة حتى وصلت إلى حدياب (أربيل) بواسطة الرسول أدي وتلميذه ماري في نهاية القرن الأول الميلادي، وأصبح «باكيدا» أول مطران لحدياب، وربما كانت كنيسة القديس إسحق أقدم كنائسها منذ عام 135، وأصبحت حدياب مركزاً لرئيس الأساقفة عام 310 [5].
ثم انتشرت المسيحية إلى مناطق كركوك جنوباً وإلى شقلاوة والمناطق الجبلية شمالاً، كذلك انتشرت باتجاه الشمال الغربي أي عقرة والقرى القريبة منها ودهوك وسهل نينوى، وكنيسة بابيرا الواقعة في حوض سد الموصل التي يعود تاريخها إلى القرن الثاني الميلادي تعتبر شاهدا على هذا الانتشار[6]، بالإضافة إلى دير ومدرسة مار ميخا النوهدري الذي أسسه أول مطران لالقوش في القرن الخامس الميلادي ولا يزال قائماً إلى يومنا هذا. ويرتبط به مباشرة دير الربان هرمز في جبل القوش ويعود تاريخه إلى سنة 628، وازدهر برهبانه وكهنته وأساقفته وبطاركته الذين أغنوا تاريخ المسيحية بمخطوطاتهم إلى اليوم. وهكذا تشكلت المراكز المسيحية الثلاثة الرئيسة في إقليم كردستان القديم: حدياب ومركزه كنيسة أربيل في القلعة، ومركا ومركزه كنيسة عقرة، وبانوهدرا ومركزه كنيسة دهوك[7].
كان المسيحيون يعيشون بسلام في القرون الثلاثة الأولى، خصوصاً أثناء فترة حكم شابور الأول (241-272) الذي على الرغم من عدم تنصره فإنه أسهم بانتشار المسيحية بشكل غير مباشر؛ لأنه كان في بدء عهده متسامحاً دينياً. ولكن لم يستمر الحال هكذا، حيث بدأ الاضطهاد يظهر مع حكم بهرام الأول (273-276) عندما أصبحت الزرادشتية هي الديانة الرسمية في الدولة الفارسية، وبدأ زعيمها «كرتير» بتنفيذ خططه ضد المسيحيين وحصل على مرسوم يقضي بملاحقتهم وكل الذين يدينون بمذاهب مناوئة لديانته الثنائية أثناء حكم الملك بهرام الثاني (276-293)[8].
كان القرن الرابع الميلادي يحمل معه الكثير من المفارقات، بالنسبة للمسيحيين ضمن الإمبراطورية الرومانية كان موعدًا لنهاية زمن الاضطهادات، حينما أعلن الإمبراطور قسطنطين مرسوم ميلان سنة 313 الذي أتاح للمسيحيين والطوائف كافة حرية اختيار العقيدة التي يرتضونها، واهتم ببناء الكنائس الضخمة وأصبحت روما مركز المسيحية الغربية وإلى اليوم.
العام 330 قام بنقل العاصمة من روما إلى القسطنطينية، فأصبحت مركز المسيحية الشرقية[9]. وبدأت قوة إمبراطوريته المسيحية الجديدة تزداد على الحدود الشرقية، فخسر الفرس بعض المناطق الحدودية، ولكي يستطيع الإمبراطور الفارسي سد نفقات الحرب ضد الرومان فرض شابور الثاني (309-379) ضرائب باهظة على الأهالي، ولعدم إمكانية المسيحيين المادية رفض دفعها بطريرك كنيسة المشرق مار شمعون بر صباعي، والذي كان مركزه في الجنوب، فشن شابور اضطهادا عنيفا عليهم، حتى وصل إلى المناطق الشمالية من الإمبراطورية الفارسية، وذلك لوجود القوات الفارسية هناك في مواجهة القوات الرومانية. حدث الاضطهاد الأربعيني الكبير (341-379) وراح ضحيته أكثر من (16000) شهيد، وكان أولهم البطريرك نفسه مع أساقفته وكهنته والكثيرين من المؤمنين. ومن أشهر شهداء كنيسة حدياب المطران يوحنا عام 343 ثم المطران أبراهام سنة 345. لكن المسيحية استمرت في الانتشار، بحيث وصلت قائمة المطارنة الذين خلفوهما واحداً وخمسين رئيس أساقفة[10].
بوصول الإسلام في القرن السابع أصبحت أوضاع المسيحيين أفضل مما كانت؛ وذلك لأن الإسلام كان يحمل معه بعض العقائد المشتركة مع المسيحية مثل الإيمان بالإله الواحد. فازدهرت المسيحية في ظل الدولة الأموية، وبرز المسيحيون في الترجمة، والعلوم، والفلك والطب فاعتمد عليهم الخلفاء. يذكر الجاثليق أيشوعياب الثالث (650-658) الاستعدادات الطيبة لدى العرب «الذين أعطاهم الله السلطة على العالم». والذين يحترمون القسس ويحمون الأديار والكنائس، واستمرت كذلك في العصر العباسي وأثناء رئاسة البطريرك طيمثاوس الأول الكبير (780-823)[11].
غير أن العلاقة بينهما انتكست نتيجة فرض الجزية والاضطهادات، وتراجع اعتناق المسيحية في القرنين التاسع والعاشر. ومرت أربيل بسبات من القرن التاسع إلى القرن الثاني عشر ولم تستيقظ منه إلا سنة 1167 على يد أمير كردي يدعى زين الدين كوتجوك بكتاكين، ومن ثم ابنه زين الدين يوسف، ثم أخوه مظفر الدين كوكبوري ثم الصهر صلاح الدين، حيث بدأت أربيل تزدهر من جديد بأعيادها الدينية، وشهدت نهضة اقتصادية واجتماعية تبعتها نهضة سياسية بتحرر ديني. واستطاع هذا الأمير أن يوسع حدود مملكة أربيل من مركزها القلعة لتصل إلى كركوك. وهذا ما يقابله أيضاً انتعاش فيما يخص المكونات الأخرى مثل المسيحيين الذين ظهر من بينهم بطريرك معروف بالتاريخ «دنحا الأربيلي» (1265-1281) وارتبط اسمه لفترة قصيرة من الزمن مع أربيل؛ وذلك بسبب سياسته الجريئة والواقعية التي بها استطاع أن ينجي ويحمي أربيل ولو لفترة قصيرة. ولكن كان عام 1310 حاسماً في تاريخها الطويل، فحينما كان العرب والمغول يستعدون للهجوم على القلعة كانت المذابح في القسم السفلي من المدينة تجري على قدم وساق. وبدأت شمس أربيل تغيب لفترة طويلة حتى إنه لا ذكر لأي مسيحي أو كنيسة فيها خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، عدا وجود قرية صغيرة مجاورة تسمى «عينكاوا»، لا تزال مسيحية إلى اليوم[12]. وفي فترة حكم تيمورلنك (1336-1405) الذي كان مسلماً متزمتاً أنشا له إمبراطورية عاصمتها سمرقند. وتدفقت قواته إلى آسيا الوسطى وأذربيجان والعراق وسوريا وتركيا، وهدم بذلك –تقريباً- كل البنية التحتية لكنيسة المشرق. وبين الشعوب التي قضى عليها كان مسيحيون كثيرون. والناجون منهم انعزلوا في جبال كردستان. وأما البطاركة فقد استقروا بعض الوقت في مدينة الموصل. وبدأً من سنة 1516 ستكون منطقة الموصل جزءاً من الإمبراطورية العثمانية. لم يكن البطاركة يستطيعون ممارسة مهماتهم إلا بعد أن يكونوا قد نالوا مرسوما (فرماناً) من السلطة المركزية في إسطنبول[13].
