منذ نشوب المظاهرات التي اندلعت مساء الأربعاء السابع والعشرين من ديسمبر (كانون الأول) 2017 في إيران، واتخذت من مدينة مشهد عاصمة محافظة خراسان رضوي في شمال شرقي البلاد، مرتكزاً لها، جرت مقارنات عدة بين تلك الحركة الاحتجاجية الكبرى التي عمت نحو (22) محافظة من أصل (31) محافظة في إيران، واستمرت على نحوٍ نشط لمدة أسبوعين، وحركة الاحتجاجات الكبرى التي جرت في أعقاب الإعلان عن فوز الرئيس محمود أحمدي نجاد بولاية رئاسية ثانية يوم 13يونيو (حزيران) 2009.
وبالرغم من الصعوبة البالغة في المقارنة بين تينك الحركتين، فإنه من الأهمية بمكان سبر أغوار الدوافع والإرهاصات والمسببات التي أدت إلى نشوبهما، فضلاً عن نتائجهما، باعتبارهما حالتين، يمكن من خلالهما استقراء مستقبل الوضع السياسي في إيران.
تتعامل هذه الدراسة مع الحركتين على أنهما انفجار اجتماعي كبير، أو ظاهرة إنسانية مؤثرة في سيرورة الحياة السياسية بإيران، وتنأى بنفسها عن وصفها بـ«الانتفاضة» أو «الثورة» أو «العصيان» وما إلى ذلك من العبارات التي عادة ما تُشفع بالحركتين عند تحليل أصولهما وتحري مجراهما في حيزي السياسة والاجتماع من وسائل الإعلام المناهضة للنظام الإيراني أو التابعة له.
مقارنات ومحددات
يجب الأخذ في الاعتبار عدداً من العوامل والمحددات التي تساعد على فهم الحالتين بعيداً عن الحكم عليهما، وتكشف حجم التباين الكمي والكيفي بينهما، من خلال المقارنة بين المحددات السياسية وانتشار الحركتين جغرافياً.
أولاً: نقطتا انطلاق الحركتين مختلفتان، فالأولى اتخذت من العاصمة السياسية طهران مرتكزاً لها، حيث تكثر الحركات السياسية والطلابية والجماعات النسوية والحقوقية ووسائل الإعلام الدولية التي كانت موجودة بالفعل ـللمفارقةـ لتغطية الانتخابات الرئاسية([2]) بينما انطلقت الثانية من ميدان مغمور في مدينة مشهد عاصمة محافظة خراسان الرضوية، على مقربة من قبر الإمام علي الرضا الإمام الثامن لدى الشيعة الاثني عشرية، حيث لا وجود للأحزاب ولا وسائل الإعلام ولا النشطاء، وغير ذلك من عوامل تسخين المشهد.
ثانياً: إحداهما من داخل النظام والأخرى من خارجه، فقد اندلعت الحركة الأولى من داخل النظام، أي من داخل الجماعات والشخصيات المؤيدة للدستور وولاية الفقيه، وتدين بالولاء للمرشد الأعلى للبلاد علي خامنئي. وقائدا الحركة كانا جزءاً أصيلاً من النظام الجمهوري الإسلامي الحاكم في إيران منذ عام 1979 وهما: مهدي كرّوبي، ومير حسين موسوي، اللذان شغلا عدداً من المناصب رفيعة المستوى بداخل بنية النظام([3]). أما الحركة الثانية في 2017 فاندلعت من المواطنين الناقمين على النظام من الأساس، لذلك طالب بعضهم بعودة أنظمة سابقة أو إسقاط النظام، ورفع شعارات من بينها «الموت لخامنئي».
ثالثاً: دوافع الحركتين وسقفهما السياسي مختلفة جذرياً، فالأولى اندلعت احتجاجاً -فقط- على نتائج الانتخابات الرئاسية، وقال المتظاهرون: إن الانتخابات جرى تزويرها لصالح المرشح المدعوم من المرشد، وهو محمود أحمدي نجاد، بينما استُبعد المرشحان مير حسين موسوي ومهدي كروبي، بالرغم من أن مجلس صيانة الدستور المحكوم كلياً من قبل المرشد أجازهما للعملية السياسية، وكان السقف السياسي لهذه الحركة الاحتجاجية شديد الضحالة، بحيث لم تجر المطالبة إلا بإعادة فرز الأصوات وتنصيب مير حسين موسوي رئيساً يعمل تحت مظلة الولي الفقيه، بينما بدأت الحركة الثانية فجأة لأسباب اقتصادية/ اجتماعية، ثم تصاعدت وتيرة الاحتجاجات ورُفِعَ سقفها السياسي إلى أقصى مدى، بحيث طالب المتظاهرون برحيل النظام كلياً وإسقاط العمل بالدستور.
رابعاً: مكانة السياسة الخارجية في الحركتين متباينة، فالحركة الأولى لم تأتِ على ذكر السياسات الخارجية للنظام الحاكم بالمرة، وركزت فقط على الإصلاحات السياسية الطفيفة من داخل بنية النظام، بينما ركزت الحركة الثانية على السياسة الخارجية للنظام باعتبارها المسبب الرئيس لحالات الفقر والكساد وبوار الأراضي وانكماش رقعة الزراعة، على اعتبار أن إنفاق النظام على العمليات الخارجية، ودعم الجماعات المسلحة والانفصالية في اليمن وسوريا والعراق ولبنان وفلسطين حد من جهود التنمية الداخلية، ويمكن تحري ذلك من خلال شعارات رفعها المتظاهرون مثل «اترك سوريا وفكر فينا» و«لاغزة ولا لبنان روحي فداء إيران»، وغيرهما([4]).
خامساً: تباين النطاق الجغرافي للحركتين، فالأولى اندلعت في طهران وامتدت إلى عدد قليل من المدن الكبرى مثل شيراز وأصفهان وتبريز، ولم تنصرف إلى بقية المحافظات والمدن الأخرى، ولم تتجاوز بضعة آلاف، بينما شملت الحركة الثانية نحو (22) محافظة وعمت نحو (140) مدينة كبرى، وشملت كذلك مدناً نائية بعيدة لم تعتد على الحراك السياسي من ذي قبل، ومن بينها: إيزة وشيديجان وماهداشت، وبلغ عدد المتظاهرين (115) ألف شخص، يمثل (6%) منهم النساء، و(94%) الرجال، خلال مجموع (238) مظاهرة([5]).
سادساً: تباين التمثيل الاجتماعي في الحركتين، فالأولى انطلقت من داخل الطبقات الوسطى وطبقات التكنوقراط والطبقات ما فوق الوسطى، وظهر ذلك من خلال المطالب السياسية المحددة والمكثفة وهيئة وصورة المتظاهرين الذين لم يكونوا سوى طلاب جامعيين ومثقفين وسياسيين وأعضاء في الحركات المجتمعية ومنظمات المجتمع المدني وغيرها، أما الثانية فقادتها طبقات متنوعة من الشعب، واحتلت الطبقات الدنيا نصيباً وافراً من المشهد؛ لذلك بدأت بشعارات مطلبية اقتصادية، ثم تصاعدت عندما انضم إليها طبقات المتعلمين والتكنوقراط، ومن ثم سهل على النظام قمع الحركة الأولى على اعتبار أنها نابعة من «الطبقات الميسورة» بينما كان قمع الحركة الثانية أكثر صعوبة بحكم أن المظاهرات قادها المهمشون والفقراء والريفيون وصغار العمال والحرفيون([6]).
