مصطفى عاشور إسلام أون لاين – الدوحة
أصدر مركز المسبار للدراسات والبحوث كتابه الدوري السابع والخمسين لشهر سبتمبر بعنوان “التصوف المعاصر: أفغانستان- السودان- العراق- إيران” ليكشف عن مدى التنوع والتجدد داخل الطرق والتيارات والمدارس الصوفية، ويختبر مضمون الكتاب قدرة التصوف على الاستمرار والعطاء في ظل المتغيرات، وما يمكن أن يقدمه لمكافحة “الإرهاب” وما يستطيع أن يبرزه من قيم بدأت تنزوي.
المنهج العملي لدى الصوفية في بداية الكتاب يقدم الباحث شعبان عبد الحافظ في ورقته لمحة عن المنهج العملي لدى الصوفية، حيث يقوم منهجهم العملي – كما يرى – على الصحبة والحاجة لمرشد، والمقصود بالصحبة هنا علاقة المريد بالشيخ وانتظام الأول في طريقة الثاني وتربيته وتعهده، ومن بين تفريعات منهج الصحبة، “حالة التزكية”. ويفرق المتصوفة بين علم التزكية وحال التزكية، حيث يتلقى الأول عبر العلم والتعلم والتعرف بقراءة القرآن والحديث والعلم، أما الثاني فلا يمكن تلقيه إلا بالصحبة والتلقي المباشر. العنصر الثاني ضمن المنهج العملي لدى الصوفية، هو أخذ العهد، حيث يبايع المريد الصوفي مرشده، ويعاهده على السير معه في طريق التخلي عن العيوب والتحلي بالصفات الحسنة، والتحقق بركن الإحسان، والترقي في مقاماته. الصُّوفية في البصرة أما الباحث العراقي علي الحسيني فيتناول في دراسته عن الصوفية في البصرة تاريخ وأسماء وشواهد الطرق الصوفية في البصرة، إذ يرى أن الحديث عن الطرق الصوفية في البصرة يكتسب أهمية خاصة، لأنها رائدة الصياغات الأولى لأشكال التصوف الإسلامي في دلالاته الروحية الشاملة، بالإضافة إلى مساهمتها الضخمة في تأسيس مدارس، تعد اليوم مراجع أصيلة لكل سالكي مسلك الزهد في العالم. وتشير الورقة إلى أن انحسار الطرق الصوفية في البصرة يرجع إلى القرن الثالث عشر الهجري، على الرغم من أن تلك الفترة، كانت فترة ذهبية للطرق الصوفية، حيث كانت الرعاية الكبيرة التي تتلقاها من العثمانيين الذين كانوا يدعمون الطرق بسبل شتى ويشجعون على انتشارها. وهذا ما يضع علامة استفهام كبيرة، حول العوامل الكامنة وراء هذا التراجع السريع للطرق الصوفية في البصرة، ولاحظت الورقة عدم توفر مصادر وكتب خاصة عن تاريخ التصوف بشكله المؤسسي في البصرة بدءًا من القرن الرابع الهجري وإلى الآن. ومن أهم الطرق في البصرة، السهلية (نسبة إلى سهل بن عبدالله التستري) وهي من الطرق البصرية القديمة والمندثرة، ويعود تاريخها إلى القرن التاسع الميلادي، الثالث الهجري. وربما هي الوحيدة من بين الطرق الصوفية القديمة التي كان مولدها البصرة. ومنها انتشرت في العراق وباقي البلاد الإسلامية والطريقة القادرية وهي أهم وأقدم الطرق الصوفية في العراق، والتي تنتسب إلى عبد القادر الجيلاني (471 هـ – 561 هـ). ولها أتباع في غالبية الدول العربية والإسلامية من العراق ومرورا بالشام ومصر وشرق إفريقيا، وهي تعتبر أعمق المدارس الصوفية وأكثرها تنظيما. بالإضافة إلى أنها