واستمر تكوين الكنائس في هذه المناطق، وقبلت فئات من الكنائس الشرقية رئاسة كنيسة روما الإدارية والروحية، وكونت كنائس شرقية متحدة بروما. فاتحدت الكنيسة الكلدانية عام 1553 مع كنيسة روما، وتأسست أبرشيات جديدة انفصلت عن المراكز الرئيسة القديمة مثل كركوك والسليمانية، وتأسست أبرشية زاخو الكلدانية الكاثوليكية، حيث كانت وريثة لأبرشية بانوهدرا الصغرى ومعلثا القريبة من دهوك منذ عام 1859. ثم بدأت محاولات الوحدة بين الكنيسة السريانية بروما منذ عام 1656، ولعب دير ما بهنام الشهير، دوراً مركزياً لأبرشية كاثوليكية حملت اسم «أبرشية مار بهنام وقره قوش» وذلك في القرن السادس عشر، ثم تحول إلى سلطة الكنيسة السريانية الأرثوذكسية عام 1798. وحدثت محاولات تقارب من الكنيسة الأرمنية مع روما منذ عام 1741 [14].
كما بدأ انتشار الكنائس الإنجيلية في إقليم كردستان منذ القرن الثامن عشر الميلادي. فكان مجمع الإرساليات الأمريكية قد بدأ عمله في بلدة أورميا في جبال الأكراد عام 1835، ثم انتقل من هذا الموقع مرسلون إلى الموصل، وسنة 1850 تأسست الإرسالية الآشورية. وكل هذا أسهم في قيام خدمة إنجيلية مشيخية في الموصل، ومنه انتقل إلى كركوك ودهوك وأربيل وبغداد والحلة، وكذلك في السليمانية وبأعداد مختلفة وقليلة[15].
كان القرن العشرون يحمل معه الكثير من التناقضات في العلاقات بين المسيحيين والدولة العثمانية، ولم تكن السلطات العثمانية لتميز بين الأرمن والمسيحيين السريان، الشرقيين والغربيين. أثناء الحرب العالمية الأولى حينما احتل العثمانيون أورميا شرعوا يقتلون المسيحيين إذ كانوا يعتبرونهم خونة، وينهبون القرى المسيحية، واقترفوا مجازر كبيرة بحقهم سنة 1915. وبينما قام الروس بحملة مضادة واحتلوا منطقة «وان»، امتدت المجازر وشملت الشعوب الآثورية والكلدانية داخل الإمبراطورية العثمانية. والسلطات المحلية نظمت اضطهادات في مدن أورفا (الرها القديمة) وديار بكر وسعرت، وقضت على عشرات الألوف من الضحايا بين الشعب المدني، وسبت ونهبت مئات القرى المسيحية. وترك آثوريو حكاري، ومن ضمنهم الجاثليق شمعون التاسع عشر، منطقتهم وجاؤوا إلى سهل أورميا. وحينما كان العراق يتهيأ للحصول على استقلاله سنة 1932، كانت قضية الآثوريين لا تزال غير محلولة.
أعلنت الحكومة الجديدة في بغداد للبطريرك شمعون الحادي والعشرين إيشاي أنها كانت مستعدة للاعتراف بسلطته الروحية، فلا مجال لمنحه الامتيازات المدنية التي كانت لديه في العهد العثماني. فرفض شمعون الخضوع، وبعض من الآثوريين قرروا مغادرة البلاد للاستقرار في سوريا، التي كانت تحت الانتداب الفرنسي. وفي 7 أغسطس (آب) سنة 1933، في قرية سميل على طريق سوريا، قتلت قوات الحكومة العراقية الجديدة المئات بل الألوف من الآثوريين، وأحرقوا عدداً من القرى في منطقة دهوك. ولم يكن الضحايا من اللاجئين القادمين من حكاري فحسب، بل من السكان المسيحيين المحليين كذلك. وأسقطت الجنسية العراقية عن البطريرك. فترك البلاد واستقر في قبرص أولا، ثم انطلق إلى الولايات المتحدة الأمريكية، ثم استقر في أربيل قبل سنوات عدة [16].
اشتهرت بدايات القرن الحادي والعشرين بهجرة المسيحيين من مختلف طوائفهم باتجاه أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية وأستراليا، وذلك بسبب الأعمال الإرهابية التي طالت كنائسهم ورجال الدين والمؤمنين خصوصاً في بغداد والموصل. وأخيراً، كان لتأسيس الدولة الإسلامية في الموصل من قبل الجماعات الإرهابية دور كبير في استمرار نزيف هجرة المسيحيين إلى الخارج، وفي ليلة 6 أغسطس (آب) 2014 تم تهجير أكثر من مئة ألف مسيحي من سهل نينوى فاستقبلتهم كنائس كردستان وبدعم حكومة الإقليم لأكثر من ثلاث سنوات، واستقر قسم منهم في عينكاوا والقوش ودهوك. وبدأ الكثيرون منهم يعودون إلى مدنهم في سهل نينوى وشرعوا بإعادة ترميم بيوتهم وكنائسهم وقراهم التي طالما عاشوا فيها آلاف السنين. وقد استقرت أوضاع المسيحيين الشرقيين على هذا الحال بين أزمنة استقرار وأزمنة اضطهاد ثم استقرار.
خصوصيات الديانة المسيحية وتميزها عن الأديان الأخرى
الأبعاد الروحية والصلوات والأعياد
الروحانية المسيحية هي توجه الإنسان نحو كل ما يتعلق بالأمور المتعلقة بالروح، واهتمامه بالقيم الأبدية. وهي موحاة من الله في الكتاب المقدس، ويمكن أن يكتسبها الإنسان عن طريق الصلوات. ومن أهم الأبعاد الروحية العيش وسط إيمان الجماعة التي تكوّن الكنيسة، لأنها تمثل هيكل الروح القدس. يفهم الإنسان المسيحي الروحي الله كآب، ويسوع كالمولود البكر لإخوة وأخوات يعلنون الإيمان نفسه بروح واحدة، ومدعوين إلى العبادة، ويستنيرون بالكتاب المقدس والتقليد. ويستطيع الإنسان أن يعطي ثماراً طيبة يدعوها الرسول بولس في الرسالة إلى أهل غلاطية «ثمار الروح» فيقول: «أَمَّا ثَمَرُ الرُّوح فهو المَحبَةُ والفَرَحُ والسَّلام والصَّبرُ واللُّطْفُ وكَرَمُ الأَخْلاق والإِيمانُ والوَداعةُ والعَفاف. وهذهِ الأَشياءُ ما مِن شَريعةٍ تتَعرَّضُ لَها»[17].