سابعًا: تباين الظهير الشعبي الداعم لكل من الحركتين، فالأمر الأكثر أهمية في تلك الناحية أن الحركة الأولى لم تحظ بتأييد مجتمعي ولا بظهير من عموم المواطنين، ووقتها كان الرئيس محمود أحمدي نجاد يحظى بشعبية لا تخطئها عين، خصوصاً في المناطق غير الحضرية والريفية بسبب سياسة الدعم النقدي التي كانت توجه للمواطنين بموجب المراسيم الجمهورية، أما الحركة الثانية فحظيت بتأييد شعبي واسع النطاق، وظهر ذلك من خلال اتساع الرقعة الجغرافية في أماكن لم يسبق لها الحراك السياسي، كما ظهر من خلال التقارير المنسوبة لوزارة الداخلية التي قدرت أن نحو (60) مليون نسمة من أصل (82) مليون نسمة تعاطفوا مع المتظاهرين بالرغم من عدم مشاركتهم في المظاهرات([7]).
ثامنًا: حضور مكثف للمرأة في الحركتين، ذلك أنه يمكن القول: إن وجود المرأة كأحد العوامل الرئيسة هو من الأمور النادرة التي تلتقي فيها الحركتان، ففي الحركة الخضراء التي قامت عليها احتجاجات 2009 تزعمت كثير من النساء المظاهرات والمسيرات المطالبة بإعادة فرز الأصوات في بعض اللجان الانتخابية، لا سيما طالبات الجامعات والفتيات والسيدات المنضويات في الحملتين الانتخابيتين لمير حسين موسوي ومهدي كروبي([8]). في الحركة الثانية في 2017 قادت المرأة المظاهرات كذلك في الجامعات والمدن الرئيسة، والمفارقة في تلك الحالة أن دور النساء الإيرانيات في الاحتجاجات تجاوز المشاركة في التظاهرات الميدانية إلى التظاهرات الإلكترونية من خلال مواقع التواصل الاجتماعي([9]). واعتبرت المرأة أيقونة([10]) في الحركتين، وانتشرت صورة الفتاة المعبرة عن رفضها للنظام من خلال خلعها الحجاب كعلامة على ذلك([11]).
تاسعًا: قيادة الحركتين متباينة، ففي الحركة الأولى ظهر المرشحان الرئاسيان مير حسين موسوي، ومهدي كرّوبي، محركين وقائدين لحركة الاحتجاجات، ونالا عن ذلك عقاب النظام بأن تم تحديد إقامتيهما منذ ذلك الحين وحتى وقت كتابة هذه السطور (أغسطس/ آب 2018)، ولم يوجه النظام أية تهم لهما، طيلة تلك المدة([12]). لكن الصحافة الرسمية الناطقة باسم النظام قالت: إنهما يخلان بالأمن العام ويسعيان لإسقاط نظام الحكم، في حين لم تظهر قيادة ميدانية موحدة في حركة 2017 باستثناء بعض قادة الحركات الطلابية في الجامعات المركزية، ومنها جامعة طهران وبعض الناشطات السياسيات في العاصمة وعدد من المدن الحضرية الكبرى.
عاشراً: تباين تمثيل الشعوب غير الفارسية، فقد انحصرت مظاهرات 2009 في أربع مدن فقط هي: طهران، وأصفهان، وتبريز، وشيراز، وهي مدن معروفة بأغلبيتها الفارسية الكاسحة، أما في احتجاجات 2017 فقد شاركت تقريباً كل الشعوب غير الفارسية، ويتضح ذلك من خلال التوزيع الجغرافي للمدن المشاركة في الاحتجاجات، وعلى رأسها كرمنشاه، وسنندج (معقل القومية الكردية)، وأذربيجان (معقل القومية الأذرية- التركية) فضلاً عن شهركورد، وبندر عباس، وإيذج، وأراك، وزنجان، وأبهر، ودرود، وخرم آباد، والأحواز، وكرج، وتنكابن، وهي مدن تقع في نطاق الشعوب غير الفارسية، فضلاً عن زاهدان عاصمة محافظة سيستان بلوشستان معقل القومية البلوشية السنية، وفي غلستان وتركمن صحراء معقل القومية التركمانية([13]).
إرهاصات اندلاع الحركتين
تشابهت أجواء البيئة السياسية الداخلية في إيران عشية اندلاع الحركتين الاحتجاجيتين الكبيرتين، من حيث ثبات وتيرة الأزمة بين الحكومة والشعب وانغلاق الأفق السياسي، ففي الأولى بدا الشعب ناقماً على النظام في ضوء ممارسات مجلس صيانة الدستور، الذي لا يقر أهلية المرشحين إلى الانتخابات إلا في نطاق ضيق، إلى جانب التضييق على الحريات وإغلاق الصحف وحبس المعارضين، فضلاً عن ما استجد في 2017 من سياسات البلاد المصرفية والمالية المتضاربة، والتي أدت إلى إفلاس عدد من البنوك، وهو ما كان أحد أسباب خروج الاحتجاجات.
كشفت بوادر احتجاجات 2017 عن خمس أزمات:
أزمة الهوية: وتعني أن المواطن في إيران لا يتمتع بالفردانية والاستقلالية، كما أن القوميّات الأخرى لم تُعطَ مجالًا للظهور، بل جرى قمعها.
أزمة بناء الدولة: أيّ إن الدولة في أذهان الإيرانيين تحمل تعريفًا يشبه تعريف القبيلة والدين، ولكن التعريف الحقيقي للدولة بمعنى حاكمية الإنسان لم يتشكّل في إيران حتى الآن.
أزمة بناء الحكومة: تتلخص هذه الأزمة في أنّ الحكومة لم تتمكن من إدارة الشعب بطموحاته، أي إنّ الدولة كان من المفترض أن تهتم بأفراد المجتمع كافّة، ولا تتدخل في حياتهم، وأن لا تعمل على إضعافهم يومًا بعد الآخر.
أزمة المشاركة: وهي أزمة نتجت عن كون الدولة هي المالكة للمواطنين وليس العكس، وهنا يمكن الاعتقاد على نطاق أوسع أن الأوضاع الحالية هي نتيجة للقرارات التي اتّخذها المجتمع بنفسه.
أزمة الرفاهية: وهذا الموضوع يشتمل على صناعة الثروة وتوزيعها([14]).
في الفترة التي سبقت نشوب الحركتين الاحتجاجيتين شتاء وربيع 2009 وصيف وخريف 2017 كانت الحركات السياسية الإيرانية تعمل بطاقتها القصوى. وفي الحركة الأولى نشطت حركة الإصلاح الإيرانية([15]) على نحو لافت للنظر، وظهر ذلك من خلال تنظيم الفعاليات بشكل شبه يومي في الجامعات والمحافل الأخرى، كما ظهر ذلك من خلال التأييد المطلق من جانب قادة الحركة لخط مير حسين موسوي ومهدي كرّوبي، ويمكن القول: إن موقف الرئيس الأسبق هاشمي رفسنجاني من تلك الحركة مثل أولى نقاط الاختلاف مع المرشد الأعلى علي خامنئي([16]).
عليه، فإن احتجاجات 2017 هي بمثابة امتداد اجتماعي إضافي -لكنه مغاير- لاحتجاجات 1999 و2002 و2004 و2009، وبدا ذلك واضحاً من خلال القوى التي كانت مستعدة لخوض الاحتجاجات التي شارك فيها عدد من الجماعات، وهي جيل الشباب الجديد، الذين كانوا يتجمعون في المتنزهات قبل ثلاث سنوات، بعد نهاية الامتحانات، ودون أي دافع سياسي، وهدفهم فقط كان التجمّع، وبالطبع لم يولهم أحد أي اهتمام آنذاك. أما الجماعات الأخرى التي كان لها دور في الاحتجاجات فهي فئات المحرومين والمهمّشين والعاطلين عن العمل، لذلك شوهد كثير من العنف بين صفوف العاطلين، وكانوا غاضبين من كلّ شيء، خصوصًا من الرموز، كالعلم الإيراني وقاسم سليماني ورموز المؤسسة الدينية.
