شهدت الأشهر الماضية تناميًا للتوجه الأوروبي نحو الدول الأفريقية خاصة موزمبيق. تزامن التقارب بين الجانبين مع تردي الأوضاع الأمنية وتزايد الهجمات الإرهابية لتنظيم داعش في إقليم كابو ديلجادو، الأمر الذي جعل التقارب الأوروبي معها يسير في اتجاه دعم وتعزيز الجهود وتكثيف التحركات لمواجهة التنظيمات الإرهابية؛ كي تتهيأ الأوضاع لعودة الاستثمارات الأوروبية وتناميها مجددًا، لاسيما مع تطلع الغرب لتعويض الخسائر التي لحقت به على خلفية الحرب الروسية- الأوكرانية، لنصبح بذلك أمام تساؤلٍ حول مدى تمكن موزمبيق من استغلال التوجه الأوروبي لها في تعزيز جهودها لمكافحة الإرهاب.
أولاـ قراءة للأوضاع الأمنية في موزمبيق
تتمتع دولة موزمبيق بثروات طبيعية هائلة، حيث تمتلك (40%) من احتياطي الوقود عالميًا، كما تمتلك احتياطيات ضخمة من الياقوت والأخشاب، ناهيك عن حقول الغاز التي تم اكتشافها عام 2019، والتي لفتت الأنظار العالمية إليها[1]، ومع ذلك كانت تلك الثروات سببًا رئيساً وراء حالة عدم الاستقرار التي تواجهها البلاد على مدار عقود؛ نتيجة لفشل النظام الحاكم في استثمار الموارد وتحقيق التوزيع الأمثل لها، مما أدى إلى نشوب صدامات بين المواطنين، كما تنامت حركات التمرد بإقليم كابو ديلجادو، ناهيك عن تصاعد موجة من الغضب الشعبي على خلفية اتهامات لمسؤولين حكوميين بالفساد، وتزوير الانتخابات خلال الفترة من 2013 حتى 2019، الأمر الذي هيأ المناخ لظهور التنظيمات الإرهابية وانتشارها بضراوة.
لذا يمكن الجزم بأن الأوضاع الأمنية المتردية التي تعاني منها البلاد ترجع جذورها بالأساس لأسباب سياسية واقتصادية، والتي استغلها داعش ونجح في استقطاب المواطنين عبر توفير احتياجاتهم الأساسية بعدما عانوا من التهميش الحكومي، وتراجع مستويات المعيشة وارتفاع معدلات الفقر والبطالة، لتصل عناصر التنظيم إلى قرابة (1200) عنصر، معظمهم سكان أصليون من الإقليم الشمالي لموزمبيق، إلى جانب آخرين تم تجنيدهم من تنزانيا وجزر القمر[2].
من جهة أخرى بدأ التنظيم في السيطرة على منابع الثروات بالإقليم الشمالي، كما شرع في تعزيز مصادر التجارة غير المشروعة لتنويع مصادر تمويله، كالاتجار في المخدرات والعاج والأخشاب بعد سيطرتهم على ميناء ميكيمو دي برايا، كما استغل التنظيم الحدود الهشة مع تنزانيا ونجح في تهريب الأسلحة وتجنيد عناصر جديدة، إلى جانب تعزيز تجارتهم في الأعضاء والبغاء عبر استغلال هشاشة الأوضاع الأمنية على الحدود مع دول الجوار، ووصلت تهديدات داعش ذروتها عقب سيطرته على مشروع للغاز الطبيعي تابع لشركة توتال الفرنسية، بعد هجومهم على مدينة بالما مارس (آذار) 2021، مما أدى لإعلان الشركة تعليقها مشروع الغاز الضخم بشبه جزيرة أفونغي، والبالغ قيمته أكثر من (20) مليار دولار وإجلاء موظفيها، ودفعت تلك التطورات إلى تدويل الصراع في إقليم كابو ديلجادو يوليو (تموز) 2021، بعدما تدخلت أطراف دولية عدة لمواجهة تلك التهديدات[3].