هكذا فالروحانية هي اختيار التعليم والنمو في العلاقة اليومية مع الله الآب بواسطة الرب يسوع المسيح، من خلال الخضوع لعمل الروح القدس في الحياة. فالمرشد الأول للنفوس هو روح المسيح المعطى من الله الآب لكل جماعة الكنيسة[18]. ومن الممكن أن يعيش المسيحي هذه الروحانية من خلال العبادات الفردية بعلاقاته المباشرة مع الله، وأشهر هذه العبادات في المسيحية هي صلاة الأبانا التي علمها المسيح لتلاميذه الاثني عشر. كما أن قراءة الكتاب المقدس والصلوات التأملية تساعد الفرد في التوجه نحو الله.
بالإضافة إلى الصلاة الفردية فهناك أيضاً الصلوات الجماعية أو ما يعرف في الكنيسة باسم الطقوس، وهي قابلة للتغيير والتطور والتكيّف مع الظروف الثقافية المختلفة للأزمنة والشعوب. هذه العبادات الجماعية، التي تسمى أيضاً «أسرارا» في بعض الكنائس، يقيمها المسيحيون بشكل جماعي في الكنيسة وبرئاسة أحد أعضاء سلك الكهنوت، أو من يمثله. وبغض النظر عن تعدد الأسرار في الكنائس جميعها فإن مصدرها الكتاب المقدس، ويمنح بعضها لمرة واحدة فقط مثل العماد، وبعضها بصورة دورية أو عند الاقتضاء مثل القربان المقدس.
يعيش المسيحيون هذه الصلوات بشكل أكبر أثناء الأعياد الكبرى المشتركة بين الجميع، مثل عيد الميلاد ورأس السنة الميلادية الذي هو عيد الختان، ويليها عيد الدنح الذي هو عيد عماد السيد المسيح وبداية رسالته التبشيرية. ثم تليها بعد سبعة أسابيع –تقريباً- فترة الصوم الكبير لمدة خمسين يوما تعتبر تحضيراً لأعياد القيامة التي تبدأ منذ يوم أحد الشعانين ذكرى دخول يسوع المسيح إلى أورشليم واستقباله كملك، ومعه يبدأ أسبوع الآلام الذي يتخلله يوم خميس الفصح، وفيه يؤسس المسيح العشاء الفصحي ويغسل أرجل التلاميذ كفعل تواضع، وتعقبه الجمعة العظيمة ذكرى صلب وموت ودفن يسوع المسيح، الذي يتوّجه عيد القيامة المجيد بعد ثلاثة أيام، أي في يوم الأحد الذي يعتبر قمة الأعياد المسيحية. بالإضافة إلى الأعياد الخاصة بكل كنيسة مثل أعياد القديسين والشهداء، والتي فيها يعبر المسيحيون عن إيمانهم المشترك وبطقوس وتقاليد تختلف باختلاف الشعوب والطوائف المختلفة. وعلى المسيحي أن يعيش هذه الصلوات ويترجمها في واقعه اليومي بأعمال الرحمة، وكلها تختصر بقول المسيح لتلاميذه: «كل ما فعلتموه لإخوتي الصغار هؤلاء، فلي قد فعلتموه»[19].
العقيدة المسيحية
إنّ جوهر عقيدة الديانة المسيحيّة هو شخص يسوع المسيح انطلاقاً من تجسده وحياته وقيامته من بين الأموات؛ وهو الذي أرسل التلاميذ الاثني عشر الذين عاينوا أعماله واستمعوا إلى تعليمه، وكانوا شهودا على صلبه وموته ودفنه وقيامته من بين الأموات. وهم الذين كتبوا بوحي من الله كل ما عاشه معلمهم وآمنوا به ونشروا رسالته الإلهية إلى العالم أجمع. هذا الوحي الإلهي مجموع في الكتاب المقدس، والذي يتكون من قسمين: الأول هو العهد القديم، مكتوب باللغة العبرية ويحوي (46) كتابا مشتركة بين اليهود والمسيحيين، والثاني هو العهد الجديد، مكتوب باللغة اليونانية ويحوي (27) كتاباً خاصاً بالمسيحيين، وهو يشكل مصدر كل العقائد المسيحية[20].
يشترك معظم المسيحيين بالعقائد الرئيسة التي هي الإيمان بإله واحد هو: الله الأزلي والخالد، والخالق، والمحيي، والرحيم، والغفور، والمتعالي، والعطوف، والرب الديان، والمحب. وإن الله قد خلق الكون بدافع محبته، ولمجده، وخلق الإنسان -ذكرًا وأنثى- على صورته ومثاله، وأحبه وخصّه برئاسة خليقته، ومنحه حرية الإرادة، وإمكانية معرفته. وهو يوجه حياة كل إنسان بطريقة سرية تدعى العناية الإلهية، منذ لحظة خلقه وحتى موته.
تؤمن المسيحية بأن يسوع المسيح هو كلمة الله التي أصبحت جسداً وسكن بين شعبه. عاش وعلم وأجرى المعجزات وشفى المرضى، وغفر الخطايا وتألم وصلب ومات ودفن وقام من بين الأموات وصعد إلى السماء وجلس عن يمين الله الآب، وأيضاً سيأتي بمجد عظيم ليدين الأحياء والأموات. وأرسل روحه القدوس إلى الكنيسة التي تحيا به، وليجعل حضور المسيح بشخصه وبكلمته وبعمله مستمرا في التاريخ.
فالله في المسيحية هو واحد وهو في آن ثالوث. واحد من حيث الجوهر والطبيعة، والإرادة والمشيئة، والقدرة والفعل، وثالوث من حيث إعلانه عن نفسه ومن حيث أعماله. وتدعى أطراف الثالوث الإلهي «أقانيم»، وتعني الشخص. ويشبهه آباء الكنيسة بمثال الشمس: فقرص الشمس يمثل الله «الآب» والنور الذي نراه يمثل «الابن»، والحرارة التي يعطيها قرص الشمس من خلال هذا النور الذي نشعر به ولا نراه يمثل «الروح القدس»، وكلها لها الطبيعة نفسها وهي واحد ولكن بثلاثة أشكال وجودية[21].