في الغالب تعد مرجعا لكل المتصوفة المسلمين. أما الطريقة الرفاعية فتنتسب إلى مؤسسها الشيخ أحمد الرفاعي الكبير المتوفى السنة 578هـ في جنوب العراق. أما الطريقة النقشبندية فقد أخذت تسميتها من مؤسسها الشيخ بهاء الدين محمد بن البخاري الشهير بنقشبند المتوفي سنة791هـ في الهند، أما دخولها إلى العراق فقد كان على يد أبرز شيوخها، المعروف باسم خالد البغدادي الذي ولد في محافظة السليمانية عام 1190هـ ومن ثم هاجر منها إلى بغداد في مرحلة صباه، ومنها انتقل بعد ذلك إلى سوريا وهناك مات عام1242هـ.وما زالت مدينة السليمانية تعتبر أهم مركز للطريقة في العراق، قياسا بوجودها المحدود في بقية المحافظات العراقية. وتوصف الطريقة النقشبندية بأنها طريقة الصحابة. لذلك سميت في فترة ما باسم الطريقة الصديقية. وهي ربما الطريقة الوحيدة التي تميزت بذلك. إذ إن غالبية الطرق الصوفية تنتسب إلى أهل البيت سواء في الطريقة أو النسب أو الاثنين معا. كما تعد النقشبندية الطريقة الوحيدة من بين نظيراتها التي اتخذت إحدى المليشيات اسمها في العراق، بعد العام 2003 حمل اسم جيش “رجال الطريقة النقشبندية”. والطريقة الردينية وهي طريقة قائمة بذاتها، خرجت من رحم الرفاعية. وتنسب هذه الطريقة إلى أسرة آل الرديني، وهي من الأسر الصوفية في البصرة، والتي ينتهي نسبها إلى جدهم السيد علي الرديني الذي يتصل نسبه بالإمام زين العابدين بن الحسين بن علي. وهم سادة حسينيون. والطريقة التجانية ويقال إن دخولها للبصرة كان في ثمانينيات القرن الماضي، عبر السودانيين الوافدين إلى المدينة لغرض العمل. وتعد من الطرق قليلة الأتباع والانتشار يقتصر حضورها في قرية البلد إحدى توابع قضاء أبو الخصيب. ويعد “مزاحم جاسم آل طه” – وهو من متصوفة البصرة المعروفين- شيخ الطريقة ومؤسسها. والطريقة الخمروية تنسب إلى مؤسسها الشيخ علي أبو خمرة، وتقول الرواية المتداولة بين بعض متصوفة العراق، إن توطنه في العراق جاء بعد هجرة أسرته من الجزيرة العربية في حدود عام 1233هـ واستوطن في البداية في مناطق تتبع محافظة كركوك شمال العراق. ومنها انتشرت هذه الأسرة في مناطق متفرقة من العراق، خصوصا في بغداد. والطريقة النعيمية، وهي من الطرق المتفرعة عن الطريقة الرفاعية، ولها وجود في بعض المحافظات العراقية خصوصا في أربيل. ولا يعرف متى اكتسبت هذا الاسم لكن المؤكد أن تسميتها جاءت من تسمية الأسرة التي أسستها وهي أسرة السادة النعيمية. والطريقة النوبية وهي طريقة لها تميزها في البصرة، لوجود أعداد كبيرة من ذوي الأصول الإفريقية منذ قرون في المدينة. والطريقة الكسنزانية في البصرة، اسمها الكامل هو الطريقة العلية القادرية الكسنزانية نسبة إلى ثلاث شخصيات بارزة؛ بدءًا بالإمام علي، ومرورا بالشيخ عبد القادر، وانتهاًء بالشيخ عبد الكريم الكسنزان(تـ1899م)، والذي أخذت الطريقة تسميتها منه. ومعنى لفظ كسنزان باللغة الكردية (سلطان الغيب) أو (السر الذي لا يعرفه أحد). الصوفية في