وبالرغم من المحاولات الدولية والإقليمية لمواجهة هجمات داعش، فإن التنظيم ازداد شراسة، اتضح ذلك خلال الهجمات الإرهابية التي قام بشنها عقب تدويل أزمة الإقليم الشمالي، فخلال يونيو (حزيران) الماضي شن التنظيم هجمات متعددة على قرى ومناطق تقع شرق وشمال موزمبيق، كما ارتكب مجازر ضد عشرات من المسيحين بقرى عدة كبريتوريا وناميتوكو، ناهيك عن إعلان التنظيم إقدامهم على إحراق مئات المنازل ونشر صور لتلك الهجمات، كما شن التنظيم هجوماً إرهابياً على منجم تابع لشركة تريتون مينيرال الأسترالية، مما أسفر عن مقتل اثنين من موظفيها.
وبالرغم من موافقة برلمان موزمبيق على قانون صارم لمكافحة الإرهاب مايو (أيار) 2022، يقضي بتوقيع عقوبات صارمة على الجهاديين، وكل من يتورط في نشاط إرهابي، سواء بالإدلاء عن معلومات للتنظيم او التضليل الأمني أو المشاركة في أنشطة إرهابية[4]، فإنه لم يحدث تقدم ميداني، بل تزداد هجمات التنظيم شراسة، وتستمر سيطرته على مناطق حيوية، في حين ما زالت الحكومة وقوات الدعم الدولية والإقليمية عاجزة عن احتواء الوضع، ولعل السبب الرئيس وراء ذلك وجود مستويات عالية من الدعم التكتيكي والعملياتي بين داعش وأذرعه المختلفة، يستدل على ذلك من إعلان القيادة المركزية لتنظيم داعش بسوريا والعراق عام 2017 مسؤوليتها عن هجوم بالما الأول شمال كابوديلجادو، مما يعني وجود شبكة تواصل بين الشركاء الإقليميين للتنظيم، من جهة أخرى فبالرغم من استعانة موزمبيق بقوات من فاغنر خلال الشهور الماضية، فإنها فشلت في احتواء الأمر، وألحقت مزيداً من الخسائر للقوات في موزمبيق نتيجة عدم وجود خطة واضحة وممنهجة لمواجهة تكتيكات داعش، الأمر الذي دفع التنظيم للانتقال من الهجمات الصغيرة على قرى، إلى هجمات أكبر على مواقع استراتيجية.
لذا كانت الخسائر الاقتصادية وتراجع الاستثمارات الناتجة عن تصاعد التوترات الأمنية سببًا رئيساً في تهديد المصالح الأوروبية بموزمبيق، وجاءت الحرب الروسية- الأوكرانية لتفرض على أوروبا إعادة ترتيب أوراقها من جديد، فيما يتعلق بعلاقاتها الخارجية مع أفريقيا، لتتخذ بذلك الدول الأوروبية نهجًا جديدًا ومسارًا أكثر تطورًا في علاقاتها مع الدول الأفريقية، لتصبح مواجهة التنظيمات الإرهابية وإعادة الاستقرار الهدف الرئيس الذي تسعى لتحقيقه بغية تعزيز التعاون الاقتصادي، وتنمية استثماراتها لتعويض خسائرها الناجمة عن الحرب المستمرة شرق أوروبا.