أسس المسيح الكنيسة، وهي الجماعة التي تمثل شعب الله، وجسد المسيح السري، لتقود مسيرة الإيمان، في كل مكان وزمان ومع الكل، عبر سلطتها التعليمية، وواجبها في إقامة الطقوس[22]. وعلى الكنيسة أن تسير على هذا التعليم في كل مكان وزمان وبأطيافها كافة. وعندما يشترك المسيحي في أحد الأسرار، فإنه يؤمن إذ ذاك بأنه يلتقي المسيح القائم من الموت.
أغلب المسيحيين يتفقون على أن السرين الأساسيين هما العماد والقربان، بينما يعتقد المسيحيون الأرثوذكس والكاثوليك بخمسة أسرار أخرى لتصبح سبعة: وهي العماد، والتثبيت، والقربان، والاعتراف، والزواج، والدرجات المقدسة، ومسحة المرضى. وتعتمد هذه الكنائس أيضاً -بالإضافة إلى الكتاب المقدس- على التقليد وكتابات آباء الكنيسة والمجامع في التشريع. فالشريعة المسيحية أو القوانين الكنسيّة هي مجموعة القوانين المستمدة من الكتاب المقدس والمجامع المسكونية السبعة وقوانين الرسل، والتي تحدد علاقة الإنسان بالله وبالناس وبالمجتمع. بينما الكنائس البروتستانتية تعتبر الكتاب المقدس وحده هو مصدر السلطان التشريعي.
تختلف الكنائس الكاثوليكية عن الكنائس الأرثوذكسية والإنجيلية؛ كونها تعترف كلها بسلطة الحبر الأعظم بابا روما الأب الروحي للكنيسة الكاثوليكية والسلطة الأعلى وحامي العقيدة الكاثوليكية، ولها قوانينها الخاصة بكل كنيسة ذاتية الحق. بينما الكنائس الأرثوذكسية ترتبط بسلطة البطريرك الذي هو السلطة الأعلى في الكنيسة الأرثوذكسية. في حين أن الكنائس الإنجيلية منفصلة روحيا وإداريا كل منها بحسب كنيستها. وهناك بعض العقائد الدينية التي يختلف بها المسيحيون بحسب الكنائس مثل العقائد المرتبطة بمريم العذراء وكذلك بعبادة القديسين والأيقونات.
الأبعاد الاجتماعية للديانة المسيحية
منذ أن أصبحت المسيحية دين الدولة الرسمي في الإمبراطورية الرومانية في القرن الرابع الميلادي، انتعشت وسمح لها بالانتشار في كل أطراف الإمبراطورية، ومنح لها امتيازات عديدة مع مرسوم ميلان من قبل الإمبراطور قسطنطين الذي اعتنق المسيحية. فتعاونت المسيحية مع الإمبراطورية، وأسهمت في تقدم المجتمع، وصارت عقائدها مواد لقوانين الإمبراطورية ولكل من انضم إليها. وعلى الرغم من أن المسيحية في شرق الفرات تعرضت إلى اضطهادات كثيرة من قبل الإمبراطورية الفارسية، فإنها أسهمت كثيراً في نشر ثقافة السلام والمحبة أيضاً في المجتمع الشرقي، فتشكلت العقيدة الاجتماعية للكنيسة. وهذا التعليم الاجتماعي هو مستوحى من الكتاب المقدس، ويمثل تطبيقاً للوصايا العشر التي تلقاها النبي موسى من الله على جبل سيناء، وجسدها المسيح في العهد الجديد من خلال التطويبات التي عاشها وأعلنها للتلاميذ. ويمكننا أن نلخص العقيدة الاجتماعية للمسيحية بوصية المسيح لتلاميذه: «فكُلُّ ما أَرَدْتُم أَن يَفْعَلَ النَّاسُ لكُم، اِفعَلوهُ أَنتُم لَهم: هذِه هيَ الشَّريعَةُ والأَنبِياء»[23]. كل مسيحي من مختلف الطوائف يتصرف على أساس هذه القاعدة المثلى. وكنتيجة لهذا التعليم يظهر الإنسان بشكل عام كائناً اجتماعياً، فلا يجوز للمجتمع أن يطغى على حرية الفرد، ولا يمكن للفرد أن يعيش دون مجتمع. وتؤكد المسيحية الحقوق والواجبات للمساهمة في الخير العام، بحسب ما تعرفه الكنيسة بأنه «مجموعة الأوضاع الاجتماعية التي تسمح للجماعات والأفراد من أعضائها بأن يبلغوا كمالهم بوجه أتم وأسهل»[24].
أول مبدأ في هذا التعليم الاجتماعي هو الحق في الحياة، فالله «خلق الإنسان على صورته ومثاله»[25] لكي يعيش هذه الحياة بملئها، والحياة بالنسبة للمسيحي هي نعمة من الله ولا أحد له الحق في القضاء على حياة شخص آخر، ولهذا فإن القتل بكل أشكاله، وحتى الإجهاض والقتل الرحيم والانتحار، تعتبر خرقاً لوصية الله وعملاً ضد العقيدة. فمن الواجب أن تحترم حياة الإنسان من لحظة الحمل وحتى لحظة الوفاة الطبيعية. وعلى هذا الأساس يتصرف المسيحي في حقه وحق الآخر أيضاً في الحياة، ولا يمكن أن يقضي على حياة شخص آخر.
المبدأ الثاني هو الحق في الحرية، وترتبط حرية الإنسان بحرية إرادته، فالمسيح يقول دائماً بعد كل تعليم يعلمه للآخرين: «من كان له أذنان تسمعان فليسمع»[26]. وعليه فإن المسيحي يؤمن بحرية التدين، وحرية التجمع، والتعبير عن الرأي وكل ما يتعلق بحرية الفرد دون التأثير على الآخر، وهو لا يجبر أحدا على اعتناق دينه، ولا يفرض أفكاره على الآخرين، ويطلب من الآخر أيضا احترام هذه الحرية.
المبدأ الثالث هو الحق في العمل لكي يتمكن الإنسان من تحقيق ذاته وكل إمكاناته، ومن خلال الزواج وتكوين عائلة بحسب وصية الله. ولكي يحقق الإنسان ذاته منحه الله الأرض ليستثمرها بالشكل الأمثل وفق قاعدتي الخير والعدالة، وبالتالي أعطاه وكالة ليتسلط على الأرض، وهي أصل السلطة في المجتمع. كما أن السلطة تعتبر شرعية طالما غايتها هي الخير والعدالة، وتفقد ماهيتها إن تعدت على واجبها. هكذا يسهم المسيحي في نشر ثقافة المحبة والسلام وخدمة المجتمع.
يسهم تطبيق هذه المبادئ المسيحية فيها المسيحي اليوم في إقليم كردستان بواسطة القيادة الحكيمة التي تتبعها السلطة في الإقليم، بفسح المجال لمكونات الشعب كافة لصنع القرار وحرية الفكر، وإقامة الشعائر الدينية لخلق مجتمع التعايش السلمي، الذي طالما تدعو إليه العقيدة الاجتماعية للكنيسة، وللتمييز بين ما هو لله وما هو للمجتمع والسلطة.