إيران ورأى الباحث محمد حسن فلاحية في دراسته عن التصوف في إيران، أن هناك ارتباطا وعلاقة بين التصوف والشيعة في إيران، يصفها المستشرق هنری کوربان (Henry Corbin)، قائلاً: “يبدو أنّ لكل إيراني جينات صوفية في دمه”. من هنا يأخذ التصوف والتشيع بالبعد الإيراني حيزاً كبيراً من الاهتمام لدى الباحثين الذين ينوون دراسة علاقة التصوف بالتشيع. فالتصوف في إيران اقترن في التاريخ بالثورات ومناهضة الحكم، فقد أخذ المد الصوفي في النمو في عهد السلالة التيمورية، واستمر حتى عهد الصفوية التي أسست للحكم الصوفي الشيعي بصورة رسمية لأول مرة في تاريخ إيران السياسي، فقد مر التصوف الشيعي بفترات من الثورات الاجتماعية. وكان للتصوف صفة العرفان والحكمة، رغم اختلاف الاثنين في المنهج والأدوات، فقد ظهر فلاسفة كبار ربطوا بين الفكر والتصرف الصوفي على أساس النهج العرفاني. وعن علاقة التصوف بالتشيع، يشير فلاحية أنه وبعد زوال الحكم الصفوي في إيران ازدهر الفكر الصوفي أثناء حكم القجاريين، الذين حكموا إيران حوالي مائتي عام (1779-1924 م) حيث ظهر العديد من الفرق الصوفية، التي هي أساساً ممزوجة بالمذهب الشيعي. ومن أهم الفرق الصوفية التي نشطت في تلك الفترة: “نعمت اللهي غونابادي، صفي عليشاهي، مونس عليشاهي، منورعليشاهي، كوثر عليشاهي، أويسية وغيرها من الفرق الصوفية التي تعتبر مزيجاً بين الفكر الصوفي القديم والفكر الإسلامي كما أحيا بعض الصوفيين فرقاً كانت مندثرة مثل: ” الـخاكسارية، والذهبية والقادرية “. وظهرت فرق جديدة، عرفت فيما بعد على أنها أديان لكنها في الواقع طوائف صوفية ممزوجة بالمذهب الشيعي من أمثال الـ “البابية و البهائية”. ويرى الدكتور علي شريعتي في كتاب “الإنسان والإسلام”: أنّ الصفويين كوَّنوا “خليطاً كيماوياً واحداً من ثلاثة مخلوطات هي: السلطنة والقومية والتصوف، ركبوها بعضها مع بعض وخلطوها، وأسدلوا عليها ستاراً باسم التشيع”. رغم أن الصفويين ليسوا فرسا، فهم من أصول كردية، اختاروا التركية ومن ثم الفارسية لغة رسمية لحكومتهم، ولم يكونوا في البداية شيعة بل تشيعوا، ولكنهم صوفيون بامتياز. ويضيف فلاحية أنه وعلى الرغم مما أشير إليه من روابط بين التشيع والتصوف، وتوثيقها بمستندات إلا أنَّ هنالك الكثير من المفارقات التي تحتم علينا عدم الربط الكلي بين التصوف والتشيع، ورغم أنّ الأئمة الإثني عشر لدى الشيعة هم الأئمة أنفسهم الذين يحتفي بذكرهم الصوفيون، إلا أن الشيعة هم أكثر الطوائف الإسلامية التي رفضت بشكل قاطع التصوف في كتبها. ويقول فلاحية يشتد الخلاف الشاسع بين التشيع السياسي الحاكم في إيران وبين التصوف الذي لا يؤمن بولاية الفقيه؛ وهذا الاتهام كلف التصوف الكثير من المواجهة مع النظام الشيعي الحاكم في إيران. وقد عارضت معظم تيارات الصوفية مبدأ التشيع الصوفي الإيراني الحاكم، إلا أولئك الصوفيون القلائل الذين ارتأوا الانقياد للتشيع الصوفي الإيراني الحالي، تحت عنوان “العرفان الشيعي”. التصوف الجديد في السودان ويبقى الإشكال هل يستطيع التصوف، بكل ما فيه من زهدٍ، الحضور في الصورة الحديثة للحياة؟ هذا ما تحاول تجربة الشيخ الأمين في السودان الرد عليه، إذ تناولها الباحث وليد الطيب في دراسة عن التصوف الجديد في السودان، تناولت أطوار التصوف السوداني. يقول الطيب إن التصوف العلمي بدأ منذ وقت باكر من تاريخ دخول الإسلام في السودان، وامتد إلى السنوات الأولى من قيام دولة الفونج الإسلامية (1505 – 1821م) ويتميز هذا الطور بطابع علمي إلى جانب طبيعته الصوفية الزهدية؛ إذ لم يعرف السودان، في تلك الفترة، تَشَعُّبَ الزهاد في طرق مستقلة عن بعضهم بعضاً، كما جرى لاحقاً، بل كانت حركة صوفية عامة، يتولى القيادة الروحية والعلمية فيها مجموعة من الدعاة الزهاد، الذين شغلوا أنفسهم بالعبادة، والدعوة إلى الإسلام. وتشير الدراسة إلى أن انتصار التيار الباطني الملاماتي (لوم النفس)، بعد أن اقترب من الحكم، على التيار الصوفي العلمي السنيّ، وهذا التيار هو الذي أخذ زمام التصوف في السودان بعد ذلك، وقد تفرعت الطرق الصوفية السودانية الأساسية عن هذا التيار، وكذلك تحولت بعض هذه الطرق الصوفية إلى قبائل، وتمثل الطرق الصوفية المعاصرة في السودان امتداداً له، وتتفاوت هذه الطرق قرباً وبعداً من المماثلة التامة، مع التيار الصوفي الباطني الملاماتي، وقد تجاوز عدد الطرق الصوفية في السودان الأربعين طريقة. ويعرّف الطيب التصوف الجديد بأنه الطور المعاصر من التصوف السوداني، ولا يمكن تحديد تاريخ معين لظهور هذا التيار، ولكن من المتفق عليه أن بوادره الأولى تبدت في الغناء الصوفي (المديح)؛ حيث أخذت جماعات المديح عند الشيخ الصوفي الصابونابي القادري، ألحان الأغنيات العاطفية، وأنشدت على لحنها شعرها الصوفي في ثمانينات القرن المنصرم، ومن هذه الكوة نفذت بعض محاولات التطوير في الحركة الصوفية. كما سعى إلى التجديد والإصلاح البروفيسور حسن الفاتح قريب الله؛ عقب جلوسه في سجادة الإرشاد في الطريقة الطيبية القريبية السمانية في 1986م، إلى نقد التصوف السوداني نقداً علميًّا، ولم يستثن نقدُه كبارَ القوم وزعماء الطرق المؤسسين، كما في رسالته المقدمة لنيل درجة الماجستير، والتي طُبعت بعد ولايته أمر السجادة القريبية، ولكن لم يكن لهذه المحاولة أثر عملي في الإصلاح، حيث ظلت محاولة فوقية وشبه أكاديمية، ولم تتحول إلى مشروع إصلاحي متكامل..لكن مشيخة البروفيسور حسن الفاتح على طريقة صوفية، نقلت الطريق الصوفي من كونه مسلكاً للعامة، إلى اختيار للطبقة المثقفة، والنخبة المتعلمة، والطبقة الثرية. وبعد ثماني سنوات، من مشيخة حسن الفاتح على الطريقة القريبية، ظهر شيخ شاب في حي عريق في مدينة أم درمان، العاصمة الوطنية التاريخية عند السودانيين؛ ليجترح طريقاً صوفيًّا غير مألوف في تلك المدينة الصوفية، وهو الشيخ الأمين عمر الأمين شيخ الطريقة المكاشفية. ويستهدف التصوف الجديد، ممثلاً في تجربة الشيخ الأمين، الشباب والطبقة الثرية، ويستخدم الشيخ الأمين في الخطاب لغة مزيج بين لغة عرب بادية كردفان الدارجة، ولغة الخرطوم العامية؛ وهو ما يجعله أقرب إلى مزاج السودانيين. ورغم وجود قناة فضائية متخصصة في مديح النبي صلى الله عليه وسلم، وتمجيد التصوف في السودان، قناة “ساهور” وراديو “الكوثر إف إم” إلا أن الشيخ الأمين لا يسعى إلى تقديم دروس ومواعظ عبر التلفزيون..