ثانياـ أسباب التوجه الأوروبي لموزمبيق
بالرغم من تصنيف موزمبيق باعتبارها ثالث أفقر دول العالم وفقًا لتقرير صادر عن البنك الدولي، فإنها شهدت زخمًا واهتمامًا أوروبيًا على مدار الشهور الماضية، فبعد زيارة الرئيس الإيطالي سيرجي ماتاريلا مايو (أيار) الماضي، بدأت تتوالى الزيارات الأوروبية، وبالنظر إلى تطورات الأوضاع الدولية نجد دوافع عدة تكشف أسباب التحركات الأوروبية الأخيرة صوب موزمبيق، يمكن إبرازها على النحو التالي:
- مواجهة التنظيمات الإرهابية: تسعى الدول الأوروبية لتطويق تمدد التنظيمات الإرهابية في موزمبيق، لا سيما تلك المتمركزة في الإقليم الشمالي، وذلك نتيجة للأضرار التي سببها التمدد الراديكالي، والتي أثرت بشكل مباشر على الاستثمارات الأوروبية في موزمبيق، والبالغ قيمتها قرابة (60) مليار دولار، معظمها في قطاعي النفط والغاز[5]، حيث أدت الهجمات الإرهابية لداعش في مارس (آذار) 2021 إلى توقف مشروع الغاز التابع لشركة توتال الفرنسية، والبالغ قيمته (20) مليار دولار، وبالتوازي مع الحرب الروسية- الأوكرانية أصبح لزامًا على الدول الأوروبية البحث عن بدائل للحصول على الغاز، فأصبحت موزمبيق هذا البديل، مما حتم على الدول الأوروبية المساعدة في تطويق أنشطة التنظيمات الإرهابية. من جهة أخرى هناك مخاوف أوروبية من انتشار التنظيمات الإرهابية بدول الجوار الأفريقي لموزمبيق كتنزانيا ووسط أفريقيا، فبالرغم من تمكن القوات الأمنية بموزمبيق بمساعدة قوات دولية في استعادة بعض المناطق التي سيطر عليها داعش، فإن الجماعات المتمردة ما زالت متمسكة بمطالبها ومستمرة في التحرك والانتشار، مستغلين الانفلات الأمني للمناطق الحدودية، الأمر الذي من شأنه تشتيت القوتين الأوروبية والإقليمية، مما يعني استمرار التهديدات الأمنية وما يتبعها من توقف للاستثمارات والمصالح الغربية.
- تعويض الخسائر الاستراتيجية للحرب الروسية: اعتمدت الدول الأوروبية خلال العقد الماضي على احتياجاتها من الغاز على روسيا، إلا أن الحرب القائمة بين موسكو وكييف أثرت على الواردات الأوروبية وعلى الأسعار العالمية للغاز، الأمر الذي دفع الغرب للبحث عن بدائل فعلية، لا سيما مع قدوم فصل الشتاء وازدياد الطلب على الغاز بالتزامن من نقص الإمدادات وارتفاع الأسعار. فعلى سبيل المثال تعتمد إيطاليا على استيراد الغاز لسد (90%) من احتياجاتها، فيما تبلغ واردات الغاز الإيطالية من موسكو نحو (45%) لذا كان التوجه لموزمبيق باعتبارها البديل الأمثل، حيث تمتلك ثالث أكبر احتياطي للغاز في أفريقيا بعد نيجيريا والجزائر[6].
- تطويق النفوذين الصيني والروسي: بدا خلال الفترة الماضية تبني موزمبيق موقفًا محايدًا إزاء الحرب الروسية- الأوكرانية، وهو ما يرجع للعلاقات التاريخية الوثيقة بين الجانبين، حيث قدم الاتحاد السوفيتي كامل الدعم لجبهة تحرير موزمبيق ضد البرتغال، فيما كشفت تقارير عسكرية وجود قوات روسية مستقرة في موزمبيق، حتى بعد فسخ التعاقد مع فاغنر، مما يعكس قوة العلاقة بين الجانبين، من جهة أخرى تتسم العلاقات بين موزمبيق والصين بالمتانة، وذلك على خلفية الاستثمارات الهائلة بين الجانبين، بل كشفت تقارير عن اتجاه صيني لتشييد قاعدة عسكرية للصين في موزمبيق، لذا جاء التوجه الأوروبي أخيرًا في محاولة لتقليل اعتماد موزمبيق على موسكو وبكين، بحيث تصبح الاستثمارات الأوروبية البديل الأمثل، ويأتي البعد الأمني ومكافحة الإرهاب كمدخل رئيس لتبرير الوجود الأوروبي. يتجلى ذلك في إعلان روما تمويلها لبرنامج الصمود والتنمية المتكامل شمال موزمبيق، والذي يستهدف تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للإقليم الشمالي، وتوفير فرص للعمل، وكذلك تقليص معدلات الفقر، وذلك كمعالجة أولية لأسباب انتشار التطرف والحد من تمدد الجماعات الراديكالية.