وبالنسبة للقوى السياسية التقليدية، فقد شاركت بمحدودية في الاحتجاجات، وهي القوى الراديكالية التي تخلت بعد 2009 عن اليساريين واليمينيين، وللصدفة لم تكن تميل إلى العنف الذي كان الكلمة الأولى للمحرومين، فبعض المحتجين لم يكن لديه شيء يخسره، بل ليس لديه أمل بالحصول على أي شيء، خصوصًا بعد الأجواء التي سادت عقب وصول حكومة روحاني الثانية إلى السلطة، وقوّت الشعور باليأس لدى الناس، فالحكومة تحصل على الضرائب نقدًا، لكنها تقدّم الوعود في المقابل بإيجاد فرص العمل، كما أنها اتبعت سياسات اقتصادية يمكن لأي طالب مستجدّ في تخصص الاقتصاد أن يكتشف فشلها([17]). وعشية اندلاع احتجاجات 2017 كانت البيئة الداخلية الإيرانية مهيأة تماماً لحدوث انفجار اجتماعي، ويمكن إرجاع ذلك إلى عاملين رئيسين:
الأول: عامل المناخ:
أدت الأزمات المناخية إلى بوار الأراضي الزراعية بسبب انتشار ظاهرة التصحر، وبالتالي أحدث نضوب المياه في أجزاء من الريف الإيراني، معطوفاً على موجة جفاف للعام الرابع عشر على التوالي، موجات نزوح من الريف إلى مدن إيرانية مجاورة، وتكدس العاطلين عن العمل، واستنزاف البنية التحتية المتواضعة، وانتشار الأمراض، وهي كلها عوامل أفرزت في النتيجة حالة من الطلاق بين المعوزين وبين سلطة سياسية عاجزة عن تقديم معالجات عملية، لا سيما في ذروة التعبئة الأيديولوجية الفارغة للمجتمع نتيجة حروب إيران في المنطقة وسياساتها التوسعية. لذلك يمكن تفسير ما حدث في ديسمبر (كانون الأول) 2017 بإطار كونه حصيلة تحالف متغيرين اثنين: متغير ريفي لأسباب مناخية، بكل نتائجه الاقتصادية وبالتالي المجتمعية، وتنامي أحزمة البؤس في الريف الإيراني، ومتغير مدني لأسباب جيلية، كان بدأ التعبير عن اعتراضاته منذ عام 2009، أي قبل بدايات الربيع العربي. وفي إزاء هذين المتغيرين لا تبدو مؤسسات الدولة الإيرانية، أو مؤسسات الثورة إذا صح التعبير، قادرة على تخيل حلول عملية لاستيعابهما، ومنع تلاقيهما، عند نقطة تفجير قاتلة للنظام([18]).
الثاني: العامل المالي:
أنذر إفلاس المصارف في منتصف عام 2017 بنشوب تلك الاحتجاجات، خصوصاً بعد افلاس المؤسستين الماليتين الإيرانيتين الكبيرتين «كاسبين» و«آرمان» وأثارتا قبل أشهر، ضجة كبيرة داخل البلاد بعد عجزهما عن إرجاع أموال المستثمرين، وهو ما جعل المودعين ينظمون مظاهرات للمطالبة بأموالهم، حيث تجمع العشرات من المطالبين باسترجاع أموالهم أمام مؤسسة «ثامن» المالية في العاصمة طهران، على خلفية إفلاس المؤسسة المنتشرة في جميع المدن الإيرانية، ونشرت وكالات إيرانية صوراً ومقاطع فيديو لتجمعات احتجاجية لعشرات من المتضررين أمام أبواب المؤسسة في جميع المحافظات مطالبين باسترجاع أموالهم قبل إعلان الإفلاس الرسمي([19]).
واتضحت معالم الأزمة بعد تصريحات حكومية رسمية أقرت بإفلاس المصارف، ومن ذلك ما قاله وزير الصناعة والمعادن والتجارة الإيراني، حول أن أزمة إفلاس البنوك «حادة ومستعصية وأن البنوك الإيرانية أصيبت بشلل تام». ونقلت وكالة الأنباء الطلابية «إيسنا»، الذراع الإعلامية شبه الرسمية لمؤسسة الباسيج في إيران تصريحاً لوزير الصناعة والمعادن والتجارة: محمد زادة، حول الوضع الصعب الذي تعيشه البنوك الإيرانية، قال فيه: «لا بد لنا أن نعترف اليوم أمام الجميع أن البنوك في البلاد أصابها الشلل التام، وهي غير قادرة على دفع الودائع والربح والمستحقات البنكية المشروعة للمواطنين»([20]).
يمكن قراءة تلك التصريحات كحلقات في مصفوفة الإقرار الحكومي بالعجز عن مواجهة هذه الأزمة المالية، وأقر النائب الأول للرئيس حسن روحاني: إسحق جهانغيري، بتلك الصعوبات المالية الشديدة التي تواجه «بنك قوامين» التابع للشرطة الإيرانية، واعتبر أن «بنك شهر» المملوك لبلدية طهران يعاني أيضاً من عجز مالي. كما أن النائب السابق علي رضا زاكاني، نوه إلى أن غالبية المصارف الإيرانية تعاني من ظاهرة الإفلاس، وأن الحكومة تتستّر على ذلك وتحاول معالجة الأمر بطريقتها الخاصة. وكتب الصحفي علي باكزاد، في افتتاحية صحيفة «عصر اقتصاد» يوم الثلاثاء 20 مايو (أيار) 2017 أن الحكومة السابقة عالجت مسألة السيولة النقدية من خلال «طبع أوراق مالية من دون غطاء مالي». واعتبر أن الوضع الاقتصادي في أزمة، منبهاً إلى أن «الامتناع عن معالجة ظاهرة إفلاس مؤسسات مالية، سينسحب على النظام المصرفي الإيراني برمته»([21]).
المتحدث باسم الحكومة الإيرانية: محمد باقر نوبخت، أعلن في نوفمبر (تشرين الثاني) 2017، أن «الفوائد التي تمنحها البنوك الإيرانية أعلى من معدل التضخم الحاصل في البلاد»، مشيراً إلى أن الحكومة بصدد إلزام البنك المركزي بخفض أسعار الفوائد، محملاً الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد، المسؤولية عن ذلك؛ إذ اعتمد في يناير (كانون الثاني) 2011، خلال الولاية الثانية من حكومته على رفع نسبة الفائدة المصرفية من (14%) إلى (22%)، وهو ما جعل عددا من الخبراء الإيرانيين في مجال الاقتصاد يعتقدون أن الحكومة الإيرانية تتكتم على إفلاس (12) بنكاً بسبب ارتفاع الفوائد التي تمنحها للمواطنين، لأن «زيادة الأرباح والفوائد المصرفية تمت في عهد الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد وهي خطوة اقتصادية فاشلة، ولأن البنوك والمؤسسات المالية كانت تمنح فوائد بنسبة (10%) لكن أحمدي نجاد ضاعف نسبة الفوائد لتصل إلى (22%) الأمر الذي أدى إلى إعلان تلك البنوك إفلاسها»([22]).