وكعادة متصوفة السودان، ليس للشيخ الأمين نشاط دعوي مباشر خارج زوايا الطريقة، سواء أكان داخل السودان أم خارجه، ونشاط الزاوية عنده، لا يتجاوز أن يكون حلقة للذكر أو درساً..أما عن علاقة التصوف الجديد ممثلاً بتجربة الشيخ الأمين بالسياسية، فقد قال الباحث أنه لم يعهد من الشيخ الأمين الحديث في السياسة والشأن العام. تراجع التدين التقليدي في المغرب في المغرب، يرصد الدكتور عبد الحكيم أبواللوز الباحث في علم الاجتماع الديني بعض مظاهر تراجع مظاهر التصوف وبنيات التدين التقليدي في المغرب كالزوايا والأضرحة بمراكش منذ السبعينيات إلى 2004. وتحاول الورقة تقديم استقصاء ميداني لحالة إحدى أهم بنيات التدين التقليدي في المغرب وهي الزوايا والأضرحة؛ وذلك بغرض اختبار لفرضية يكاد يتفق حولها العديد من الباحثين في علم اجتماع الدين المغاربة والأجانب من دون التصريح بها بشكل واضح، وهي تراجع بنيات التدين التقليدي في المغرب. ويؤكد أبو اللوز أن تراجع الزوايا والأضرحة لا يرتبط ببداية ظهور وانتشار الحركات السلفية، بل يرجع إلى ما قبل ذلك بكثير، فقد أدى التدخل الاستعماري الغربي إلى ردة فعل قوية ضد التقاليد الدينية الكلاسيكية أي الزوايا والأضرحة، مما أدى إلى ازدهار “الإسلام النصوصي السلفي” بحيث اعتبرت الحركة النصوصية أن ما تقوم عليه هذه المؤسسات من طرقية ما هو إلا هرطقة، وهي معركة انتهت ليس إلى انتصار السلفية على مستوى المناقشات العلمية، وإنما أيضا على المناقشات الشعبية. ويضيف أبو اللوز أن التنظيمات السلفية بدأت بعد بدء عملها في السبعينيات وفورتها في الثمانينيات، بضرب المرتكزات الاجتماعية والثقافية والنفسية لهذا التدين، مما كان له كبير الأثر في قدرة الزوايا على ممارسة نفس الفعالية. ففي مدينة مراكش، لم تعد الأنشطة التي تشهدها الزوايا تشكل حدثا داخل المدينة حتى في المولد النبوي. وعلى عكس ما كان معمولاً به في الماضي، فقدت الزوايا والأضرحة دورها في استقبال الزائرين وتوفير المأوى والمأكل والمشرب لهم، وأصبحت زيارتها لا تستغرق سوى دقائق..كما سجل البحث الميداني تراجع الزوايا والأضرحة أيضا على المستوى المحلي، ويلفت نظر الباحث الغياب البارز لفئة الشبان عن احتفالات مهمة إذ تتراوح الفئة العمرية الحاضرة بين 45 و 70 سنة. طالبان والتصوف الطاهر عمارة الأدغم باحث وصحافي، يروي تجربة فريدة نقلها عن رحلته إلى أفغانستان، تدور حول حركة طالبان في أفغانستان وعلاقتها بالتصوف..وشككت الورقة في تقارير إخبارية تحدثت عن أن طالبان أقدمت على تحطيم عدد كبير من الأضرحة بمجرد وصولها إلى السلطة في كابل..