ثالثاـ أبعاد الدعم الأوروبي وكيفية تفعيله في مواجهة النشاط الإرهابي
كشفت نشرة مؤشر الإرهاب العالمي الصادرة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي عن تصاعد كبير في الأعمال الإرهابية لتنظيم داعش في دول جنوب الصحراء، وعلى رأسها موزمبيق وبوركينا فاسو، الأمر الذي جعل البعدين الأمني والعسكري من المحددات الرئيسة التي تحكم التوجه الأوروبي الأخير لموزمبيق، حيث شهدت الأشهر الماضية تحركًا واضحًا في مجال مكافحة الإرهاب، ويمكن إجمال تلك التحركات على النحو التالي:
- زيادة التمويل العسكري: يتجه الاتحاد الأوروبي لزيادة الدعم المالي والعسكري للمجموعة الإنمائية للجنوب الأفريقي، حيث وردت معلومات بزيادة التمويل من (2.9) إلى (15) مليون يورو، كما أصبح هناك إلزام لدول السادك بضرورة إرسال قوات تابعة لها إلى موزمبيق لتطويق تمدد التنظيمات الإرهابية، وبالفعل قامت ست دول من أصل (12) دولة بإرسال قواتها، وقامت رواندا في يوليو (تموز) 2021 بإرسال قوات خاصة لمكافحة الإرهاب بشكل منفرد، بحيث ستتمركز تلك القوات في موزمبيق لمدة عام تقريبا. من جهة أخرى أعلن الاتحاد الأوروبي عن دعم منفرد للجيش الموزمبيقي بقيمة (45) مليون يورو، في صورة معدات وأجهزة للكشف عن الألغام إلى جانب معدات طبية ومعيشية، لتصبح بذلك موزمبيق ثاني أعلى دولة حصولًا على دعم من الاتحاد الأوروبي لمواجهة التنظيمات الإرهابية، فيما أعلنت واشنطن يوليو (تموز) الماضي تقديم حزمة إضافية من المساعدات بقيمة (9) ملايين دولار، ناهيك عن المساعدات الأساسية المقدرة بنحو (116) مليون دولار، لتصبح بذلك الولايات المتحدة ثاني أكبر مانح لموزمبيق[7].
- تدريبات عسكرية مشتركة: أعلن الاتحاد الأوروبي أكتوبر (تشرين الأول) 2021 عن تدريبات عسكرية مشتركة بين دول من الاتحاد وموزمبيق، كما أعلن عن بعثة تدريب تتمركز بموزمبيق لمدة عامين؛ بغية تعزيز ودعم جهود بناء السلام، بحيث تنقسم البعثة لقسمين؛ يتمركز القسم الأول بشيمويو وسط البلاد وتضم عناصر القيادة، في حين يتمركز القسم الآخر في العاصمة مابوتو ويضم عناصر من البحرية، وفي مايو (أيار) 2022 أعلنت دول أوروبية عدة منها اليونان والبرتغال انضمامها لتلك البعثة، كما أعلنت الولايات المتحدة إرسال قوات خاصة لتدريب قوات من الجيش الموزمبيقي على الأنماط القتالية الجديدة، كي يتمكنوا من مواجهة الهجمات الإرهابية المتكررة[8].