على هذا النحو تسببت أزمة إفلاس المصارف في تهيئة البيئة الداخلية الإيرانية لحدوث الانفجار الاجتماعي الذي بدأ في ديسمبر (كانون الأول) 2017، خصوصاً أن أغلب المودعين الخاسرين تركزوا في مدينة مشهد التي انفجرت منها الحركة الاحتجاجية.
العامل الجغرافي والعرقي في الحركتين
يلعب العامل الجغرافي والعرقي دوراً كبيراً في الحياة السياسية الإيرانية، وبات من المتعارف عليه ومن المسلمات الأساسية لدى دارسي التاريخ والعلوم السياسية في دول الشرق الأوسط، أهمية التركيز على الأدوار الإثنولوجية في الحراكات المجتمعية والسياسية الكبيرة، خصوصاً أن أغلب دول الإقليم تتصف بتعدد العرقيات والأجناس والديانات، على نحو يساعد في معرفة أسباب ودوافع الحركات الاحتجاجية في كل دولة من الدول.
ولا تعد إيران استثناء من تلك القاعدة بل تتخذ موضعها كمثال تتم دراسته في القلب من تلك الحالة الشرق أوسطية نظراً لاتساع جغرافيتها وتنوعها بين السهول والهضاب والجبال والصحارى والوديان، ونظراً للتعدد الكبير في الأعراق والقوميات، خصوصاً تلك التي ضمتها الأسرة البهلوية بالقوة المسلحة اعتباراً من عام 1925.
اندلعت شرارة تظاهرات ديسمبر (كانون الأول) 2017 المناهضة للنظام في المحافظات الطرفية للبلاد، التي كانت بدورها مسرحاً لغالبية حالات الوفاة المعلنة، ولا يزال زخم التظاهرات على أشده في المحافظات الحدودية وليس في طهران، لا سيما في الشمال الغربي والجنوب الغربي من البلاد. ويشير اندلاع التظاهرات الواسعة الانتشار في أماكن مختلفة من البلاد -بما فيها المناطق الريفية وخارج المدن الكبرى- إلى أن هذا الحراك يضع النظام أمام تحديات أكبر بكثير من تلك التي طرحتها احتجاجات «الحركة الخضراء» عام 2009، والتي تركّزت في طهران وتمتعت بقيادة واضحة يمكن كبتها وإخضاعها مباشرة([23]).
في 2009 تركزت الاحتجاجات حصراً على مدن الوسط ذات الأغلبية الفارسية في طهران وأصفهان وتبريز وشيراز، إلا أن احتجاجات 2017 اشتملت على العنصر العرقي الذي كان غائباً خلال احتجاجات عام 2009، وهو ما من شأنه أن يسبب مشاكل إضافية للنظام، وعلى الرغم من أن هذا العامل ليس سوى أحد المظالم العديدة التي أججت حماسة المتظاهرين، فإن حدة الاحتجاجات في المحافظات الحدودية تشير إلى أن ما يجري قد يطلق شرارة اضطرابات عرقية خطيرة، وتؤدي مظالم الأقليات إلى تفاقم المظالم الاقتصادية التي هي أكثر حدة في المحافظات من تلك التي في العمق الفارسي، بمعنى آخر فقد تعاملت الشعوب غير الفارسية مع الاحتجاجات في 2009 كونها صراعاً داخلياً بين الفرس من جهة وبين نخب النظام الحاكم من جهة أخرى، ولذلك سهل للغاية على نظام الأمن في إيران قمع تلك الاحتجاجات وإلقاء القبض أو تصفية أو احتجاز أو فرض الإقامة الجبرية على قادتها([24]).
يشير انضمام العرب والبلوش والتركمان والأذريين والأكراد إلى تلك الحالة على نحو واضح، وظهر من خلال مقاطع فيديو تناقلتها وسائل التواصل الاجتماعي في ديسمبر (كانون الأول) 2017 ويناير (كانون الثاني) 2018 خلال العديد من التظاهرات، أن المشاركين يستخدمون لغات الأقليات على غرار اللغة الكردية والأذربيجانية، ورددوا الشعارات المناهضة للنظام باللغات المحلية غير الفارسية مثل العربية والكردية والتركية وغيرها.
يشتهر متظاهرو الشعوب غير الفارسية بالبأس والصلابة في مواجهة السلطات تاريخيا، ذلك أنه عندما اشترك الأذريون -على سبيل المثال- في احتجاجات 2017 اشتبك متظاهرو أذربيجان الأتراك في مدينة تبريز شمال إيران مع وحدة عسكرية، في أول يوم من التحاقهم بالاحتجاجات، ونشر النشطاء الإيرانيون مقاطع مصورة توثق ذلك الاشتباك، حيث رشق المتظاهرون الجنود الذين جاؤوا لسد الطريق أمام تقدم المحتجين، وكان أحد المتظاهرين يقول بصوت عال: «نهاية الثورة»، لافتًا إلى الثورة التي جاءت بحكم الخميني إلى السلطة عام 1979، واستمرت بعد وفاته بقيادة المرشد علي خامنئي، وقتها عد عدد من المحللين مشاركة الأتراك الأذربيجانيين بمثابة العد التنازلي لسقوط النظام في إيران، لا سيما وأنها القومية الأكبر بعد الفرس في إيران، كما كانت مشاركتهم في ثورة 1979 عاملًا مميزًا، أدى إلى سقوط الشاه بسبب عددهم الكبير، وتوزُّعهم على أكثر من أربع محافظات مهمة ومنها العاصمة طهران([25]).
تكمن أهمية الأذريين في أنهم يمثلون عصب الدولة الإيرانية، حيث يسيطرون على مفاصل الإدارة وأعلى المناصب في مختلف القطاعات ومن بينها الجيش، لذلك يحسب النظام الإيراني حساباً كبيراً للقومية الأذرية على عكس القوميات غير الفارسية الأخرى، وللدلالة على ذلك فإنه من الجدير بالملاحظة أن مرشد إيران الحالي، والرئيس الإيراني الأسبق: علي خامنئي، فضلاً عن المعارض البارز ورئيس وزراء إيران الأسبق ووزير الخارجية الأسبق: مير حسين موسوي، هما من أصول أذرية. وفي 2009، حين خرجت احتجاجات تحولت لانتفاضة واسعة خطيرة ضد النظام الإيراني كان موقف الأذريين عاملاً كبيراً في إخمادها، فقد اعتبروا ما يحدث صراعاً سياسياً لا يعنيهم، لكن الجديد في الاحتجاجات الأخيرة، هو خروج مظاهرات من مدن أذرية مثل أرومية وتبريز، مطالبة بإسقاط النظام([26]).
أما القومية الثانية من حيث التأثير فهم الأكراد الذين يتركز معظمهم في شمال شرقي إيران، وبسبب عددهم الكبير وقربهم الجغرافي من أكراد العراق وتركيا، فإن مظاهراتهم جعلت من الجهة الشرقية لإيران جداراً إيرانياً آيلاً للسقوط إنْ تمكنت الثورة الحالية من الاستمرار، وإيقاظ الحلم الكردي باستقلال إقليمهم وتأسيس دولة عجزوا عن تحقيقها في العراق وتركيا. نال بقية الأقليات كالبلوش والعرب الأحواز نصيبهم كذلك من التهميش والتحقير والتضييق عليهم في هويتهم العرقية والدينية، والعرب الأحواز على الرغم من أن نحو نصفهم من الشيعة، فإن هويتهم العربية كانت سبباً في التضييق عليهم، ومعالجة أي تحرك للمطالبة بحقوقهم بقمع يصل إلى الإعدام شنقاً، وكما كانت تلك الدوافع كافية لتحرك تلك القوميات والشعوب غير الفارسية لممارسة الحراك السياسي الإنساني والانضمام إلى احتجاجات 2017 بالرغم من أنهم لم يفعلوا ذلك في 2009 ([27]).