لكن يقال إن طالبان قد منعت زيارة الأضرحة للتوسل والاستشفاع في الأعياد، معتبرة ذلك غير جائز، وحذرت من يفعل ذلك بأنه قد يتعرض للحبس أو الضرب، واستثنت يوم الخميس في الفترة بين الظهر والعصر لزيارة المقابر. وأشارت الورقة إلى أن الأمر المؤكد الذي فعلته الحركة، هو التضييق على الطائفة السيخية المنتشرة في بعض مدن أفغانستان، كما أن الحركة حاربت الطائفة الإسماعيلية التي تنتشر في ثلاث ولايات أفغانية شمالية. التصوف والإرهاب وفي ورقة التصوف وإمكانية استخدامه لمكافحة الإرهاب، تناول الباحث عمر البشير الترابي، الطرح الذي يرى الاستعانة بتيار ديني ليُضعف به تيار ديني آخر، معتبرًا أن هذا الطرح هو الذي أوقع الغرب في فخ التعاون مع الإسلاميين، مشيرًا إلى أن التسييس العالي منع نجاح التعاون بين مكافحي الإرهاب والإسلاميين. ويعتبر الترابي أن الصوفية يميلون إيديولوجيًا إلى تقدير القيم الروحية للحياة، ولهم مساهمة كبيرة في تطوير توليفة من الأفكار ضد شكلية الدين، على مرّ العصور. كما أن رفض العنف والتعصب والمادية والعولمة الاقتصادية، فتحت الباب أمام عودة البعد الداخلي والفرداني للإسلام حتى في قلب المجموعات السلفية. وتشير الدراسة إلى أن رمزية التصوف المفرطة، هي ما يكثّف المعاني ويولدها ولا يجعلها في قالب أحادي، و لعلها هي ما يُكسّر الإيديولوجيا التي تُسَلِّك الناس في نمطية محددة، فالطريقة الصوفية بقدر ما تضع إطارًا من المودة الجامعة بين المريدين في المجموعة؛ فهي تولي تجربة الفرد أهمية كُبرى، وتجعل له خصوصية سلوكية كبيرة، ويعوُّل فيها على قدرته على حلّ السر والرمز، بعيدًا عن التعلّق بظاهريات النص، والأسماء التي تتحول، كما يقول مولانا جلال الدين الرومي: “الأذن الحمارية هي أذن الحس التي لا تقدر على إدراك الرموز والاستماع إلى الأسرار”. أما عن الحظوة التي لقيتها الصوفية في العشرية الأولى من القرن الحادي والعشرين؛ فخضعت لتأويلات كثيرة، وسردت الدراسة العمليات التي ضربت عبرها مقراتٍ للصوفية فمنذ العام 2005 وجَّهت القاعدة والمنظمات الإرهابية المتطرفة أكثر من 72 هجومًا ضد مواقع صوفية في باكستان..ورأى الباحث أنه يُمكن للتصوف في باكستان أن يُقلل من الجمود الكبير في التفكير الديني. وعن اتجاه المغرب إلى استخدام التصوف لضرب الإسلام السياسي يقول الترابي إن الدولة في المغرب تقود نزعة التصوف في المجتمع من خلال مؤسسة الزاوية ضمن فلسفة “منظومة النظام السياسي”، أي ضمن القيم والمبادئ التي يقوم عليها ما أصبح يعبر عنه بـ “الإسلام المغربي”. ولا يخفي بعض المسؤولين تخوفهم من أن تتحول عودة الزوايا إلى خطر، “فالانتعاشة الجديدة لهذه الحركات الصوفية وتحولها إلى مخاطب مقبول في الغرب، والترحيب بها هناك، وتوفير الدعم المالي لها؛ قد يخفي وراءه مستقبلاً غير منظور، وتصبح عصية على التحكم فيها، هذا إذا لم نفترض لجوء الغرب غداً إلى توظيفها لأهدافه بالداخل”.