مسيحيو كردستان العراق: الديموغرافية والكنائس
تكونت المراكز المسيحية الثلاثة الأولى: حدياب ومركا وبانوهدرا، في إقليم كردستان منذ القرون المسيحية الأولى، وكانت كلها تحت سلطة كنيسة واحدة موحدة هي كنيسة المشرق، مرتبطة مع الكنيسة الجامعة في كل العالم. وكان الانتشار الجغرافي ضمن هذه المناطق الثلاثة بالشكل التالي: كان الجزء الأول ضمن إقليم حدياب على شكل معين شبه منتظم، وعاصمته أربيل وحدوده الطبيعية تقع بين مجرى نهر دجلة المحصور بين الزاب الكبير شمالاً، تضاف لها المناطق الجبلية في شقلاوة، وصولاً إلى السليمانية والزاب الصغير، بالإضافة كركوك جنوباً، بينما باتجاه الغرب كان أيضاً دير مار متى على جبل مقلوب من ضمن الإدارة الكنسية لهذا الإقليم حتى في بعض المرات كان جزءاً من الموصل.
أما الجزء الثاني فكان يعتبر إقليم مركا على شكل مثلث متساوي الساقين –تقريباً- يقع رأسه في الجنوب، الضلع المتجه من الجنوب– الشرقي نحو الشمال– الغربي يشكله نهر الخازر بدءاً بالصعود من نقطة التقائه بالزاب الكبير، ثم يمتد بخط مستقيم ممثلاً بنهر الكومل. أما الضلع الذي في اتجاه الجنوب- الغربي نحو الشمال- الشرقي فيمثله نهر الزاب الكبير الذي ضفته الثانية تمثل حدود إقليم حدياب. الحدود الشمالية للضلع الثالث محددة بسلسلة جبال عقرة وامتدادها في اتجاه الغرب. بينما الانتشار الآخر كان في إقليم بانوهدرا المترامي الأطراف والذي يمثل الأراضي المتبقية من إقليم كردستان ومناطق سهل نينوى، التي تصل إلى القوش وتلكيف وبرطلة وبعشيقة وقره قوش، والذي كان يشكل الحدود بين الإمبراطوريتين الفارسية والرومانية[27].
انقسمت المسيحية الشرقية إلى ثلاثة اقسام، غربية، وشرقية بقسميها الغربي والمشرقي، وذلك بسبب الاختلافات العقائدية المتعلقة بسر شخص ربنا يسوع المسيح، وبطريقة اتحاد طبيعتيه الإنسانية والإلهية. وبدأ انفصال كنيسة المشرق عن الكنيسة الغربية منذ مجمع أفسس سنة 431، نتيجة الخلاف اللاهوتي بخصوص اتحاد الطبيعة الإلهية والطبيعة الإنسانية لشخص المسيح، وبخصوص لقب مريم العذراء أم الله وأم المسيح بين بطريرك القسطنطينية نسطوريوس وبطريرك الإسكندرية قورلس، واختتم المجمع بتحريم تعليم الأول فاتجه إلى الشرق حيث قبل مسيحيو هذه المنطقة بهذا التعليم وانتشر بسرعة في بلاد الرافدين. ثم تبعه انفصال آخر في مجمع خلقدونية سنة 451 أيضا بخصوص الطبيعة الواحدة أو الطبيعتين لشخص المسيح، فكانت الكنائس قد انفصلت في سوريا ومصر وأرمينيا والكنيسة الملكية. وظهرت بذلك عقيدة الطبيعة الواحدة للمسيح، المونوفيزية وانتشرت في أغلب أراضي الإمبراطورية الفارسية في نهايات القرن الخامس الميلادي، بينما كانت العقيدة النسطورية الخاصة بطبيعتين للمسيح في كل الأقاليم القديمة منتشرة منذ منتصف القرن الخامس الميلادي.
تسبب ذلك بتقسيم إقليم بانوهدرا الكبير، وتم تقطيعه فأصبح ثلاثة أجزاء معزولة عن بعضها. الجزء الأول الواقع في الشمال احتفظ بالاسم القديم للإقليم، مقر كرسي المطران الخاص بهذا الجزء، كان في معلثا التابعة لدهوك التي حملت هي أيضاً الاسم نفسه. أما القوش التي اقتطعت من نينوى فإنها بقيت مرتبطة بأبرشية معلثا. والجزء الجنوبي الذي يمتد في الناحية الشرقية إلى كرمليس، ضم بين أحضانه نينوى والموصل ثم صعوداً إلى تلكيف وباطنايا وتلسقف. أما الجزء الثالث الناتج عن هذا التمزيق، فكان منطقة معزولة تقع وراء جبل مقلوب، شرقي عين سفني. وبالقرب منها أيضاً منطقة بعشيقة وبحزاني وقره قوش وكرمليس وبرطلة، والتي لا تزال كنائسها وأديرتها شامخة إلى يومنا هذا. استمرت فترة الانقسامات بين المسيحيين لفترة قصيرة ثم بدأ من جديد امتزاج واندماج أجيال الأقوام التالية عبر القرون كي ما تتوافر معها فرص للعيش معاً[28].
واليوم يمكننا تقسيم وجود المسيحيين في كردستان، والذين يصل عددهم إلى أكثر من ربع مليون نسمة ضمن المناطق المذكورة أعلاه، نسبة إلى انتماءاتهم الكنسية التالية[29]:
أولاً: الكنيسة الكاثوليكية: وهي تضم كل الكنائس الكاثوليكية الغربية والشرقية المرتبطة بسلطة الحبر الأعظم البابا. وتمثل الكنيسة الكلدانية أغلبية المسيحيين في العراق والإقليم، موزعين على أبرشية أربيل والسليمانية وكركوك ودهوك وزاخو والقوش وسهل نينوى، علماً بأنها مرتبطة بسلطة بطريرك بابل على الكلدان ومركزها في بغداد، وترتبط بها أبرشية الموصل والبصرة، وأبرشيات أخرى أيضاً خارج العراق، ويشكلون أكثر من نصف المسيحيين في الإقليم، ويتبعون الطقس الكلداني ولغتهم هي الكلدانية، وأصلهم من الأقوام البابلية والكلدانية والآثورية وحتى العربية والكردية والفارسية، التي كانت تسكن هذه المناطق في القرن الميلادي الأول. وتضم هذه المناطق كنائس وأديرة كثيرة تصل شقلاوة وكويسنجق وعرموطة. وكذلك جنوباً أبرشية كركوك والمناطق التابعة لها وأبرشية السليمانية شرقاً. بالإضافة إلى أبرشية دهوك وزاخو العمادية وأبرشية القوش وبعض المناطق من سهل نينوى مثل تلكيف وكرمليس. ويصل عدد الكنائس والأديرة التي لا تزال قائمة فيها إلى أكثر من أربعين كنيسة وديراً.