على هذا النحو فإن انحصار موجة الاحتجاجات في 2009 في القومية الفارسية، وتعدد القوميات والعرقيات في موجات الاحتجاجات في 2017 و2018، هو أحد الفوارق الجوهرية بين الحركتين الاحتجاجيتين، ذلك أن حركة 2009 كانت تتصدرها مجموعة عرقية واحدة، وبالتالي تعامل معها النظام الإيراني باعتبارها حركة انفصالية أو مؤامرة خارجية من تدبير أجهزة استخبارات غربية وإقليمية، لتظل استراتيجية نظام ولاية الفقيه في التعاطي مع التركيبة العرقية في بلاده لغماً أمام أي حراك احتجاجي، وبالتالي أداة بيد النظام لزرع الفتن بين القوميات والعرقيات في إيران، إلا أن تفاقم المشاكل الاقتصادية والسياسية، نتيجة سياسات إيران الداخلية والخارجية، وحّد العرقيات المختلفة حول الملف الاقتصادي وملفات الفساد والقمع الممنهج، مما أفشل محاولات النظام في 2017 لتحوير المسار الاحتجاجي، وإظهاره على أنه حركة انفصالية أو صراع طائفي لتمرير أجندة خارجية، وكان لانطلاق التظاهرات في مشهد والشعارات التي رفعها المحتجون بعد فاق الأبعاد السياسية للحراك المحصور بجغرافية الأقاليم، فاندلعت الشرارة في مدينة مشهد الفارسية، لتتوسع رقعة الاحتجاجات وتنفجر في كردستان غرباً، وبلوشستان شرقاً وتصل إلى إقليم الأحواز جنوباً وأذربيجان شمالاً. وقد كان التظاهر لافتاً في كرمانشاه وسنندج في كردستان، وطهران وتبريز وأردبيل وكرج وعبّادان والأحواز ورشت على الرغم من الإجراءات الأمنية المشددة، وكذلك في تشابهار وبندر عباس ودهشت وياسوج وشاهين شهر وتاكستان وزنجان وإيذج. وبحسب المراقبين، فإن ما تشهده إيران منذ ديسمبر (كانون الأول) 2017 مختلف بشكل تام عن التظاهرات الاحتجاجية التي شهدتها خلال الأعوام الماضية وتحديدا تلك التي جرت في 2009 ([28]).
تعاطي النظام مع الحركتين
فور نشوب الحركتين الاحتجاجيتين تعامل النظام –تقريباً- تعاملاً متطابقاً، ففي الحالة الأولى أصدر قراره بحظر وسائل التواصل الاجتماعي، التي ما تزال مغلقة حتى الآن بالرغم من أن كل قادة النظام يستخدمون حسابات لإطلاق تصريحاتهم بلغات العالم المختلفة عبر تلك المنصات([29]). وفي الحالة الثانية تصرف على نحو مماثل من خلال إغلاق كل مواقع التواصل الاجتماعي ومن بينها إنستجرام وتليجرام والأخير يعد الوسيلة الأكثر شعبية بين الإيرانيين ويستخدمه نحو (40) مليون نسمة هم تقريبا نصف عدد السكان في الجمهورية([30]).
والمفيد ذكره في هذه الحالة أن النظام اعتمد في الحركتين الاحتجاجيتين سياسة إغلاق مواقع التواصل الاجتماعي، معتبرا أن المتظاهرين يستغلونها لنشر مقاطع الفيديو التي توثق اعتداءات الأمن على المتظاهرين، وظهر ذلك بوضوح في حركة 2009، وفي حركة 2017 لجأ إلى تلك السياسة بعد أن تداولت بعض الصفحات على تليجرام أماكن التظاهرات وأخبارها، بالإضافة إلى بث مقاطع مصورة للمتظاهرين مثل قناة «آمد نيوز» التي يديرها الصحفي الإيراني المنفي «روح الله زام». وقد أعلن وزير الاتصالات الإيراني «محمد جواد آذري جهرمي» في 3 يناير (كانون الثاني) 2018، أنه تواصل مع رئيس تليجرام بالبريد الإلكتروني وأخبره بأن عودة التطبيق مرهونة بحذف المحتوى الذي يحرض على العنف والأعمال الإرهابية. كما قامت إيران بتخفيض سرعة الإنترنت، وهو الإجراء الذي اتبعته في احتجاجات 2009 أيضًا.
إن النظام الإيراني تعامل في الحالتين 2009 و2017 بوتيرة ثابتة، واتخذ إجراءات عدة لإنهاء الاحتجاجات المتزايدة، منها: الاعتقال، والتصعيد العنيف ضد المتظاهرين، والتهديد بقمع المظاهرات، والاستعانة بالميليشيات المُسلحة. وفي 2009 لم يقدم تنازلات سياسة تذكر، لكنه في 2017 قدم تنازلات كلامية منها إعادة النظر في الموازنة التي قدمها الرئيس روحاني إلى البرلمان في ديسمبر (كانون الأول) والتي كانت أحد أسباب الاحتجاجات وتقديم بعض الوعود بتحسين الأوضاع الاقتصادية.
وتمثلت أهم سياسات النظام الإيراني في مواجهة الاحتجاجات في الآليات الست التالية:
1- الاتهامات بالعمالة: اتهم المرشد الأعلى علي خامنئي المتظاهرين بأنهم «عملاء ومخربون» وذلك في 2 يناير (كانون الثاني) 2018، ويمثل هذا التصريح ذروة النهج القمعي للنظام؛ لأنه لا يُعد تصريحًا سياسيًّا فحسب؛ بل يعد بمثابة أمر إلى الأجهزة القضائية والأمنية باتخاذ التدابير الفورية لإنهاء ما وصفه بـ«المؤامرة».
2- تهديد المتظاهرين: هدد الحرس الثوري الإيراني المتظاهرين المناهضين للنظام بالرد بقبضة من حديد إذا استمرت الاحتجاجات السياسية؛ حيث صرح الجنرال إسماعيل كوساري (نائب قائد الأمن بالحرس الثوري في طهران) «بأن الوضع في العاصمة تحت السيطرة، وحذر المتظاهرين من أنهم سيواجهون القبضة الحديدية للأمة إذا استمرت الاضطرابات». كما وصف وزير الداخلية الإيراني عبدالرضا رحماني فضلي المتظاهرين بـ«المرتزقة والمخربين، وهددهم بالملاحقة الأمنية»؛ إذ صرح في 31 ديسمبر (كانون الأول) 2017 بقوله: «الذين يخربون الأملاك العامة، ويثيرون الفوضى ويتصرفون بشكل مخالف للقانون سيحاسبون على أفعالهم ويدفعون الثمن. سنتصدى للعنف وللذين يثيرون الخوف والرعب». وهو الاتجاه نفسه الذي ذهبت إليه تصريحات رئيس السلطة القضائية صادق لاريجاني في مطلع يناير (كانون الثاني) 2018، حيث صرح بأن إيران «لن تسمح لمثيري الشغب بالعبث بالأمن الداخلي، وينبغي التصدي لهم بحزم»، وطلب من القوات الأمنية وضباط القضاء التعامل مع المحتجين. وتُعد هذه التصريحات بمثابة تفويض قانوني بقمع المظاهرات، وهو ما أكده المدعي العام الإيراني محمد جعفري من خلال حثّ المواطنين على تقديم المعلومات عن مثيري الشغب للأجهزة الأمنية، مصرحًا بأن الجهاز القضائي سيتصدى بحزم لهم.