- شراكات متعددة المستويات: لم يقتصر التوجه الأوروبي الأخير لموزمبيق على البعد الأمني والعسكري فقط، ولكن شمل أيضا البعد الاقتصادي باعتباره الركيزة الأساسية والمنطلق الأبرز للتوجهات الأوروبية نحو أفريقيا، لتشهد الفترة الأخيرة شراكات اقتصادية متعددة، حيث أعلنت شركة إيني الإيطالية عن تحرك أول شحنة للغاز المسال من موزمبيق خلال أكتوبر (تشرين الأول) 2022، بينما كشفت معلومات من داخل الشركة عن إقدامها على إنشاء محطة عائمة لتسييل الغاز بموزمبيق في غضون ثلاث سنوات، وبالتوازي مع ذلك وقع الرئيس الإيطالي خلال زيارته الأخيرة لموزمبيق مايو (أيار) 2022 اتفاقية تحت مسمى خطة إرشادية متعددة المستويات تستهدف التركيز على التعاون في مجالات عدة؛ منها الزراعة والطاقة والتعدين، ومن المقرر أن يمتد عمل الاتفاقية خلال الفترة من 2022-2026[9]، من جهة أخرى بدأت شركة توتال الفرنسية في تشكيل تحالف مكون من شركات عالمية لاستئناف أنشطتها مجددًا شمال موزمبيق.
مما سبق نصبح بصدد تساؤل رئيس حول كيفية استغلال موزمبيق تلك المساعدات لتعزيز جهودها في مكافحة الإرهاب، والإجابة عن هذا التساؤل تكمن في ثلاث خطوات:
- تحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية وانتشال المواطنين من الأوضاع المتردية، التي تعتبر المرتكز الأساسي الذي انطلقت منه الصراعات الداخلية، والتي عززت من انتشار وتمدد التنظيمات الإرهابية، وذلك عبر استغلال الاحتياج الأوروبي لها كمصدر للغاز، حيث يمكن لموزمبيق أن تكثف جهودها لتعزيز هذا القطاع، بحيث تصبح الوجهة الأولى لواردات الغاز بالنسبة لأوروبا.
- استغلال الالتفاف الدولي والإقليمي للضغط على الفصائل السياسية المتمردة القاطنة بالإقليم الشمالي، والرافضة للتفاوض مع الحكومة المركزية في مابوتو، حيث يمكن للشركاء الدوليين الضغط عليهم لفتح حوار وطني، يمكن بمقتضاه دعم التعاون بين كافة الفصائل السياسة لمواجهة التنظيمات الإرهابية، ووقف كافة منابع تمويلها.
- استغلال التنافس الدولي للتقارب مع موزمبيق، بحيث ستتاح الفرصة أمامها لتنويع خياراتها وشركائها بدلًا من الاعتماد على شريك واحد، من ثم ستتمتع موزمبيق بسيولة استثمارية، وتوفير العملات الصعبة اللازمة للإنشاءات الكبرى، واستكمال مشاريع البنى التحتية، لتضع بذلك النواة الأساسية لمواجهة الانقسام المجتمعي عبر آليات اقتصادية رصينة، يتحقق من خلالها مستويات معيشية مرتفعة، وانخفاض في معدلات الفقر، وضمان النزاهة في توزيع الموارد، ومن ثم تنغلق كافة الثغرات أمام التنظيمات الراديكالية لاستغلال المظلومية الاجتماعية للمواطنين.
رابعاـ سيناريوهات الأوضاع الأمنية في موزمبيق
يرتهن استقرار الوضع الأمني في موزمبيق بمرونة الاستجابة للتغيرات وكيفية استغلال التحركات الأوروبية الأخيرة للتقارب مع مابوتو، لذا فإن سيناريوهات الوضع الأمني في موزمبيق تشمل التالي:
- السيناريو الأول: استمرار الأوضاع الأمنية المتردية: يفترض هذا السيناريو بقاء الوضع كما هو عليه، وذلك نتيجة استمرار المشكلات الرئيسة المسببة لحالة عدم الاستقرار، ففي حالة جمود الدولة وعدم استفادتها بشكل كامل من المساعدات الأوروبية والأميركية المقدمة إليها ستشهد البلاد موجات متتالية من الصراع والهجمات الإرهابية، وفي تقرير صادر عن مؤسسة insecurity insight ورد خلاله أن المؤشرات الحالية في موزمبيق تعكس سيناريو استمرار التوترات الأمنية[10]، ومما يعزز هذا السيناريو أيضا المخاطر التي تتعرض لها هيئات الإغاثة، من حيث صعوبة وصول المساعدات الطبية والإنسانية لمناطق الصراع إلى جانب التهديدات المباشرة التي يتلقونها من تنظيم داعش، فكل ما سبق يعرقل مسيرة الدولة للمُضي نحو الاستقرار.