تليها في العدد الكنيسة السريانية ومركزها البطريركي في لبنان وتتبع الطقس السرياني الأنطاكي، ولغتهم هي السريانية وأغلبهم من الأقوام السريانية التي كانت تسكن هذه المناطق، بالإضافة إلى أن قسماً منهم ينحدرون من منطقة تكريت التي كانت مركز الكنيسة السريانية قبل دخول الإسلام إليها، وتتوزع في أبرشية الموصل وكركوك وإقليم كردستان، وخصوصاً في منطقة قره قوش وبرطلة وبعشيقة وبحزاني وسهل نينوى، بالإضافة إلى أبرشية بغداد والبصرة. ويصل عدد الكنائس والأديرة السريانية إلى أكثر من عشرين كنيسة وديراً. أما الكنيسة المارونية والتي مركزها البطريركي في لبنان، فهي أيضا تتبع الطقس السرياني الأنطاكي وعددهم قليل جدا في الإقليم، وهم يمثلون العاملين في بعض مناطق كردستان.
ثم الكنيسة الأرمنية ومركزها البطريركي في لبنان وتتبع الطقس الأرمني، وهم يوجدون في الإقليم بأعداد قليلة جداً خاصة في دهوك، بالإضافة إلى الموصل وبغداد والبصرة. بينما توجد أعداد قليلة من أتباع الكنيسة القبطية التي مركزها البطريركي في مصر وتتبع الطقس الإسكندري القبطي. بالإضافة إلى الكنيسة اللاتينية ومركزها في روما وترتبط بممثلها الأسقفي في بغداد، ويصل عدد الكنائس والأديرة التابعة لها في الإقليم إلى ستة عشر ديراً وكنيسة، والكثير من الرهبان والراهبات الذين يتبعون الطقس اللاتيني. وتمتلك الكنائس الكاثوليكية في كردستان إرثاً دينياً وحضارياً وثقافياً يضم مجموعة من المخطوطات القيمة، يصل عددها إلى (6000) مخطوطة تعبر عن تاريخ يصل إلى ألفي سنة.
ثانياً: الكنائس الأرثوذكسية: إنهم يمثلون ربع المسيحيين في العالم بشقيها الشرقي والمشرقي. وتمثل الكنيسة الأرثوذكسية المشرقية ثالث أكبر الكنائس عدداً في العراق والإقليم بعد الكنيسة الكلدانية والسريانية الكاثوليكية. ونخص بالذكر الكنيسة الآثورية المشرقية وتمثلها أبرشيات موزعة في مختلف مناطق الإقليم، مثل أربيل وكركوك والسليمانية ودهوك وزاخو وقرى سهل نينوى، وتتشابه مع طقس الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية واللغة والتقليد، إلا أنها مرتبطة بالكرسي البطريركي في أربيل وتضم الشعب الآشوري القديم الذي كان يسكن منطقة آشور في نينوى وكردستان. وتجدر الإشارة إلى أن هذه الكنيسة العريقة قد وقّعت مع الكنيسة الكاثوليكية في روما منذ عام 1994 على إعلان فيه قرر إيمانهما المشترك بيسوع المسيح الكامل في لاهوته وفي ناسوته المتحدين في شخص واحد. بينما ترتبط كنيسة المشرق الآثورية القديمة الجاثيليقية بالكرسي البطريركي المشرقي القديم في بغداد منذ عام 1964، ولها أبرشيات تتوزع في ربوع إقليم كردستان وبعدد أقل من سابقتها.
هناك أيضا الكنيسة الأرثوذكسية السريانية، بالطقس السرياني وهي مرتبطة بالكرسي البطريركي السرياني الأرثوذكسي ومركزها في لبنان، وأبرشياتها تتوزع في إقليم كردستان وقرى سهل نينوى مثل برطلة وبعشيقة وقره قوش، ويصل عدد كنائسها في الإقليم إلى (5) كنائس بالإضافة إلى دير مار متى الشهير. هذا ويوجد عدد قليل من الكنائس القبطية الأرثوذكسية المرتبطة بكرسي بابا الأقباط في مصر، وكذلك الكنيسة الأرمنية الأرثوذكسية الذي يصل عدد كنائسها إلى (5) كنائس في الإقليم.
ثالثاً: الكنائس البروتستانتية أو الإنجيلية: تمثل ثالث أكبر الكنائس المسيحية حيث تشكل ما يقارب ربع عدد المسيحيين في العالم. وهي متنوعة ومستقلة إداريا عن بعضها البعض، ولكل منها خصوصيات عقائدية أو ليتورجية تميزها عن غيرها. يصنفها المتخصصون بشكل عام في فئتين: كنائس الإصلاح الأساسي، وكنائس الإصلاح الراديكالي. فالأولى هي الكنائس التي تأسست بفعل الحركات الإصلاحية الرئيسة في القرن السادس عشر وهي الكنيسة اللوثرية والمصلحة والأنجليكانية. وقد حافظت الكنيسة اللوثرية الإنجيلية على الكثير من التعاليم الكاثوليكية المتعلقة باللاهوت الأسراري ولاهوت الكنيسة. بينما الكنيسة المصلحة نشأت من الحركة الإصلاحية التي قام بها جون كالفن في فرنسا وسويسرا، وهي نوعان: منها الكنيسة المشيخية، والتي تعتمد العقائد المصلحة والنظام المشيخي في إدارة الكنيسة، ومن ثم الكنيسة الأنجليكانية الإتكليزية.
أما كنائس الإصلاح الراديكالي فهي تلك التي نتجت عن أنشطة حركات الأنابابتست التي قامت في القرن السادس عشر، وقد تفرع عن هذه الحركات كنائس كثيرة يصعب حصرها، وأكبرها اليوم هي الكنيسة المعمدانية. وتنتشر هذه الكنائس في مختلف ربوع كردستان، حيث يصل عددها في عينكاوا إلى سبع كنائس، بالإضافة إلى كنائس أربيل والسليمانية ودهوك وزاخو[30].
مستقبل الديانة المسيحية في كردستان العراق
يعتنق المسيحية اليوم أكثر من ثلث البشرية، وتعتبر الكنيسة الكاثوليكية في مقدمة الطوائف الأكثر انتشاراً بما يعادل نصف عدد المسيحيين في العالم، وتليها الكنائس الأرثوذكسية ثم البروتستانتية. ووفقًا للإحصائيات، فإن المسيحية ستتخطى أعداد معتنقيها إلى ثلاثة مليارات شخص في الثلاثين سنة القادمة، وستبقى الديانة الأكثر اعتناقًا وعددًا. وتعتبر نسبة المسيحيين في الشرق الأوسط قليلة مقارنة بما هي عليه في القارة الأوروبية والأمريكية والأسترالية. في حين تصل نسبة المسيحيين ثلاثة بالمئة من سكان العراق، والنسبة نفسها تقريباً في إقليم كردستان.