3- المواجهة العنيفة: في ضوء هذه التوجيهات من رأس الدولة، ورئيس السلطة القضائية، والمدعي العام للبلاد، كان لدى الأجهزة الأمنية مسوغات عديدة لاستخدام القمع المفرط للقضاء على كل مظاهرة تنشب في إيران؛ حيث استخدمت قوات الأمن قنابل الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه والهراوات لتفريق المتظاهرين، خصوصاً في مدينة تبريز وكرمنشاه ومشهد وقم وأصفهان. ومع استمرار وجود المتظاهرين في الميادين تم استخدام الرصاص الحي الذي أدى إلى مقتل ما يقدر بحوالي (22) إيرانيًّا حسب المصادر الرسمية، بيد أن المعارضة الإيرانية تؤكد أن عدد القتلى أعلى بكثير. وقد تدخل الحرس الثوري الإيراني في هذه التظاهرات، حيث قام بمهاجمة مظاهرة ليلية في 30 ديسمبر (كانون الأول) 2017 في مدينة «درود» الواقعة بمحافظة لورستان بوسط إيران، مما أدى إلى مقتل (4) متظاهرين. وعلى الرغم من ادعاء النظام الإيراني بأن بعض «مثيري الشغب» قد تسللوا بين المتظاهرين، وقاموا بإثارة الشغب وإطلاق النار؛ فإن بعض المقاطع المصورة التي تم تصويرها بواسطة المتظاهرين تؤكد ضلوع النظام في عمليات العنف.
4- الأعمال التخريبية: أظهرت مقاطع مصورة نشرها المتظاهرون على موقع التواصل الاجتماعي تويتر قيام قوات الأمن بتخريب الممتلكات العامة، ونهب المحال التجارية، وتحطيم زجاج السيارات حتى يكون ذلك مبررًا لاتهام السلطاتِ المتظاهرين بأنهم مخربون وليسوا سلميين، بهدف تشويه المتظاهرين والمحتجين ضمن الحرب الإعلامية التي يخوضها النظام الإيراني لتبرير اتباع العنف والقوة المفرطة في مواجهتهم.
5- تطويق المتظاهرين: حاولت قوات الأمن تطويق المتظاهرين لفضها، خصوصاً احتجاجات الطلاب الجامعيين، حيث حاصرت قوات الأمن الداخلي الإيراني وقوات الحرس الثوري وميليشيات التعبئة الشعبية العامة «الباسيج»، طلاب جامعة طهران المنتفضين الذين هتفوا داخل الحرم الجامعي بشعارات مثل «ارحل يا خامنئي» و«الموت للديكتاتور» و«لعبة الإصلاحيين والأصوليين انتهت»، وبعد تطويق التظاهرات تم إطلاق الرصاص الحي على الطلاب، بحسب مقطع فيديو منتشر على مواقع التواصل الاجتماعي نشر في 30 ديسمبر (كانون الأول) 2017.
6- الاستقواء بالميليشيات: يشير بعض المحللين إلى أن إيران قد تستعين بالميليشيات الخارجية التي دربتها في دول أخرى في حال تفاقم الأوضاع، وهو ما يتضح من خلال تصريح وزير النقل العراقي السابق باقر صولاغ، في 2 يناير (كانون الثاني) 2018، «بأن التظاهرات في إيران جاءت بدعم من الاستكبار العالمي، وهذه التظاهرات ستفشل بقوة الحديد، وقوات الحشد الشعبي سيكون لها دور كبير في قمع هذه التظاهرات التي تريد إسقاط ولاية الفقيه، روحنا لها الفداء». إغلاق القنوات الإعلامية الصادرة من إيران، مما جعل من الصعب تقييم ما يجري فعلياً. ومع ذلك، يُعتبر تاريخ الجمهورية الإسلامية إطاراً مفيداً لفهم الاحتجاجات.
تاريخياً، تتمثل قواعد اللعبة الاعتيادية التي يمارسها النظام للتعامل مع المعارضة العرقية، في المحافظات في تحميل الأجانب مسؤولية بروزها في الوقت الذي يسعى فيه إلى تحريض المجموعات المحلية ضدّ بعضها البعض. وقد سبق أن ألقى خامنئي اللوم على الأعداء الخارجيين في اندلاع احتجاجات ديسمبر (كانون الأول) 2017 غير أنه في الحقيقة، يبدو جلياً أن الاضطرابات في المحافظات الإيرانية ناشئة من الداخل، وكم كانت إثارة النزاع بين المجتمعات المحلية ذات فائدة كبيرة على النظام الإيراني في الماضي، لذلك حاولت طهران مفاقمة التوترات الكردية- الأذربيجانية لا سيما في محافظة أذربيجان الغربية، حيث تعيش هاتان المجموعتان معاً ولديهما شكاوى ضدّ بعضهما البعض. كما عمل النظام على استمالة المشاعر القومية الإيرانية في أوساط النخبة الاقتصادية والسياسية. ويشمل ذلك نخب المعارضة، التي عندما واجهت احتمال اندلاع نزاع عرقي في الماضي، لم تكن العديد من هذه الشخصيات مستعدة للمخاطرة بسيطرتها على المحافظات أو هيمنة اللغة الفارسية لصالح معالجة مشاكل الأقليات أو تحقيق الإصلاح الديمقراطي([31]).
يرى فريق آخر من المحللين أن الأهم من ذلك هو أن مؤسسي هذا النظام هم أشخاص ثوريون لا شيء يخيفهم أكثر من مجرد ثورة مضادة. وقد استخلص قادة إيران الحاليون عدداً من الدروس من ثورتهم ضد الشاه، ومن جهودهم السابقة لقمع التحركات الثورية المضادة:
الحاجة إلى قيادات قوية وحازمة، فقد ساهم ضعف الشاه وتردده في نجاح الثورة، وهذا جزء من السبب الذي دفع الجمهورية الإسلامية إلى المسارعة بقمع الاحتجاجات السابقة.
ضرورة أن تكون القوى الأمنية مدربة، ومجهزة وموظفة على النحو السليم، وأن تتلقى توجيهاً واضحاً ودعماً سياسياً قوياً. وقد أنفق النظام الكثير من المال على قوات مكافحة الشغب، على الرغم من أنه من غير الواضح مدى انضباط هذه القوات وحسن تدريبها.
ضرورة الحفاظ على الروح المعنوية، والتماسك في صفوف القوات الأمنية. ومع ذلك، فإن كلا العاملين يتأثران بالتركيبة الاجتماعية للوحدات الفردية، فضلاً عن الانقسامات الاجتماعية والطبقية الموجودة في المجتمع الإيراني. ويشكل هذا الأمر مشكلة حقيقية في ظل الاحتجاجات الراهنة؛ لأن العديد من عناصر القوى الأمنية ينحدرون وفقاً لبعض التقارير من الطبقتين الدنيا والمتوسطة في البلاد ومن المدن والبلدات الصغيرة، أي إنهم ينتمون إلى الفئة نفسها المكلفين بقمعها([32]).
انتهج النظام في قمع احتجاجات 2009 و2017 أربع سياسات، هي:
- تجنب استخدام القوة المميتة على نطاق واسع.
- التشديد على الاشتباكات وجهاً لوجه لتخويف المعارضين من ذوي القلوب الضعيفة.
- استهداف كبار زعماء المعارضة بالإقامة الجبرية والعزل لمدة غير محددة.
- كسر الروح المعنوية للمتظاهرين وحماستهم من خلال الاعترافات المتلفزة والتعذيب والإهانات الجنسية، والإفراج السريع عن المحتجزين ليتمكّنوا من إخبار الآخرين عن المعاملة الوحشية التي تعرّضوا لها([33]).