- السيناريو الثاني: تغير هيكلي في الاستراتيجيات الأمنية: حيث يفترض هذا السيناريو إحداث تغير هيكلي في الاستراتيجية الأمنية لموزمبيق، والاستغلال الأمثل للمساعدات الإقليمية والدولية، ويمكن أن تتجلى صور هذا التغير في الاستفادة من وجود القوات الخاصة الرواندية، واسترداد ميناء موسيمبوا دا برايا الذي سيطر عليه داعش على مدار العامين الماضيين. من جهة أخرى يمكن للقوات الأمنية الاستفادة من الدعم الجنوب أفريقي إلى جانب التدريبات العسكرية الأوروبية، والعمل على تغيير تكتيكاتهم القتالية بما يتناسب مع طبيعة التهديدات الأمنية، ومحاولة السيطرة على المناطق ذات الثروات الطبيعية، ويعزز من هذا التوجه الطبيعة الجغرافية للإقليم الشمالي، حيث انتشار الغابات التي تشكل غطاء ممتازاً، يمكن خلاله أن يتمركز القناصون لحصار الجماعات المسلحة، ووردت معلومات تفيد بتخلي مجموعات من داعش عن مواقع تابعة لهم بالإقليم الشمالي. ووفقًا لما يتضمنه هذا السيناريو وبالتوازي مع الإصلاحات الهيكلية في المجالين الاقتصادي والاجتماعي، فإن البلاد تكون قد وضعت نواة تحقيق الاستقرار مستفيدين من الدعم الأوروبي.
مجمل القول: إن موزمبيق أصبحت محط أنظار غالبية الدول الأوروبية، بل وصارت تحظى باهتمام دولي خاص نظرًا لأهميتها الاستراتيجية فيما يتعلق بالإمدادات النفطية، لذا أصبح لزامًا على السلطات الموزمبيقية العمل على استغلال الاهتمام الدولي لتعزيز جهودها في مكافحة التنظيمات الإرهابية، بحيث تتحقق الاستفادة المتبادلة بين الأطراف.
[1]– Oil &gas industry in Mozambiqe, available at: https://cutt.us/6GjFF
[2]– Experts Say Resurgent Islamic State Group Is Expanding in Africa, ADF,9/8/2022, available at: https://cutt.us/ofOFw
[3]– Total suspends $20BN LNG project in Mozambique indefinitely, Aljazeera,26/4/2021, available at: https://cutt.us/zMTbh
[4]– موزمبيق: قانون صارم لمكافحة الإرهاب ومواجهة تمرد جهادي مستمر منذ 2017، مونت كارلو الدولية، 20 مايو (أيار) 2022، متاح على: https://cutt.us/Z2S8t
[5]– “Mozambique is well positioned to receive major investments from the European Union, club of mozambiqe, 17/6/2022, available at: https://cutt.us/AOMHV
[6]– أمن الطاقة: دلالات زيارة الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا إلى موزمبيق، مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، 18 يوليو (تموز) 2022، متاح على: https://cutt.us/EAo84
[7]– أولوية الغاز: دلالات تكثيف الاتحاد الأوروبي تعاونه مع موزمبيق، مركز المستقبل للأبحاث والدراسات،2 سبتمبر (أيلول) 2022، متاح على: https://cutt.us/WKGez
[8]– المرجع السابق.
[9]– Mozambique: Bilateral cooperation agreement inked with Italy, club of Mozambique, 5/7/2022, available at: https://cutt.us/th9jG
[10]– د. إيمان عبدالعظيم سيد، موزمبيق والتحديات الأمنية.. دراسة في سيناريوهات المستقبل، مركز فاروس للاستشارات والدراسات الاستراتيجية، 25 أغسطس (آب) 2021، متاح على: https://cutt.us/XpoMR