على الرغم من الانتشار العالمي للمسيحية، فإنها تعتبر الديانة الأكثر تعرضاً للاضطهاد في العالم، وربما يعود السبب في ذلك كونها ديانة متسامحة ولا تقاوم الشر بالشر. ولهذا السبب فإن مستقبل المسيحية في الشرق الأوسط هو مقلق للغاية، بحيث إن عدد المسيحيين يتناقص باستمرار لأسباب كثيرة أهمها هجرة المسيحيين إلى أوروبا وأمريكا وأوستراليا. ومع هذا فإن الحضور المسيحي في هذه المنطقة مهم ومميز وله ثقله في مختلف ميادين الحياة الاجتماعية والثقافية والسياسية، وهم مكون أصيل فيها[31].
أما فيما يخص الوجود المسيحي في إقليم كردستان، فإنه في تزايد مستمر والأسباب كثيرة منها: هجرة الكثير من المسيحيين من بغداد والموصل والمحافظات الأخرى إلى الإقليم لأسباب أمنية وسياسية. والسبب الثاني والمهم هو التعايش السلمي الذي تشجعه حكومة الإقليم تجاه كل المكونات التي تعيش في الإقليم. والسبب الثالث هو اندماج المسيحيين في مختلف ميادين الحياة الكردية، كونهم عاشوا جنباً إلى جنب مع إخوتهم الأكراد لفترات طويلة، وعانوا المعاناة نفسها من الحكومات الدكتاتورية البائدة التي أودت سياستها بحياة الكثير من الأكراد والمسيحيين على السواء، وكان آخرها الموجة الإرهابية التي تعرضت لها مدينة الموصل وسهل نينوى.
تجدر الإشارة إلى أن عددَ القرى المسيحية المدمرة، والتي تعرضت إلى التعريب في إقليم كردستان وسهل نينوى والموصل في الأعوام (1963-1988) إلى (196) قرية، والكنائسَ التي تم تدميرها خلال الفترة (1976-1997) إلى (24) كنيسة، ورجالَ الدين المسيحيين الذين تم تصفيتهم في الأعوام (1972-1989) يصل إلى (8)، يضاف لهم الشهداء منذ عام 2003 إلى اليوم (5) كهنة ومطارنة، والمسيحيون المختفون في عمليات الأنفال عام 1988 يصل إلى (150) مسيحياً، ويصل المقدرون أثناء النزوح الجماعي من كردستان في مارس (آذار) عام 1991 إلى (31) مسيحياً[32].
تعرضت المسيحية في العقد الأخير، وخصوصاً منذ عام 2003، إلى هجرات مستمرة من مناطق وجودها بشكل عام في العراق، وكانت الهجرة باتجاهين: أولهما هو باتجاه الدول الغربية وخصوصاً أوروبا وأميركا وأستراليا، والآخر من مناطق وسط وجنوب العراق والموصل باتجاه منطقة سهل نينوى وإقليم كردستان. وكان آخرها التهجير القسري الذي تعرض له مسيحيو الموصل وسهل نينوى؛ بسبب العمليات الإرهابية التي طالتهم وتوجه أغلبهم إلى إقليم كردستان واستقروا في عينكاوا وشقلاوة والسليمانية ودهوك، بحيث استقبلت كنائس إقليم كردستان بالتعاون مع حكومة الإقليم ما يزيد على مئة ألف نسمة في ليلة 6 أغسطس (آب) 2014، وبقيت ناحية القوش المنطقة الوحيدة من كل سهل نينوى التي لم تصلها أيدي الإرهاب. وشهدت نهاية عام 2017 رجوع الكثير من هذه العوائل المهجرة إلى سهل نينوى، مثل تلسقف وباقوفا وبرطلة وباطنايا وتكليف وكرمليس وقره قوش وبعشيقة وبحزاني، وإعادة بناء البعض من كنائسها وبيوتها المهدمة. لكي تزدهر من جديد هذه المناطق المسيحية التي طالما كانت مسيحية منذ آلاف السنين، وتعيش مع بقية من المكونات الأخرى جنبا إلى جنب لتنشر حضارة التسامح والسلام والمحبة.
الخاتمة
تأسست المسيحية منذ أن بشر بها يسوع المسيح من خلال حياته الأرضية، التي عاشها مع شعبه اليهودي ابتداء من الجليل وأورشليم، حيث بشر وعلم وعمل وشفى المرضى وأقام الموتى، وشكل حوله حلقة من التلاميذ الاثني عشر ثم الاثنين والسبعين تلميذاً، إلى أن ألقي القبض عليه من قبل رؤساء الكهنة والشعب وسلموه إلى أيدي السلطات الرومانية، التي حكمت عليه بالصلب ومات ودفن، ولكن الله أقامه من بين الأموات في اليوم الثالث، ثم صعد إلى السماء. وأرسل روحه القدوس إلى تلاميذه الذين وصلوا إلى أقاصي الأرض لكي يبشروا العالم بأنه قام من بين الأموات، وهو بكر لإخوة كثيرين فينالوا بالإيمان باسمه الخلاص من خطاياهم.
هكذا انتشرت المسيحية بسرعة كبيرة بتعليم هؤلاء الرسل وبقوة الروح القدس، حيث كان الله يرافقهم في رسالتهم فانطلقوا من أورشليم إلى قلب الإمبراطورية الرومانية، روما، غربا، وإلى قلب الإمبراطورية الفارسية، بلاد الرافدين، شرقا، وصولا إلى الهند والصين، وشمالا باتجاه إنجلترا وجنوبا في القارة الأفريقية. واستطاع هؤلاء الرسل الاثنا عشر أن يبشروا بقيامة المسيح وبتعاليمه كل الأمم من دون جبر وإكراه وباحترام تقاليدهم وتاريخهم، فاستطاعوا أن يؤسسوا كنائس بتقاليد ولغات وحضارات متنوعة ما زال أغلبها قائما إلى يومنا هذا، وانتشارها في أغلب مناطق كردستان شاهد على ذلك.
نستنتج من هذا التاريخ الطويل أن المسيحية بالرغم من الاضطهادات التي تعرضت لها منذ نشأتها إلى اليوم، استطاعت أن تؤسس في العالم على مر التاريخ ثقافة التسامح والسلام والمحبة. لأنها المبادئ الأساسية التي عاشها المسيح طوال حياته، وبشر بها رسله الذين بدورهم عاشوها ونقلوها إلى كل العالم.