الخاتمة
يمكن اعتبار أن الحركتين الاحتجاجيتين في 2009 و2017 هما أضخم انفجارين اجتماعيين واجها نظام ولاية الفقيه في تاريخ الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وبالرغم من الاختلافات البنيوية الغائرة بين المكونات الإثنولوجية والجيوبولوتيكية في الحركتين، وما أسفر عنهما من نتائج مباشرة؛ فإنهما كذلك يلتقيان في عدد من المرتكزات الرئيسة والأساسية، منها: ازدياد النقمة الاجتماعية على النظام، واتساع رقعة الرفض المجتعمي لآليات عمل المؤسسات الدستورية والقانونية والأمنية في البلاد، إلى جانب الربط المجتمعي المستحدث بين الأزمات الاقتصادية والتنموية الداخلية كعَرَضْ، والسياسات الخارجية للبلاد كمرض يتسبب في العرض الظاهر بالمجتمع من الداخل. عليه؛ يمكن استشراف مستقبل الوضع في إيران استناداً على دراسة تينك الحركتين الاحتجاجيتين ومحاول التنبؤ بالمحددات الفيوتشرولوجية من خلال النقاط التالية:
1- تؤدي هذه الاحتجاجات إلى تنامي أزمة النظام بالمجتمع الإيراني، بحيث يبدو النظام عاجزاً أو غير راضٍ عن وضع حلول لتلك الأزمات في ضوء السقف المرتفع لمطالب المتظاهرين، خصوصاً أنهم طالبوا بإسقاط النظام رأساً؛ مما ينذر بمزيد من الأزمات وتعميق التدهور الحاصل في القطاع المصرفي وقطاعات اقتصاد البلاد الحساسة، مع دخول الحزمة الأولى من العقوبات الأمريكية حيز التنفيذ في يوم الاثنين السادس من أغسطس (آب) 2018.
2- تبني الإدارة الأمريكية مواقفها السياسية مع النظام على تلك الاحتجاجات، وتوجه له انتقادات في مناطق ضعف لا يمكن إخفاؤها، لذلك توقع الخزانة الأمريكية العقوبات على إيران في ضوء مطالب المتظاهرين، وتتخذ واشنطن من تلك الاحتجاجات منصات لإسناد التهم إلى النظام الإيراني، لا سيما أن النظام يساعد على ذلك من خلال سياساته وسلوكه الحقوقي بحق المتظاهرين والناشطين، ولعل أبرز مثال على ذلك واقعة الوفاة المحاطة بالغموض للناشط البيئي مزدوج الجنسية سيد كاووس إمامي.
3- ليس من المنظور أن يتفادى النظام الإيراني اتساع رقعة الاحتجاجات أو حدوث موجات احتجاجية أخرى، مع الأخذ في الاعتبار أن هناك موجة احتجاجية كبيرة بدأت يوم الثلاثاء 26 يوليو (تموز) 2018 ولا تزال مستمرة حتى وقت كتابة تلك الأسطر، (بدايات أغسطس/ آب) بحكم المواقف المتصلبة للنظام وتخليه عن مرونته البراجماتية التي اتصف بها تاريخيا، خاصة في مرحلة ما بعد انتهاء الحرب الإيرانيةـ العراقية.
4- يعرض النظام الإيراني وجوده السياسي لخطر محدق ما لم يغير من سياساته الداخلية المتعلقة بالتعيينات في الوظائف الحساسة، ويتبع مبدأ أصحاب الخبرة بدلا من أصحاب الثقة. على سبيل المثال تعيين عبدالناصر همتي (الخبير التأميني) في منصب محافظ البنك المركزي الإيراني، بالرغم من خبرته المنعدمة في القطاع المصرفي لأنه كان من قادة الحرب مع العراق في الثمانينيات وهو من ذوي الثقة وليس من ذوي الخبرة؛ لأن ذلك أحد عوامل النقمة الاجتماعية على النظام، فضلا عن تغيير سياساته الإقليمية التي تسبب له موجات انتقاد وقطيعة في محيطه الإقليمي والخليجي والدولي، لذلك يجب أن ينأى النظام بالنفس عن التدخل في شؤون الدول الأخرى، مثل دعم الجماعات المسلحة في طاجيكستان، ودعم الحركات الانفصالية والانقلابية والمسلحة في دول الشرق الأوسط، ويكف عن تمويل العمليات المسلحة في أوروبا وأمريكا، كما يكف عن دعم الجماعات المسلحة وعصابات الاتجار بالبشر والمخدرات في المغرب العربي وغرب أفريقيا.
5- ليس من المستبعد أن يتمكن المتظاهرون من الشعوب غير الفارسية (عرب تركمان بلوش أكراد أذر) من تكوين تحالفات مع القومية الفارسية لمحاولة تغيير النظام، ويمكن التنبؤ بذلك من خلال الدعم الأمريكي والدولي الكبير الذي يصب في تلك الزاوية، ويمكن استقراء تلك الحالة من خلال تحري المواقع الإلكترونية والمنصات الناطقة بالفارسية التي دشنها النظام الأمريكي، فضلا عن النماذج الفيدرالية التي توصل إليها المعارضون الإيرانيون البارزون في أوروبا وأمريكا.
[1]() باحث مصري متخصص في الشؤون الإيرانية، رئيس «المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية» (مصر).
[2]() رصد الباحث وجود عدد كبير من وسائل الإعلام الدولية لتغطية الانتخابات الرئاسية الإيرانية عام 2009، ومن ذلك التغطية الكبيرة التي خصصتها هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي للحدث، بعد أن حصلت بصعوبة على موافقة من السلطات لتغطية الانتخابات، ومن المفارقات أن مراسل الهيئة في طهران وقتها، عامر سلطان، الذي كان قد ذهب لتغطية الانتخابات، قام بتغطية الاحتاجات وهو عمل لم يكن مخطط له من قِبَل الهيئة البريطانية.
[3]() كان مهدي كرّوبي أحد أعضاء لجنة تعديل الدستور مختاراً من الخميني عام 1989، ثم انتخب نائباً في مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان) عن مسقط رأسه (مدينة أليجودرز في غربي إيران)، وتولى رئاسة البرلمان مرتين الأولى بين عامي (1989ـ1992) والثانية بين عامي (2000ـ2004)، أما مير حسين موسوي فشغل منصب وزير خارجية إيرن في الفترة من 15 أغسطس (آب) 1981 حتى 15 ديسمبر (كانون الأول) 1981، ثم رئيسا للوزراء بين 31 أكتوبر (تشرين الأول) 1981 و3 أغسطس (آب) 1989، قبل أن يدمج التعديل الدستوري في العام نفسه، منصبي رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية في منصب واحد.
[4]() يمكن مطالعة هذه الشعارات من خلال التقرير التالي:
[5]() حميد، صالح، إيران: المظاهرات خرجت بدوافع سياسية وحضور شبابي مكثف، العربية، السبت 27 يناير (كانون الثاني) ويمكن مطالعة التقرير كاملا من خلال الرابط التالي:
[6]() شعبان، محمد، احتجاجات إيران.. بين عامي 2009 و2017 ما الذي تغير؟ يورو نيوز، الثلاثاء 2 يناير (كانون الثاني) 2018. ويمكن مطالعة التقرير كاملا من خلال الرابط التالي:
[7]() حميد، صالح، إيران: المظاهرات خرجت بدوافع سياسية وحضور شبابي مكثف، مصدر سبق ذكره.