واليوم تنتشر المسيحية في أغلب مناطق كردستان لتستمر بنشر رسالتها التي تدعو إلى التسامح والعيش المشترك ضمن مجتمع يؤمن بثقافة التعايش السلمي، وفق ما توفره له حكومة الإقليم من حرية دينية وحرية الفكر والتعبير عن الرأي، حيث تعيش كل المكونات بحرية وسلام ومحبة.
[1] عميد كلية بابل الحبرية للفلسفة واللاهوت في عينكاوا، أربيل.
[2] الكتاب المقدس، جمعيات الكتاب المقدس في المشرق، دار المشرق ش م م، بيروت 2012، إنجيل يوحنا: الفصل: 20، الآيات: 19-31.
[3] الكتاب المقدس، إنجيل متى 1-2، 26-28، إنجيل مرقس 1-2، 14-16، وإنجيل لوقا 1-4، 22-24، وإنجيل يوحنا 1، 13-21.
[4] أوسابيوس القيصري، التاريخ الكنسي 1: 13، دار حرمون، بيروت، 2006، 62-67.
[5] جان، فييه، ترجمة: نافع توسا، آشور المسيحية، الفكر المسيحي، بغداد، 2011، الجزء الأول، 39-40.
[6] عبدالسلام، سمعان يسي الخديدي، بابيرا أقدم كنيسة مكتشفة في بلاد الرافدين على ضوء التنقيبات الأثرية فيها، دار المشرق الثقافية، دهوك، 2012، 136.
[7] الأب يوسف حبي، كنيسة المشرق الكلدانية – الآثورية، جامعة الروح القدس 10، الكسليك 2001، 161. أدي شير، تاريخ كلدو وآثور، الحرف الذهبي، حلب، 2007، الجزء الثاني 50.
[8] الأب ألبير أبونا، تاريخ الكنيسة السريانية الشرقية، دار المشرق، بيروت، 2007، الجزء الأول، 21-35.
[9] الأب منصور المخلصي، الكنيسة عبر التاريخ، بغداد، 2008، الجزء الأول 23، 109. أنطوان الغزال وصبحي حموي اليسوعي، ترجمة، تاريخ الكنيسة المفصل، دار المشرق، بيروت، 2002، المجلد الأول 10.
[10] الأب ألبير أبونا، سير الشهداء والقديسين، نجم المشرق، بغداد، 2016، الجزء الرابع 26-38. جان فييه، ترجمة: نافع توسا، آشور المسيحية، 41-42.
[11] هرمان تول، ترجمة: الأب ألبير أبونا، الكلدو – آشوريون، مسيحيو العراق وإيران وتركيا، الطيف، أربيل، 2010، 24-28.
[12] جان فييه، آشور المسيحية، الجزء الأول، 75-77. الأب ألبير أبونا، تاريخ الكنيسة السريانية الشرقية، الجزء الثالث 45. أفرام عيسى يوسف، المدن الزاهية في بلاد الرافدين العليا، دار المشرق الثقافية، دهوك، 2013، 116.
[13] هرمان تول، الكلدو – آشوريون، 32. الأب ألبير أبونا، تاريخ الكنيسة السريانية الشرقية، الجزء الثالث 77. كريستوف باومر، ترجمة: عزيز عمانوئيل الزيباري، كنيسة المشرق، رابطة الكتاب والأدباء 6، دهوك، 2009، 267.
[14] الأب ألبير أبونا، تاريخ الكنيسة السريانية الشرقية، الجزء الثاني، 92، الجزء الثالث، 137، 168.
[15] القس د. عيسى ذياب، مدخل إلى الكنائس الإنجيلية ولاهوتها، دار منهل للحياة، لبنان، 2009، 11-20.
[16] هرمان تول، الكلدو – آشوريون، 39، 90. البرفيسور ج. ب. إسمونسن، ترجمة: جرجيس فتح الله، فاتحة انتشار المسيحية في الشرق، دار أدي شير للنشر والإعلام، أربيل 2005، 13. سعد سلوم، المسيحيون في العراق، مسار للتنمية الثقافية والإعلامية، بغداد 2014، 33.
[17] الكتاب المقدس، الرسالة إلى أهل غلاطية 5: 22-23.
[18] المطران جيرار ويك، ترجمة: الأم ماري هنرييت غانم، الروح القدس مدرسة الإيمان، دار المشرق، بيروت، 1989، 163.
[19] الكتاب المقدس، إنجيل متى 25: 40.
[20] المطران كيرلس سليم بسترس، ترجمة، المسيحية في عقائدها، الفكر المسيحي بين الأمس واليوم 18، المكتبة البولسية، بيروت 1998،69، 313. فالتر كاسبر، ترجمة: المطران يوحنا منصور، إله المسيحيين، الفكر المسيحي بين الأمس واليوم 32، المكتبة البولسية، بيروت 1995، 243.
[21] توماس ف. تورانس، ترجمة: د. عماد موريس إسكندر، الإيمان بالثالوث، الفكر اللاهوتي الكتابي، مكتبة باناريون، 2007، 45.
[22] الأب كابي الفرد هاشم، أؤمن وأعترف، دار المشرق، بيروت، 2015، 318.
[23] الكتاب المقدس، إنجيل متى 7: 12.
[24] المتروبوليت حبيب باشا، التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية، العدد (1907). المطران كيرلس سليم بسترس، ترجمة، مدخل إلى اللاهوت الأدبي، تعليم الكنيسة الاجتماعي، الفكر المسيحي بين الأمس واليوم 30، المكتبة البولسية، بيروت، 2001، الجزء الثاني، 17.
[25] الكتاب المقدس، سفر التكوين 1: 26.
[26] الكتاب المقدس، إنجيل مرقس 4: 9.
[27] جان فييه، آشور المسيحية، الفكر المسيحي، بغداد، 2011، 37،40، 175، 335.
[28] الأب ألبير أبونا، تاريخ الكنيسة السريانية الشرقية، الجزء الأول 14، 22-38. الأب يوسف حبي، كنيسة المشرق الكلدانية – الآثورية، 16. بنيامين حداد، موسوعة الديارات، مطبعة نصيبين، دهوك، 2015، المجلد السابع 2764-2786.
[29] الأب يوسف حبي، كنيسة المشرق الكلدانية – الآثورية، 213. الأب ألبير أبونا، ترجمة، الكنائس الشرقية في العالم العربي، أربيل، 2017، 27. عزيز سوريال عطية، تاريخ المسيحية المشرقية، مكتبة المحبة، القاهرة، 2010، 304-357.
[30] فيما يخص الإحصائيات راجع: الأب يوسف حبي، كنيسة المشرق الكلدانية – الآثورية، 213-274، سعد سلوم، المسيحيون في العراق، 467-483، القس د. عيسى ذياب، مدخل إلى الكنائس الإنجيلية ولاهوتها، 11-20.
[31] دهام محمد العزاوي، مسيحيو العراق، مركز الجزيرة للدراسات، الدوحة، 2012، 205.
[32] سعد سلوم، المسيحيون في العراق، 486-507.