[8]() Iranian Demonstrations June 2009, Honoring the Victims, Iranfront, youtube report, june, 30, 2009. https://goo.gl/XXEYSv
[9]() المرأة حاضرة باحتجاجات إيران.. دعت للتظاهر ورفعت شعارات، العربية، السبت 6 يناير (كانون الثاني) 2018، ويمكن مطالعة التقرير من خلال الرابط التالي:
[10]() اعتبرت المرأة أيقونة الحركتين وظهرت الفتيات بالملابس الخضراء في حركة 2009، بينما اعتبرت فتاة خلعت الحجاب في وسط طهران أيقونة حركة 2017، ونشرت المحامية والحقوقية نسرين ستودة، تدوينة من خلال حسابها على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك قالت فيها: «تؤكد تحقيقاتنا أن الشابة، التي لا نعرف اسمها حتى الآن، اعتقلت في نفس اليوم». لقراءة التقرير كاملا يمكن مطالعة الرابط التالي:
[11]() صابري، هايدي، مظاهرات إيران.. المرأة سيدة الـ«مشهد»، العين، الجمعة 29 ديسمبر (كانون الأول) 2018 ويمكن مطالعة التقرير من خلال الرابط التالي:
[12]() نشرت وسائل الإعلام يوم الأحد الموافق 29 يوليو (تموز) 2018 أن المجلس الأعلى للأمن القومي في إيران وافق على رفع الإقامة الجبرية المفروضة على المرشحين الإصلاحيين للانتخابات الرئاسية في 2009 مير حسين موسوي ومهدي كروبي لقيادتهما حركة احتجاج على انتخاب الرئيس الشعبوي محمود أحمدي نجاد، وذلك بحسب حسين كروبي نجل القيادي الإصلاحي، وقالت التقارير: إن التصريح منشور في موقع كلمة الإصلاحي المقرب من مهدي كروبي، لكن السلطات التنفيذية لم تنفذ القرار حتى تاريخه، ويمكن مطالعة واحد من تلك التقارير من خلال الرابط التالي:
https://goo.gl/wsvDSW
[13]() حميد، صالح، مقتل شرطي إيراني بالرصاص والقوميات تنتفض.. الاحتجاجات مستمرة في طهران وأذربيجان والأحواز وكردستان، العربية، الاثنين 1 يناير (كانون الثاني) 2018 ويمكن مطالعة التقرير من خلال الرابط التالي:
[14]() النقاط الخمس من حديث للدكتور حسين سيف زادة، أستاذ العلوم السياسية في جامعة مونتجمري، خلال ندوة عقدها مركز مفكري العلوم الإنسانية في إيران، وتحدث فيها عدد من المفكرين، بالتعاون مع جمعية علم الاجتماع وجمعية العلوم السياسية، ونقل فحواها إلى العربية المعهد الدولي للدراسات الإيرانية، ويمكن مطالعة الندوة كاملة من خلال الرابط التالي:
[15]() حركة الإصلاح الإيراني أو «حركة الثاني من خرداد» هي عبارة عن ائتلاف سياسي مكوَّن من (18) جماعة وحزباً سياسياً، ويشار إليهم كونهم من مؤيدي البرامج الإصلاحية التي قدمها الرئيس الإيراني محمد خاتمي عام 1997، ولذلك كانت تلك الحركة مقربة للغاية من الرئيس الراحل هاشمي رفسنجاني وداعمة للمرشحين الإصلاحيين مير حسين موسوي ومهدي كروبي. المصدر: جمع الباحث المعلومات من مصادر متفرقة.
[16]() Muir, Jim, Poll test for Iran reformists, BBC, Thursday, 10 February, 2000. Link: https://goo.gl/sE4fZ6
[17]() من حديث لأستاذ العلوم السياسية في جامعة طباطبائي، أبو الفضل دلاوري، ندوة مركز مفكري العلوم الإنسانية في إيران، مصدر سبق ذكره. بتصرف.
[18]() فوكوياما، فرانسيس، من محاضرة ضمن فعاليات «القمة العالمية للحكومات بدبي» 2018، راجع: قطيش، نديم، فوكوياما: هكذا ستنفجر إيران، الشرق الأوسط، الجمعة، 23 فبراير (شباط) 2018، ويمكن مطالعة الموضوع كاملا من خلال الرابط التالي:
[19]() الساعدي، رمضان، إفلاس بنوك إيرانية والشرطة تهاجم المطالبين بأموالهم، العربية، 19 يونيو (حزيران) 2017. ويمكن مطالعة التقرير كاملا من خلال الرابط التالي:
[20]() مظاهرات بإيران إثر إفلاس مصارف وعجزها عن دفع الودائع، الخليج أون لاين، الجمعة 23 يونيو (حزيران) 2017. ويمكن مطالعة التقرير كاملا من خلال الرابط التالي:
[21]() شبح الإفلاس يطارد مؤسسات مالية ضخمة في إيران، 24، الأربعاء 31 مايو (أيار) 2017. ويمكن مطالعة التقرير كاملا من خلال الرابط التالي:
[22]() راجع: تصريحات عضو الهيئة العلمية الاقتصادية في جامعة أصفهان، والخبير الاقتصادي محمد حسين أديب، ويمكن مطالعتها من خلال الرابط التالي:
[23]() Shaffer, Brenda Provinces Lead the Center in Iran›s Protests, POLICYWATCH 2908, Washington Institute, January 4, 2018. https://goo.gl/sZx7dk
[24]() bid.
[25]() العدوي، عبير، بدء العد التنازلي لسقوط الملالي.. متظاهرو أذربيجان الأتراك ينضمون للثورة ويشتبكون مع وحدة عسكرية، العرب مباشر، السبت 6 يناير (كانون الثاني) 2018. ويمكن مطالعة التقرير كاملا من خلال الرابط التالي:
[26]() فحص، مصطفى، الحراك الأذري.. قنبلة موقوتة ترعب النظام الإيراني، سكاي نيوز عربية، الأربعاء 3 يناير (كانون الثاني) 2018، ويمكن مطالعة التقرير كاملا من خلال الرابط التالي:
[27]() الهزاني، أمل عبدالعزيز، من عمق الحراك الإيراني، الشرق الأوسط، الثلاثاء، 2 يناير (كانون الثاني) 2018، بتصرف، ويمكن مطالعة المقالة كاملة من خلال الرابط التالي:
[28]() قاسم، روشن، تحليل: خريطة الاحتجاجات تسلب النظام ورقة الفتنة العرقية، الشرق الأوسط، الخميس 4 يناير (كانون الثاني) 2018، بتصرف، ويمكن مطالعة التقرير من خلال الرابط التالي:
[29]() أبو النور، محمد محسن، حلال لنا حرام على غيرنا.. قادة إيران يستخدمون تويتر وفيسبوك وإنستجرام ويحجبونها عن المجتمع.. روحاني الأبرز على منصات التواصل الاجتماعي.. ويستغلها للترويج لحملته الانتخابية، اليوم السابع، الخميس 11 مايو (أيار) 2017. ويمكن مطالعة التقرير كاملا من خلال الرابط التالي:
[30]() انظر: مع تصاعد الاحتجاجات.. إيران تحجب تلغرام وإنستغرام.. فما هي الدوافع؟ الحرة، الاثنين 1 يناير (كانون الثاني) 2018. الرابط:
[31]() Shaffer, Brenda Provinces Lead the Center in Iran›s Protests, Ibid.
[32]() Eisenstadt, Michael, Protests in Iran: Why? What Impact? How Should the U.S. Respond? POLICYWATCH 2910, January 8, 2018, Washington Institute, https://goo.gl/FiP6XQ
[33]() Ibid.